Thursday 16th September,200411676العددالخميس 2 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الريـاضيـة"

سامحونا سامحونا
الاحتياجات الخاصة.. اتحاد من ذهب!
أحمد العلولا

بلغ الازدحام ذروته.. والمكان لم يعد بمقدور طاقته إمكانية استيعاب المزيد.. حيث امتلأ للآخر
.. كان هناك المدير المناوب يتابع المشهد ويصدر تعليمات لموظفيه بهدف تحقيق سرعة الانجاز والعمل على اخلاء صالة القدوم من العائدين للعاصمة بعد الاستمتاع برحلات الصيف.
.. المكان: مطار الملك خالد الدولي وتحديداً في صالة الطيران الأجنبية
.. يشاهد من مكتبه قدوم مجموعة من الشباب السعودي وهي ترتدي اللباس الرياضي بشعار الوطن!
.. يسأل نفسه: أي منتخب هذا؟ وأين كان؟ وبماذا شارك؟
.. انه لا يعلم ولا يعرف.. ويتابع ضاحكاً: انها مسؤولية صحافة كرة القدم!!
.. يتحرك من مكتبه باتجاه الشباب فيلمح قبل الاقتراب منهم بخطوات آثار ومظاهر التعب على أجسادهم.. يبادرهم بالتحية والترحيب.. يطالع ميداليات الذهب على صدورهم.. فترتسم الابتسامة على محياه.. وتصدر منه كلمات عفوية موجهة لهؤلاء الشباب.. يا زين الذهب.. والله (اشتقنا) له بعد اخفاق منتخب القدم في آسيا!!
.. وبالتأكيد.. فأنتم رفعتم اسم المملكة ورؤوسنا كمواطنين في مناسبة رياضية.. وقبل التعرف على كافة التفاصيل.. فانه من باب الواجب أولاً.. ومن ثم التقدير والشعور بنشوة الانتصار.. وهذا أضعف الإيمان الذي نستطيع القيام به أقول حياكم الله بدون انتظار وعلينا خدمتكم وتسهيل اجراءات الدخول واستلام حقائب السفر
.. يقول الصديق عبدالمحسن المعيوف الذي كان إدارياً مرافقاً لوفد الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة العائد من تونس بعد رحلة شاقة مرورا بدمشق وقد حصد 22 ميدالية (نصفها) من الذهب وذلك في بطولة الأولمبياد الخاص الرابعة للشرق الأوسط ودول شمال افريقيا.. انها فرحة ما بعدها فرحة.. كانت كلمات موظف المطار بمثابة البلسم الشافي لمتاعبنا خاصة وان اللاعبين من ذوي الاعاقة الذهنية مما يتطلب التعامل معهم بطريقة مغايرة للآخرين.
.. يتابع المعيوف قائلاً: لقد كانت فرحة اللاعبين لا توصف من جراء التقدير وإضافة لمسات من مشاعر المحبة الصادقة التي وجدوها من أسرة مطار الملك خالد الدولي الذين امطروهم بعبارات الثناء والاعجاب على ما حققوه من انجازات لوطنهم ولهم أيضاً كأفراد على المستوى الشخصي تغلبوا على الإعاقة بالتحدي وبرهنوا على قدرتهم في تحقيق طموحاتهم المشروعة.
كوادر وطنية (كاملة الدسم)
النتائج الباهرة التي انتزعها أبطال الإعاقة الذهنية في ألعاب القدم والسباحة والقوى وكرة الطاولة جاءت بلون ومذاق ونكهة خصوصية تثير درجة عالية من الاعجاب إذا عرفنا أن الكادر الفني والإداري بما فيه من مشرفي اعاقة ومدربين هم من الشباب السعودي المؤهل في ميدان التربية الخاصة. وفي ذلك تأكيد على مدى كفاءة وقدرة أبناء الوطن حينما يمنحون الثقة على تحقيق التفوق رغم تواضع فترة المشاركة في تلك البطولات التي بدأت مؤخرا على المستوى الخليجي ولم تكن النتائج هدفا مرسوما بقدر الرغبة في المشاركة وكسر حاجز الخوف.. فالكويت التي تعتبر رائدة في ميدان رياضة الفئات الخاصة وجدت منافسة شريفة من قبل لاعبي المملكة الذين تمكنوا من سحب البساط من تحت أقدام (الأزرق) وتحويله - للأخضر - منذ عامين خلال بطولة الخليج التي أقيمت بالرياض على مستوى ألعاب القوى وقد تفوق اتحاد الاحتياجات الخاصة السعودي في فرض هيمنته على ميداليات البطولة إذ انتزع (91) ميدالية منها (50) ذهبية موسعا الفارق بينه وبين أقرب منافسيه الكويت بـ18 ميدالية.. وتتوالى النتائج الباهرة التي لا يعرفها الإعلام الرياضي المحلي بعكس الوضع في الكويت حيث تجد رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة دعما واهتماما لافتا للأنظار.. على الرغم من التفوق السعودي في كرة الهدف، رفع الأثقال، كرة القدم، باستثناء كرة السلة للاعاقة الحركية التي بدأت متأخرة وحصدت المركز الأخير في بطولة الخليج بالبحرين لكن الوضع تغير للأفضل في البطولة التالية بالكويت إذ قفزت للمركز الثاني نتيجة الاهتمام الملحوظ في برنامج الإعداد واستثمار مذكرة التفاهم بين السعودية وبريطانيا حيث أقيم معسكر تدريبي مشترك بين منتخبي الدولتين.. وللإشارة فإن الاتحاد قد دفع بلاعبيه المتأهلين لأولمبياد أثينا إلى بريطانيا لكسب المزيد من الاحتكاك وتحقيق أرقام ومستويات أفضل بتواجد نخبة من المدربين البريطانيين.
.. ان اتحاد ذوي الاحتياجات الخاصة الذي لا يوجد له أثر يذكر من قبل قد تجاوز بما حقق من إنجازات سنوات تاريخه منذ ولادته.. وقد وقفت على خطة اعداد المشاركة في بطولة تونس والتطلعات المنشودة بهدف احتكار مسابقات البطولة الخامسة التي ستقام بالإمارات 2006م.
مشهد مؤثر بعيداً عن الإعلام!!
كان المهندس أيمن عبدالوهاب (مصري الجنسية) رئيس الاولمبياد الخاص في الشرق الأوسط وافريقيا يلتفت يمنة وشمالا لاستدعاء احد كبار الحضور لتتويج أحد أبطال السعودية بميداليته الذهبية.. بادرة عبدالمحسن المعيوف برجاء وبصيغة السؤال: ماذا لو فكرت في استدعاء أحد أولياء أمور اللاعبين الحضور للمشاركة في تكريم فلذات أكبادهم.. رد عليه عبدالوهاب هل شاهدت أحدهم؟
.. هنا اتجه عبدالمحسن المعيوف إلى والد اللاعب السعودي الذي كان يتابع بطولة السباحة برفقة أفراد عائلته وطلب منه مصاحبته لمنصة التتويج.. وقد تمكن من اقناعه فقام بتقليد ابنه ميدالية الذهب وسط دموع الفرحة التي انهزمت من عيني البطل وقد قبل رأس والده فيما كان الحضور يهتف طويلا تقديرا لهذا الأب الحنون الذي قدم من المملكة بغية تشجيع ومساندة ابنه وزملائه أيضاً..
.. حقا انه موقف رائع يعبر عن مشهد يثير مشاعر الفخر والاعتزاز.. كل هذا حدث في تونس دون علم أو معرفة به!!
ناد نموذجي
بكل صراحة يمكن القول بمرارة متناهية ان البنية التحتية من صالات ومرافق متكاملة للاعبين من ذوي الاحتياجات الخاصة تكاد تكون غير موجودة على الاطلاق.. لكن بالعزيمة والارادة من الكادر السعودي التدريبي علاوة على روح التحدي من جانب اللاعبين استطاع الاتحاد تجاوز تلك العقبة لفترة مؤقتة لأنه يثبت علميا انه بدون توفر الإمكانات المناسبة فإن النتائج التي تحققت قد تتوقف.. فيما تبذل دول الخليج وخاصة الكويت التي تمتلك ناديا انموذجا للمعاقين جهدا ماديا ومعنويا من اجل رياضة افضل لتلك الفئة العزيزة على قلوبنا.. لكن الأمل والتفاؤل يبقى قائما بالله سبحانه وتعالى بأن يتم تسخير كافة الإمكانات للأحبة أبنائنا في المملكة من ذوي الاحتياجات الخاصة والعمل على توفير وبناء مشروع رياضي متكامل.. ولعل ثقتي كبيرة جدا بسمو الرئيس العام لرعاية الشباب سلطان بن فهد الذي يترأس الاتحاد بالمبادرة في إعلان مشروع خاص من المؤكد انه سيحظى بالدعم والتبرع من قبل رجال الخير والأعمال والمشاركة في سرعة اخراجه إلى حيز الوجود.
وتبقى هذه الشهادة
إن اتحاد ذوي الاحتياجات الخاصة ينعم بوجود رموز اجتماعية ورياضية فاعلة.. ومؤثرة تبذل كل ما في وسعها لنشر رياضة المعوقين في كافة مناطق المملكة وهناك أكثر من 5 آلاف مشارك في حوالي 30 مسابقة محلية خلال الموسم.. رجال يعملون بصمت من بينهم الأستاذ إبراهيم العلي نائب رئيس الاتحاد حيث يعد الخبير الرياضي وإلى جانبه الأستاذ ناصر بن عبدالعزيز الصالح الأمين العام مهندس بطولات فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.. كما استشهد بالإنسان الرائع الذي استثمر وقته في الأعمال الخيرية والإنسانية عضو الاتحاد أمين الصندوق عبدالله بن سليمان المقيرن وهو (الحالة الفريدة) من بين أعضاء سائر الاتحادات الرياضية الذي قدم موافقته على العمل بالاتحاد مشروطة بتنازله عن أي حقوق مالية من انتداب أو اجتماع مجلس إدارة ونحوها.. لهذا (الثالوث) النشط.. ألف تحية تقدير ومحبة
.. وسامحونا!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved