Thursday 16th September,200411676العددالخميس 2 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

باختصار باختصار
نوبل للإجرام!
نورة المسلّم

أعتذر أولاً للقارئ الكريم عن فظاظة هذا العنوان الذي اشتق من جائزة نوبل للسلام، على اعتبار السلام في الأساس نبيلاً ومطمئناً، حتى وإن كان رمزياً فقط.
أما مسألة ترشيح المجرمين في هذا العالم لجائزة على غرار نوبل، أو هي بنفسها، فلأنهم يتكاثرون ويتوالدون مثل الفطر، وهم، رغم اختلاف مآربهم ومشاربهم ومللهم وعقائدهم، يتفقون على الموت وشرب الدماء والتفنن في طرق القتل والتنكيل.
ورغم أن النجومية المحزنة الآن هي لمثل هذه المآسي، وأنها تخترق ضمير الإنسانية، إلا أنها حاضرة ومتسيدة الواقع شئنا أم أبينا، على حين أن السلام، لفظاً ومعنى وقصيدة مهملة ومهجورة، أصبح من المتواريات خلف الأنقاض. وعندما تتحدث عنه في مجريات ما يحدث، تجد أنه من المنالات البعيدة والتي أصبحت تتنافى مع منطق التهديد والفوضى وجميع تلك التفاصيل التي تتساوى عندها قيمة الإنسان والحجر.
يخطر بذهني المجرمون الأكثر جرأة واعترافاً بحقوقهم، في نيل مثل هذه الجائزة، هل سيتقدمون لها أم إن أمثالهم سيحترفون مسألة التمويه خلف الأعذار والحجج والمبررات، مثل تقديم مثل (شارون) كرجل سلام حسب منطق ما، وهو يفاوض على القتل والإبادة البشرية بحجة محاربة الإرهاب؟ بينما يتقافز آخرون لتوزيع أدوار الجرائم بشتى صنوفها من أجل تلقين العالم درساً آخر في هوية الإسلام.
لا شك في أننا كنا نحن أحد ضحايا أداء هذا المسرح الدرامي (الدراكولي) بحجة انتمائنا إلى صفوف المتفرجين، ولا بد لنا أيضاً أن نرشح لمثل هذه الجائزة شخصاً أو جهة أو دافعاً، فقد حكمنا بالتلقين والتلقي ما حيينا، رغم أن الأسف هنا هو أنه لن يتقدم لنيلها المتزاحمون والمتفرقون في استباحة الدماء، والذين تناوبوا على أداء رقصة الموت، لأن أدوارهم خفية، وتنظيماتهم سرية أيضاً وتحركها الأسماء الوصفية.. حتى الظاهرون منهم ومن يفرزون لهذا العالم منطقية اعتبار الإجرام جزءًا من معالجة الواقع الإرهابي الذي لا بد من القضاء عليه.
لا بد من إشاعة نقيض آخر، وهو أن العالم الذي يتنافى مع مثل هذه الحجج في إشاعة الفوضى التي لا تجد فيها مبرراً واحداً يحمي الإنسان أو كرامة البشرية، يجب ألا يجيز مثل هذه المجازر كأنها أصبحت من البدهيات النافذة على القانون ومترافعيه.
ويبدو أن ناشطي السلام في العالم الذين يعدون على الأصابع كونهم ينتمون لمنظمات فردية لا تستند إلى أنظمة دول قوية، سيكونون أول المتساقطين برصاص اللغة الأقوى بحجة تنظيم هذا الكون العابث والمعبوث به.
ولكم أن تعودوا، مثلاً، إلى عدد ضحايا الحرب من الإعلاميين الذين قتلوا في العراق عمداً أو سهواً، لأنهم ليسوا سوى بشر، وماذا يعني؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved