Sunday 29th August,200411658العددالأحد 13 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الريـاضيـة"

صدى صدى
من الصين إلى أثينا... والجرح ينزف
عبيد الضلع

امتدادا لمشاركاتنا التي يمكن تصنيفها تحت مستوى خط الفقر في كأس العالم بكوريا واليابان، مروراً بكأس آسيا بالصين، ها نحن في عرس العالم الرياضي في اليونان نسجل حضوراً باهتاً لا يتناسب مع مواهبنا ولا إمكانياتنا الفنية والمادية، فعدنا بدون أكاليل الغار؛ لأن عودتنا صنفت تراثياً تحت عنوان (خفي حنين).
كم هو الأمل خادع كالسراب الذي نشاهده باستمرار في صحرائنا، فعندما أحرز البطل صوعان فضيته في سيدني زرع الأمل في نفوسنا العطشى للميداليات، فتطلعنا بقوة إلى أثينا، وتخيلنا الأصفر الثمين يزين صدور بعض أبطالنا، وراية التوحيد ترفرف عالياً في سماء الإغريق، والنشيد الوطني السعودي يخترق حاجز الصوت في ملاعب أثينا.. كنا نحلم لأربع سنوات قادمة بعد أولمبياد سيدني، فالوقت لصالحنا (وعلى صدورنا فضية صوعان وبرونزية العيد)، وهناك حسن الاستعداد إضافة إلى ارتفاع المعنويات، وسنجني من مشاركتنا في أثينا -إن شاء الله- ذهبية على أسوأ تقدير.
ولكن -ويا له من استثناء قاتل- تبخرت الأحلام، وعدنا لمسح السبورة.. فقلنا إصابات وختمناها بقلة إمكانيات، والتمسنا لأنفسنا (أعذار خادعة) ستكون هي وقود الفشل في المشاركات القادمة.
لا تنصبوا المشانق وعودوا للمدارس
يجب علينا شكر أبطالنا، فقد قدموا ما يستطيعون، وكان كل واحد منهم يأمل برفع علم الوطن عالياً وتسجيل اسمه بمداد الذهب في التاريخ الأولمبي، ومحاولة تحميلهم فشل المشاركة هو الفشل بعينه؛ لأننا بذلك سنخسرهم ونزرع الشك في المواهب التي ستظهر مستقبلاً.
فما العمل إذن..؟ الخطوة الأولى التي ستضعنا على طريق الذهب الأولمبي هي (اكتشاف المواهب) في سن صغيرة، فصوعان عندما أحرز فضية سيدني كان على مشارف الثلاثين من عمره، وهذه السن لا تسمح له بتطوير قدراته بعد أربع سنوات، وهذا ما لم نفهمه حينها، فضغطنا على بطلنا نفسياً وصرخنا بداخله (بالإمكان أفضل مما كان)، وطالبناه بالتفوق على إمكانياته، فأصيب قبل أثينا، وقد يكون هذا سبباً غير مباشر لخروجه المر.
واكتشاف المواهب عمل صعب، ميدانه الأول (المدارس)، ورجاله هم مدرسو التربية الرياضية، وهذا الجانب هو ما نفتقده كثيراً، فدور المدارس معطل برغبتنا -حتى إشعار آخر- وطالما هو كذلك فلن تبرز لدينا مواهب إلا في سن أكبر يصعب فيها صقل الموهبة للأفضل وتطويع الجسم وتنمية القدرات، كاكتشافنا لسعد شداد وصوعان والسبع وغيرهم.
لم يكن سبعاً
كان حسين السبع رائعاً وهو يتقدم الوفد السعودي الرياضي رافعاً راية التوحيد، وفي مشيته الواثقة في الميدان خلق في نفوسنا احلاماً جميلة بتحقيق إحدى ميداليات الوثب الطويل، كيف لا وأرقامه تعدت حاجز الثمانية أمتار، وحسن استعداده يؤهله لذلك، وكم كانت مفاجأة محبطة لرياضيي المملكة عندما (مُنع) من المشاركة، فظهرت بعض صحفنا تشير إلى إصابته، ولكن جهينة صعقتنا بالخبر اليقين، عندما حامت حوله الشكوك بتناول المنشطات في بطولة العالم العسكرية، والسبع يؤكد براءته، والقائمون على اتحاد ألعاب القوى يطعنون في نتائج التحاليل لوجود أخطاء فنية في عملية الفحص.
وقبل ان نبرئ لاعبنا، فهناك ثلاث حالات -بعد المشاركة العسكرية- مَنْ المسئول عنها؟ وهي:
الحالة الأولى: إن مشكلة السبع (المنشطات) لم تكن وليدة اللحظة في أثينا، والقائمون على الاتحاد يعلمون بنتائج الفحوصات قبل أكثر من شهرين وحاولوا التفاهم مع الاتحاد الدولي العسكري بهذا الشأن، أي أنهم غضوا الطرف عن هذه المشكلة حتى وصل البطل السبع إلى الباب الموصود في أثينا.
الحالة الثانية: تم إيقاف السبع قبل بداية الألعاب الأولمبية بحوالي ثلاثة أسابيع، ومع ذلك سمح القائمون على اعداده له بالمشاركة وتم ضمه رسمياً للوفد فخلقوا بذلك حرجاً لمشاركة المملكة أمام أنظار العالم، ووضعوا رياضيي المملكة في موقف لا يحسدون عليه، كما خلقوا إحباطاً للمواطنين الذين كانوا يأملون مشاركة بطلهم ولم يعلموا بالحقيقية الا عندما تسربت بعض الأخبار -على استحياء- في الصحف، إضافة إلى إصابة طموح هذا البطل بمقتل.
الحالة الثالثة: قال القائمون على الاتحاد إنهم سيستأنفون قرار إيقافه لمبررات يرون أنها كافية لتبرئته، وذلك أمام المحكمة الرياضية الدولية في سويسرا، ولكن ماذا ينفع استئناف الحكم بعد انتهاء العرس الرياضي، ومَنْ يُعيد للسبع توهجه، وهل ستبقى حالته الرياضية على تألقها بعد أربع سنوات من الآن ليتمكن من تعويض حلمنا الضائع؟.
غيض من فيض
- المنتخب العراقي بدون ملاعب ولا إمكانيات مادية، وبمدرب وطني وبرجولة، حقق بكرة القدم ما عجزت عنه الدول الآسيوية ذات الإمكانيات الأفضل.
- جدول الميداليات يضم أسماء دول صغيرة في مساحتها وفقيرة في إمكانياتها.
- أغلب لاعبي دول إفريقيا كاثيوبيا وكينيا وناميبيا وغيرها يعيشون ويتدربون في أوطانهم.
- بعض لاعبي دول أمريكا الوسطى والكاريبي يدرسون ويتدربون في الولايات المتحدة.
- حسين السبع أضاع على نفسه فرصة تاريخية عندما عرضت عليه إحدى الجامعات الأمريكية -قبل سنوات- منحة دراسية مقابل تطوير واستثمار موهبته.. (أبطال الكاريبي وأمريكا الوسطى لا يفوتون مثل هذه الفرص).
- لن نرى عشاق الفلاشات من إداريي الاتحادات الرياضية الذين يظهرون بعد كل إنجاز، ومحاسبة المقصرين يجب ان تطالهم أولاً.
- وجه رياضي مشرق في أثينا هو الحكم الدولي للكرة الطائرة عبدالله الخليفي.
- ماذا لو كان الخليفي حكماً لكرة القدم؟ فحتماً سيطاله التكريم وتقال فيه القصائد العصماء.
- قبل بداية الألعاب الأولمبية انشغل وسطنا الرياضي بعدم مشاركة الحكم ناصر الحمدان في إدارة المباريات الذي قيل إنه مصاب. ويبدو ان حكمنا -الذي يفخر بإحرازه المركز الأول باختبار كوبر- حاول التفوق على إمكانياته في الجري فأصيب.
- المعلق نبيل نقشبندي كان أيضاً وجها رياضيا مشرقا.
- أسهل الأعذار لمداراة الفشل هو (نظرية المؤامرة).
- كل الرجاء ألا تكون محاولة تبرئة السبع من تهمة المنشطات قضية ساخنة نحاول بها صرف النظر عن فشلنا الكبير في أثينا.
- الرماية، الفروسية، السباحة، ألعاب القوى، رفع الأثقال.. (لم ينجح أحد).
- اندونيسيا - ما غيرها - حققت أربع ميداليات (ذهبية، فضية، برونزيتين).
- (الامكانيات المتوافرة) كلمتان لا يعرفهما ولم يسمع بهما أبطال اثيوبيا.
- بوفد قليل العدد لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحد، عاد وفد الإمارات مزيناً بالذهب.
- سياسة (التجنيس) التي اتبعتها قطر قديما وحديثا، والبحرين حديثاً لم تنفعهما، فلم يتأهل أي من لاعبيهم إلى الأدوار النهائية، وما حك جلدك مثل ظفرك.
وأخيراً..
يظل السؤال بعد كل مشاركة رياضية فاشلة: متى نتعلم من أخطائنا.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved