Thursday 16th September,200411676العددالخميس 2 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "لقاءات"

الحلقة الرابعة الحلقة الرابعة
( الجزيرة ) تفتح ملف انعكاسات الأعمال الإرهابية على الوطن والمجالات المختلفة
بين مؤازر وعاتب على الأداء المهني.. الإعلاميون يضعون أصواتهم خارج صحفهم.. ويدينون (الإرهاب)

إعداد ومتابعة: مسلّم الشمري
من الصعب على الإنسان السويّ المسلم أن يقتل والده أو والدته، أو يهدم منزله ويدمّر سيارته، أو يضرّ بمصالح أشقائه وجيرانه؛ فالخلايا الإرهابية وعناصرها المارقة, قتلت الطاعنين في السن رجالاً ونساءً، وأطفالاً وشباباً، واستهدفوا ممتلكات الوطن ومقدراته، وأضرّوا بمصالح الشعب واقتصاده، متجاهلين قول الله تعالى: {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (32) سورة المائدة؛ فهذه الآية القرآنية الكريمة تؤكد أن هؤلاء المخربين المجرمين الإرهابيين شاذون وبعيدون كلّ البعد عن تعاليم الإسلام السمحة العادلة الوسطية، فهؤلاء المارقون استهدفوا النفس البريئة، سواء كانت مواطنة أو مقيمة، معاهدة أو آمنة، وشوهوا صورة الإسلام بإفعالهم القبيحة.
(الجزيرة) تفتح ملفاً موسعاً حول انعكاسات الأعمال الإرهابية في بلادنا الطاهرة على جميع المجالات الإسلامية والثقافية والاقتصادية والسياحية عبر سلسلة حلقات نستضيف فيها المختصين والأكاديميين وصناع القرار.
في حلقة اليوم نستعرض معكم انعكاسات هذه الأعمال الإرهابية على صحافتنا المحلية بشكل عام، وعلى إسهام هذه الأحداث في بروز عناصر إعلامية متميزة بطرحها وتغطيتها ومتابعتها للأحداث. في الأسطر التالية يتحدث لكم أعزائي القراء عدد من الأكاديميين المتخصصين والإعلاميين المتميزين؛ فإلى التفاصيل:
*****
في البداية تحدث الدكتور أيمن محمد حبيب نائب رئيس تحرير صحيفة (عكاظ) السابق قائلاً: لا شك أن الصحافة السعودية تأثرت سلباً وإيجاباً من جراء تجربة الإرهاب المريرة التي عانى منها العالم كما عانت منها، السعودية بل إن معاناة المملكة أكثر من غيرها؛ نظراً لاستهداف الأعمال الإرهابية العديد من المناطق والمنشآت الحيوية، وتأثرت الصحافة سلباً لانشغالها كثيراً بمعالجة ودواعي وتداعيات الحرب على الإرهاب ومكافحة ومقاومة الأعمال الإرهابية البشعة، وقد نقول: إن الإعلام العالمي برمته تأثر سلباً وإيجاباً من جراء الحرب على الإرهاب ولو أجرينا مسحاً احصائياً شاملاً لكم المواد التي تلقفتها وسائل الاعلام العالمية لوجدنا أنها شُغلت زمن بثها أو مساحات نشرها بضخ إعلامي يدور حول محور واحد هو الإرهاب؛ الأمر الذي حرم المستفيدين والمشاهدين من أي اضافات تنويرية معرفية تثقيفية. ومن أوجه التأثير السلبي ان هناك من ذوي الفكر الضيق من حاولوا ان يشوهوا بعض الحقائق من أجل مصالحهم المذهبية أو العقدية واستغلوا انشغال الاعلام وسربوا ما يريدون بثه من سموم وهذا من اخطر التأثيرات السلبية.
وأضاف الدكتور ايمن: أما التأثير الإيجابي فقد اتضح من خلال وعي كثير من الاعلاميين بضرورة التنبه للهاجس الأمني وأبعاد الفكر المتطرف الذي يقود الى هذه الاعمال ويفرضها ويرتكبها اصحاب الفكر الضيق والنظرة المحدودة والشعور الانتقامي المرعب، وجعلهم يقفون على مساحة الخطر بحجمها الطبيعي، رغم أن كان هناك بعض المنساقين للغفلة الاعلامية والخطر المتربص بوطننا وحياة مجتمعنا وطموحات اجيالنا.
وأشار الدكتور حبيب الى اننا لو اجرينا مسحا موضوعيا على معظم الطروحات الاعلامية بشكل شمولي لوجدنا ان هناك معالجة اعلامية ولكن لا ترتقي الى مستوى الحدث إلا مادة نادرة او استثنائية، ولعلنا نتساءل: لماذا يستمر البعض في التعامل بمحدودية مهنية أو بغفلة فكرية؟ فيكون الجواب ان المؤسسات الإعلامية لم تدرب وتؤهل الكوادر الإعلامية الشابة او حتى المتمرسة وتجهيزها للتعامل مع هذا النوع من الأحداث والفكر الضال ولا أعني بالبروز الإعلامي تكرار الاسم أو ظهور زملاء صحفيين أكثر من غيرهم، ولكن النهج الاعلامي لم يستطع ايصال الرسالة التوعوية التنويرية الهادفة الى كل فئات وشرائح المجتمع ولا بد ان نتعاطى مع الأحداث وفق حجمها وضخامتها اعلامياً حتى تكون هناك صياغة للفكر الاعلامي في التعامل مع الاخطار والأحداث بمعنى ان نميز بين حريق محدود وبين ان يكون هناك انفجار تدميري لمرفق حيوي. وأرى ضرورة وجود دراسات متعمقة تثقف الاذهان الاعلامية وتشعر بالخطر الذي يحدق بنا.
وفي هذا السياق يقول الدكتور عبد الرحمن بن سعد العرابي رئيس تحرير صحيفة (الندوة) سابقا وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز: الصحافة - أخي الكريم - كما تعلم تمثل مثلها مثل غيرها من مؤسسات المجتمع المدني عاملاً حيوياً في تنمية المجتمع وتطوره؛ ولهذا فتأثرها بالعمليات الإرهابية امر طبيعي جداً؛ لأن تلك الأعمال الإرهابية تسعى الى خلخلة التماسك المجتمعي في المملكة وإيقاف سير العملية التنموية الشاملة التي يشهدها المجتمع السعودي في كل مجالاته؛ ولذا فمن الذكاء سعي القائمين والعاملين في المجال الصحفي المحلي الى تفويت الفرصة على الإرهابيين وعكس توقعاتهم ومساعيهم في إحداث تأثيرات سلبية نتيجة لأفعالهم الدنيئة الى الاستفادة من تلك الأحداث بطريقة ايجابية وذلك بتنوير المجتمع وكل اطيافه بخطورة الافكار المنحرفة والأيديولوجيا ت التكفيرية التى وان ارتدت لباس الدين وجبب الإسلام. ولن يحدث ان يتحقق ذلك اطلاقاً الا بخلق استراتيجيات اعلامية صحفية مبنية على اسس علمية ومنهجية سليمة وبإشراف قيادات فكرية قادرة، فالواقع اثبت ان من يقود العمليات الإرهابية يستندون إلى رؤى وتفسيرات وتأويلات فكرية يزعمون صحتها وهذه لا يجابهها ويبين زيفها سوى فكر منهجي وعلمي ناضج وسليم.
واضاف الدكتور العرابي: بكل أسف ان الأحداث الإرهابية التي شهدتها المملكة برغم خطورتها على البناء المجتمعي المحلي لم تؤد إلى ظهور عناصر اعلامية مميزة في صحافتنا المحلية لسيطرة الفكر التقليدي على الصحافة المحلية. فالصحافة - اخي الكريم - لم تعد مهنة من لا مهنة له، ولم تعد متكئاً لكل من هب ودب؛ فهي الآن صناعة تعتمد في كل اساسياتها وتفاصيلها على الفكر العلمي الممنهج ولم يعد للصدفة وتكدس الاوراق وحمل الاقلام مكان فيها. ولكي تحدث الصحافة المحلية تأثيراً ايجابياً كبيراً وتصنع صحفيين مميزين يتعاملون مع الاحداث بطريقة مهنية عالية لا بد من تغيير بنيتها تغييراً جذرياً وأما بقاء الحال على ما هو عليه الآن فلن يخلق صحافة مؤثرة، لا اليوم ولا مستقبلا.
من جهته يقول الاعلامي المعروف الاستاذ مساعد الخميس (قناة ابو ظبي): بالتأكيد لا بد لمثل هذه الأحداث إن وقعت لدى أي مجتمع أن تؤثر بشكل كبير في الناحية الايجابية من خلال الساحة الكبيرة للصحافة التي تخلقها مثل هذه الاحداث ورعم مساوئ هذه الاعمال الا ان الصحافة بشكل عام تجد لها فرصة كبيرة للتحرك والرصد والمتابعة لأدق التفاصيل لهذه العمليات والجماعات. وأتصور ان من الطبيعي ان نسبة التوزيع ايضا ترتفع.. لشغف القارئ بالاطلاع على أدق التفاصيل والمعلومات ولا سيما الصور التي تصاحب التغطية وقد تكون الانعكاسات السلبية محدودة بشكل كبير على الصحافة نفسها فيما لو أحسن رئيس التحرير اختيار القائمين بالتغطية والمتابعة للحدث. ويمكن ان يكون هناك بعض السلبيات التي تتحملها الأجهزة الأمنية من خلال ذكر بعض المعلومات المغلوطة والاجتهادات غير الصائبة. ويظل هذا الأمر شيئا طبيعيا في ظل أحداث وأعمال إرهابية بهذا الحجم.
وحول مساهمة هذه الأحداث في ظهور عناصر إعلامية مميزة يقول الخميس: بالتأكيد لا بد ان يكون هذا الأمر.. ولا سيما إذا ما علمنا أن هذا الأمر تجاوز الحدود الداخلية.. بل إن هذه الأعمال أسهمت في خلق عناصر وكوادر صحفية خارج السعودية.. إذ ان من الطبيعي جداً ان يكون هذا الأمر.. ولا سيما أنه يحدث هنا في المملكة قد جعل كفاءات وأسماء شابة خلال فترة وجيزة من الاسماء اللامعة التي تسعى إلى استقطابها الكثير من القنوات الفضائية ارتكازاً على ما تحققه هذه الأسماء من جهود ملحوظة وبصمة مميزة في متابعة الحدث والرصد والانفراد فيما نقرؤه بين حين وآخر في أكثر من صحيفة سعودية.
أما الاعلامي المعروف الاستاذ حامد الغامدي فيقول: لا شك انه رغم مساوئ هذه الأعمال الإرهابية إلا انها أسهمت إلى حد كبير في اهتمام الصحافة المحلية بفتح مساحة كبيرة من صفحاتها لهذه الأحداث ورصد ومتابعة كل جديد والبحث والتنقيب عن عناصر هذه الخلايا ومعرفة نشأتهم ومراحل تعليمهم وإلى أين سافروا ومتى انخرطوا في التنظيمات الإرهابية ومحاولة الربط والتحليل بين هذه العناصر الإرهابية من قبل الصحفيين الذين اسندت اليهم المتابعة ورصد المعلومة عن هذه العناصر آخذين بعين الاعتبار المنافسة الشريفة مع الصحف الاخرى ومحاولة السبق الصحفي في هذا الاطار، وكذلك تغطية الأحداث التي تقع ميدانيا ومحاولة تشخيصها وتحليلها بكل دقة لكسب ثقة القراء ورفع نسبة التوزيع، بالاضافة الى اهتمام جميع وسائل الاعلام العربية والعالمية والفضائية - على وجه التحديد - بكل ما ينشر حول هذا الموضوع في صحفنا المحلية لنشره وإسناد الخبر الى هذه الصحيفة او تلك وكذلك وكالات الانباء العالمية التي كثيراً ما تبث اخباراً مستندة الى صحيفة سعودية وجميع هذه الايجابيات حفزت صحافتنا على التطور والتعامل مع الأحداث بكل مهنية.
وأشار الاعلامي الغامدي الى ان هذه الاحداث التي تشهدها المملكة من عنف وإرهاب تحظى باهتمام دولي خلقت صحافيين مميزين واصبح لهم حضور قوي في هذه الاحداث من خلال المتابعة والرصد والتحليل والتشخيص والربط الجيد بين مجريات الامور؛ مما جعلهم يأخذون حيزاً كبيراً من خلال استقطابهم كمتابعين ومراقبين في نشرات الاخبار في القنوات الفضائية العربية.
وفي هذا السياق يقول الاعلامي في قناة (العربية) الفضائية الاستاذ تركي الدخيل: اعتقد ان الازمات دائماً تصنع اعلاماً أكثر احترافية فهي تختزل في اوقات قصيرة خبرات حتى تتراكم، أما في الأوضاع الطبيعية فتحتاج الى أوقات اطول منها في الازمات. وبلا شك ان الاعمال الإرهابية اجبرت الصحافة على تخصيص زملاء صحافيين يتابعون القضايا الإرهابية ومع الوقت أصبحوا محترفين يهتمون بجمع المعلومة ومتابعتها ومحاولة تحليلها.
وأضاف الدخيل ان ازمة الإرهاب أسهمت ايضاً في اهتمام الصحافة بالمعلومة وفرزها وإعادة تصنيفها وجمع المعلومات التي تنشرها وزارة الداخلية عن الإرهابيين وعن حياتهم قبل ان ينخرطوا في التنظيمات الإرهابية وكل ذلك أسهم الى حد كبير في تطوير الصحافة المحلية وصناعة مختصين في قضية من هذا النوع الذي تعدى الوطنية وأصبح عالمياً.
وأشار الدخيل الى ان هذه الازمة خلقت اسماء اعلامية جيدة تحلل وتشخص وتحرص على المعلومة الدقيقة وتربط العناصر الإرهابية ببعضها وأصبح لها قيمة مقدرة ليس فقط في صحافتنا السعودية بل على مستوى الاعلام العربي.
من جهته يقول مدير مكتب صحيفة (عكاظ) في منطقة تبوك الزميل الاستاذ عبد الرحمن الشمراني: لا شك ان الصحف المحلية قامت بدورها الاعلامي في نقل تفاصيل الاحداث الإرهابية التي وقعت في عدد من مدن المملكة رغم بعض المعوقات التي كانت تعترض العمل الصحفي الميداني وخاصة في بداية الأحداث بسبب الطوق الأمني الذي يتم عادة في مثل هذه الأحداث لاعتبارات أمنية مبررة. والحقيقة ان الصحفيين الذين أسندت إليهم صحفهم مهمة متابعة هذه الأحداث قد بذلوا جهودا أعتبرها بكل امانة جهوداً مضنية لجلب المعلومة الصحيحة وتوثيقها؛ مما أكسبهم خبرة في التعامل مع هذا النوع من الجرائم. والمتتبع للتغطيات الصحفية في هذا الاطار يلمس بشكل واضح تطور الطرح الصحفي من حادثة لأخرى وهذا الأمر يسجل لصالح صحفنا المحلية، بيد ان قلة من الصحفيين الذين قاموا بتغطية الأحداث الإرهابية شاب أداءهم شيء من المبالغة والاجتهاد الشخصي في نقل المعلومة وربما ظهر ذلك من خلال الفارق في المعلومة الاحصائية بين صحيفة وأخرى.
وعن مساهمة هذه الأحداث في خلق عناصر اعلامية مميزة يقول الشمراني: استطيع القول ان بروز الصحفي الميداني أمر طبيعي ولا سيما في مجال الجريمة ومنها هذه الاحداث الإرهابية لأن من يتعاطى صحفياً مع هذا المجال يجد نفسه أمام الحدث الذي يبرز اسمه شريطة ان يمتلك بداية المقومات التي تعينه على مجاراة هذا الحدث نقلاً وتحليلاً بعكس أي عمل صحفي آخر خارج نطاق الجريمة؛ حيث يفرض هنا الصحفي قوة طرحه على الموضوع الذي يتناوله. وقد برزت عناصر صحفية جيدة خلال تناولها وتغطيتها الاحداث الإرهابية التي وقعت في المملكة، وربما لم يكن لها لتبرز بهذا الشكل لو لم تخض هذه التجربة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved