Thursday 16th September,200411676العددالخميس 2 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

2.36 تريليون إجمالي حجم التجارة الإلكترونية المتوقع عام 2004م في العالم 2.36 تريليون إجمالي حجم التجارة الإلكترونية المتوقع عام 2004م في العالم
التجارة الإلكترونية لدول الجنوب مطلب حيوي للتطور
ضرورة وجود استراتيجية قومية للتعامل مع تكنولوجيا الاتصالات

* القاهرة - مكتب الجزيرة - خالد الجوهري:
يشير نمط التوزيع الجغرافي للتجارة الإلكترونية ومستخدمي الإنترنت في العالم حتى تلك المرحلة إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ما زالا هما السوقين الرئيسيتين للتجارة الإلكترونية في العالم ، وذلك بالنظر إلى المستوى المتقدم الذي حققته تلك الاقتصاديات في مجال البنية الأساسية والمعلوماتية للتجارة الإلكترونية ، أو بالنظر إلى نصيبها من الصادرات العالمية من السلع والخدمات القابلة للتعامل بالتجارة الإلكترونية ، وفي المقابل ما زالت الاقتصاديات النامية -التي تشغل جنوب هذا العالم- تحتل نسبة هامشية من حيث نصيبها من تلك التجارة .
لقد تصاعدت خلال الفترة الأخيرة موجات عاتية من مخاوف الدول النامية على امتدادها وبكامل مفرداتها في جميع قارات العالم من التلويح العلني والقاسي للعصا الغليظة العولمة وتأثيراتها وانعكاساتها على مجمل الأوضاع الاقتصادية العالمية وامتداداتها السلبية الحتمية على أوضاع التنمية الهشة في مجموع الدول النامية بعدما تعرضت لكوارث وأزمات اقتصادية دامية خلال السنوات الماضية جرفت في طريقها الرموز الاقتصادية التنموية.وطبقا لتقدير منظمة (الأونكتاد) التابعة للأمم المتحدة، بلغ حجم التجارة الإلكترونية عالميا 278 مليار دولار في عام 2000، وازدادت في عام 2001 إلى 474 مليار دولار، وإلى 823 مليار دولار عام 2002 ، وتوضح التقديرات أن حجم التجارة الإلكترونية وصل في عام 2003 إلى 1408 مليارا دولار، وسيصل إلى 2367 مليار دولار بحلول نهاية عام 2004.
وعلى الرغم من تفاوت تقديرات حجم التجارة الإلكترونية في العالم ، ونصيبها من إجمالي الصادرات العالمية ، فإن الحقيقة الثابتة أن هذا النمط الجديد من التجارة ، قد شهد نموا متسارعا خلال السنوات الخمس الأخيرة، كما تتصاعد تقديراتها المتوقعة خلال العقد المقبل ، الأمر الذي يعكس الاتجاه المتصاعد لاعتماد الاقتصاد العالمي على الوسائط الإلكترونية بشكل عام في إنجاز المعاملات التجارية والمالية.
لقد كانت التجارة الإلكترونية مؤشرا لبداية الانضمام إلى الاقتصاد العالمي فقد فتحت الباب على مصراعيه لأداء الأعمال عبر الحدود الإقليمية وقد تحولت المنافسة إلى المستوي العالمي بين الدول وأصبحت التجارة إلكترونيا واقعا لا بديل عنه ، أما الدول التي تسرع الخطى نحو تحقيق التنمية والتقدم الاقتصادي لشعوبها في ظل النظام العالمي الجديد فهي تمثل بالنسبة لهم السرعة والدقة والمرونة في تنفيذ الخدمات وإنهاء الإجراءات والمعاملات وتخطى حاجز الزمان والمكان ، وقد بدأت دول العالم تتجه إلى تبعية الاستفادة من التنمية الحديثة والتقدم التكنولوجي في مجال الاتصال لتحقيق أقصى فائدة من التجارة الإلكترونية في مجال جذب الاستثمارات ودفع عجلة النمو الاقتصادي وقامت بعض الحكومات في العالم بإيجاد وسائل فعالة ومباشرة لضمان بيئة إلكترونية آمنة أهمها البيئة التشريعية والقانون المحفز للتجارة الإلكترونية، وقد تكون التجارة الإلكترونية بمثابة الجسر بين الدول النامية والمتقدمة وثغرة يتحطم من خلالها الحاجز الرقمي وتحاول الدول المتقدمة من خلالها تطوير اقتصادها القومي، ومن جانب آخر قد تلعب التجارة الإلكترونية دور المحرك للتقدم الاقتصادي والقدرة على الإنتاج والتنمية للدول النامية.
التجارة الإلكترونية ودول
الجنوب..تحديات متعددة
الواقع أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الدول النامية في سبيل محاولة إعادة تشكيل التدفق الجغرافي غير المتكافئ للتجارة الإليكترونية على المستوى العالمي وجذب جزء ولو صغير من هذه التجارة باتجاه الجنوب، وتتمثل أهم هذه التحديات في ضرورة إيجاد بنية معلوماتية قوية ومتطورة على مستوي شبكات الاتصالات وميكنة الأعمال وإعداد كوادر فنية داخل بيئة نظام عمل مناسبة ، مع إيجاد إطار تشريعي وتنظيمي ملائم واستحداث نماذج لإدارة وأداء عمليات الإنتاج والتجارة باستخدام آليات التجارة الإليكترونية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسرعة التغيرات للأسواق والصناعات والخدمات والوظائف والقدرة التنافسية والإمكانيات الفنية والتقنية والكوادر البشرية والخدمات المساعدة والتمويل والتأمين والنقل والمعلومات، هذا بالإضافة إلى العديد من التحديات الثقافية والسياسية والاجتماعية، وقد تناولت العديد من الدراسات هذه التحديات، والتي من أهمها توفير بنية متطورة للاتصالات ونظم جيدة لإدارتها وإصدار القوانين والتشريعات اللازمة لحماية معاملات التجارة الإلكترونية مع توفير نظم وثقافة العمليات المصرفية والنقود الإلكترونية وكروت الدفع الإلكتروني، وإنشاء البنية التكنولوجية اللازمة للدفع الإلكتروني وتعميمها على البنوك حتى يمكن إجراء الصفقات التجارية إلكترونيا، وعلى الدول النامية أيضاً أن تتبنى قوانين التجارة الإلكترونية حول حقوق الملكية الفكرية عبر شبكة الإنترنت وتتكيف معها، وذلك حتى لا تتحول إلى وسيلة جديدة للتعدي على حقوق الملكية الفكرية.هذا بالإضافة إلى ضرورات التنمية الاجتماعية والبشرية ووجود استراتيجية قومية وإرادة سياسية للتعامل مع تكنولوجيا الاتصالات.
التجارة الإلكترونية ودول الجنوب..قضية محورية لا بديل عنها
إن هناك العديد من الجوانب فيما يرتبط بمتغيرات التكنولوجيا الصناعية وجهود سد الفجوة الرقمية واللحاق بعصر الحكومة الإلكترونية في عصر يقاس فيه الفارق بين الدول والأمم والأفراد بمدى قدرتهم على التعامل مع المعلومات والارتباط بتكنولوجيا الاتصال الحديثة، فهناك ضرورة للتركيز العاجل على التجارة الإلكترونية لدورها المتنامي في الاقتصاد العالمي داخل الدول وفي معاملاتها الخارجية، وهو ما يحتم على الدول النامية تركيز وتكثيف نشاطها في مجال التجارة الإلكترونية على سبيل التحديد بحكم توسعها في قطاعات حيوية يمكن أن تعود بالفائدة على اقتصاديات هذه الدول مثل السياحة والسفر والفنون وتسويق الإنتاج المحلي وصناعة الخدمات خاصة قطاع الخدمات المالية والمصرفية والتأمين والاستشارات الهندسية والمحاسبية والقانونية على امتداد معاملات السوق الدولية . وبالإضافة لذلك فإن هناك أيضا ضرورة للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وما أحدثته من متغيرات جذرية وهامة في نطاق التعلم وتوسيع نطاق التعلم عن بعد ومن خلال المنزل وكذلك في نطاق توفير الخدمات الصحية وإتمام كافة الخدمات والمعاملات مع أجهزة الدولة والشراء والبيع من خلال شبكات الإنترنت وهو ما يغير بشكل حيوي صورة الخدمات العامة والاجتماعية والاقتصادية وتعاملاتها ومجالاتها .
والتحول إلي الحكومة أو منظمات الأعمال الإلكترونية ودخولها عصر التجارة الإلكترونية وعلى خلاف ما يعتقده الكثيرون ليس قضية تقنية وحسب أساسها الحاسبات الآلية وشبكة الانترنت وشبكات الاتصالات وغيرها من الجوانب السابق - الإشارة إليها- على أهميتها ، ولكنها وفي الدرجة الأولى قضية إدارية في الأساس تعتمد على فكر إداري متطور وقيادات إدارية واعية تستهدف التطوير وتسانده وتدعمه بكل قوة حتى تحقق ما تهدف إليه.
ولذا، فإن مستقبل الدول النامية في حقل التجارة الإلكترونية مرهون بقدرتها على تفهم أبعاد متغيرات العالم الاقتصادية العاصفة والتعامل مع عصر الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية والتحولات من الاقتصاد السلعي إلى اقتصاد الخدمات الواسع النطاق وما يعنيه من تكثيف الاعتماد على رأس المال البشري بديلا عن رأس المال العيني، وبالنظر إلى المؤشرات العالمية القائلة بأن عام 2005 سوف يشهد ارتباط مليار نسمة في العالم بالإنترنت وما يعنيه ذلك من تزايد واسع النطاق لبرامج الكومبيوتر والخدمات المتصلة والاستثمارات الضخمة في الاتصالات والإمكانيات الكبيرة لمشاركة الدول الصغيرة وجني جزء هام من العوائد والمنافع والأرباح فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية يرتبط بالأساس بالسعي لسد الفجوة التكنولوجية وتأهيل هذه الدول للتعامل مع تكنولوجيا المعلومات من خلال إجراءات للعمل المشترك والسياسات اللازم تطبيقها على مستوى كل دولة والجهود اللازمة لتوفير الاستثمارات والتمويل اللازم للمشروعات الضخمة اللازمة في هذا المجال بالإضافة إلي الدور الحيوي للقطاع الخاص والمؤسسات المالية والبنوك لتكثيف الجهود في هذه الأنشطة باعتبارها أنشطة فائدة للتنمية المستقبلية ومحددة لقدرة اقتصاديات هذه الدول على اللحاق بركب العصر من عدمه في ظل تحول تكنولوجيا المعلومات إلى ضرورة من ضرورات التعامل الدولي وضرورة من ضرورات التحديث والتعامل للداخل والمحلي وارتباطها بالقدرة على التطوير والتحديث التكنولوجي الذي يعكس افضل معاني العالم من قدرات وإمكانيات وقيمة مضافة عالية .
إن كافة متغيرات الزمن والعصر تشير إلى ضخامة الفجوة التكنولوجية وإلى المعدلات المتسارعة لزيادة الهوة المصرفية والعلمية بين الدول النامية والدول الصناعية المتقدمة وهو ما يصنع واقعيا وعمليا فوارق ضخمة في مستويات المعيشة وفي معدلات التنمية وفي نوعية النمو وتوجهاته ويكشف في نفس الوقت عن احتكار عالمي للثروة والتقدم للدول المتقدمة وعن حرمان عالمي من الثروة والتقدم للدول النامية . وعلى الرغم من كل ما يتطلبه ويحتاجه سد الفجوة التكنولوجية والمعلوماتية من أموال ضخمة واستثمارات كبيرة تفتقر إليها الغالبية العظمي من الدول النامية وتعجز عنها إمكانيات المواطنين بها إلا أن استكشاف الوسائل والطرق من خلال التعاون الوثيق بين دول الجنوب وتفعيل الإمكانيات والقدرات الذاتية ومجالات العمل المشترك يصبح نافذة الضوء الوحيدة في عمل تتناقص فيه بإصرار المساعدات والمنح الحكومية من الأغنياء للفقراء ويصر فيه الأقوياء على إدارة شئون العالم الاقتصادية والتجارية بما يضمن استحواذهم على كافة المنافع وعلى جميع الأرباح والعوائد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved