Friday 24th September,200411684العددالجمعة 10 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "اليوم الوطنـ74ـي"

أمين عام مجلس الغرف التجارية الصناعية الدكتور السلطان لـ«الجزيرة »: أمين عام مجلس الغرف التجارية الصناعية الدكتور السلطان لـ«الجزيرة »:
توقعات بارتفاع الناتج المحلي إلى 714.9 مليار ريال هذا العام

* الرياض - عبد الله الرفيدي:
تحدث الأمين العام لمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية الدكتور فهد بن صالح السلطان عن جملة من الشؤون الاقتصادية التجارية، وعن الإنجازات الاقتصادية المتحققة خلال عام كامل.. وتناول عدداً من المسائل المتعلقة بالشأن الاقتصادي بالمملكة بمناسبة حلول اليوم الوطني المجيد.. وأيضاً الخطوات الملموسة للنهوض بالاقتصاد المحلي، والخطط المرسومة لتخطي معوقات اقتصادنا الوطني بشكل عام.
إنجازات اقتصادية
* كيف تنظرون إلى ما تحقق العام الماضي من إنجازات اقتصادية في المملكة؟
- حقق الاقتصاد السعودي أداء أفضل مما كان متوقعا العام الماضي، والاقتصاد كما يبدو على أبواب أداء مماثل للعام الثاني على التوالي بفضل ارتفاع اسعار النفط إلى مستويات فاقت كل التوقعات، فالموازنة الحكومية تجاوزت خلال عام 2003م بسرعة ما قُدِّر لها من عجز لتحقق فائضاً قدره 45 مليار ريال مما ساهم في رفع الإنفاق الحكومي وبالتالي ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي إلى 2.8 بالمائة.. ولقد انعكست كل تلك التطورات الاقتصادية المواتية على الأوضاع المعيشية للمواطن السعودي حيث واصل مستوى التضخم خلال العام الماضي انخفاضه للسنة السابعة على التوالي ليبلغ مؤشر تكلفة المعيشة 110.5 نقاط عام 2003م، مقارنة بـ 115 نقطة في عام 1997م بمعدل 4% خلال الفترة.. وخلال السنة المالية الجارية يتوقع الاقتصاديون فائضاً مالياً بحدود 220 مليار ريال بعد أن لامست أسعار النفط في بعض الأوقات عتبة الخمسين دولاراً للبرميل.
ومن المتوقع أيضاً أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري إلى 714.9 مليار ريال مقارنة بـ 603.6 مليار عام 1999م ليحقق نمواً أكثر من المستهدف بمعدل 3.44%، ومن مؤشرات الأوضاع الاقتصادية المواتية توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز بتخصيص 45 ملياراً إضافية تضخ لتحقيق المزيد من الرفاهية للمواطن السعودي عن طريق تمويل مشروعات تنموية ترتبط مباشرة بمصالح المواطن.
خطط وطنية
* يعاني الاقتصاد الوطني من الرتابة وعدم النهوض بشكل فاعل وخاصة في المجال الصناعي، كيف يمكن إيجاد خطة وطنية لكسر هذه الرتابة؟
- لا أعتقد ذلك بل على العكس فان اقتصادنا الوطني وعبر السنوات الماضية ولا سيما من خلال خطة التنمية السابعة شهد العديد من المبادرات التي استهدفت تطوير بيئة الاقتصاد وتشجيع التدفقات الاستثمارية وبخاصة الاستثمار الاجنبي المباشر.. ومن التطورات العملية على ارض الواقع والتي حدَّت مما قد يُعتقد انه (رتابة) نورد الآتي:
- إنشاء الهيئة العامة للاستثمار كهيئة مستقلة تُعنى بشئون الاستثمار المحلي والاجنبي في عام 2000م، والتي أوكل إليها تسهيل الإجراءات للمستثمرين واقتراح السياسات الهادفة إلى تطوير المناخ الاستثماري والترويج للفرص الاستثمارية.
- صدور نظام الاستثمار المحدث الذي ينص على المعاملة المتساوية للمستثمرين.
- صدور نظام السوق المالية بهدف إعادة هيكلة وتنظيم سوق رأس المال السعودي من خلال إيجاد المؤسس الهيكلي واستكمال بنيتها التحتية وفق المعايير الدولية.
- إنشاء صندوق لتنمية الموارد البشرية عام 1421هـ الموافق 2000م بهدف دعم عملية تأهيل وتدريب الكوادر البشرية لمقابلة احتياجات سوق العمل.
- اطلاق صندوق التنمية الصناعية السعودي لبرنامج كفالة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالاشتراك مع البنوك التجارية.
بالإضافة إلى ما سبق فقد شهدت السنوات الخمس الأخيرة كما تعلمون تقدماً ملحوظاً في عملية التخصيص شملت قطاعات الاتصالات والكهرباء والتعدين والموانىء والبريد والتأمين والسكة الحديد، وكلها تطورات مهمة لها ما بعدها بما يضفي زخماً جديداً وحيوية للاقتصاد الوطني.
* للنهوض بالاقتصاد المحلي كانت هناك خطوات عديدة مثل سن الأنظمة الجديدة لتشجيع الاستثمار الاجنبي.. هل ترون أن في ذلك الكفاية أم اننا بحاجة للمزيد من التفصيل وتطوير الأنظمة؟
- كما أشرنا في معرض ردنا على سؤالكم السابق فان الدولة قامت خلال السنوات القليلة الماضية بسن العديد من الأنظمة والتشريعات، كما أدخلت تعديلات جوهرية في بعض منها كل ذلك في إطار إستراتيجية محكمة تستهدف إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتهيئة البيئة والمناخ الملائمين للتدفقات الاستثمارية المحلية والعالمية.. طبعاً ليس خافياً أن هذه التطورات تسعى أيضا للمحافظة على وضع الاقتصاد السعودي في صدارة الاقتصادات الإقليمية والعالمية، ومع ذلك فثمة تحديات ما زالت تواجه اقتصادنا الوطني الأمر الذي يتطلب تسريع عجلة الإصلاح الاقتصادي، وإذا أخذنا في الحسبان أن حصة الاستثمارات الرأسمالية إلى الناتج المحلي تصل إلى 15% بالمملكة مقارنة بـ 27% لدى الدول النامية (وفقاً للإحصائيات المتوفرة) فان المملكة ربما تكون بحاجة إلى الإفادة أكثر من موقعها الاستراتيجي ووضعها الاقتصادي المميز لجذب هذه الاستثمارات أسوة ببعض الدول النامية مثل ماليزيا.
لذلك فان التعديلات الهيكلية التي أُجريت حتى الآن ربما لا تزال بحاجة إلى تعزيز ومتابعة مستمرة طالما أن الحاجة مستمرة للمزيد من التطوير في مواجهة المتغيرات المتجددة ولكن ما نحن بحاجة إليه هو التعامل الفوري مع بعض المعوقات الظاهرة للعيان لا سيما تلك المتعلقة بالأنظمة والإجراءات والبيئة الاقتصادية والمالية.. الواقع أننا لا نستطيع الحديث عن إجراءات (محدودة) في مواجهة تغيرات (غير محدودة) بل لا بد أن تكون الإجراءات مستمرة ومتراكمة.
* ألا ترون أن عدم وجود خطط ناجحة سوف يعيق التقدم الاقتصادي؟ وماذا تقترحون في هذا الصدد؟
- لا اعتقد أننا نعاني من خطط غير ناجحة بل على العكس فإننا نجني ثمار العديد من الخطط التنموية السابقة، مع ذلك فان التطورات المتلاحقة محلياً وإقليمياً وعالمياً قد تتطلب تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المملكة وربما أيضا إلى جانب ذلك، سياسات واستراتيجيات أكثر تناغماً وانسجاما مع متطلبات عصر العولمة والخصخصة والتنمية المتوازنة القائمة على تحالفات استراتيجية مع شركاء متعددي المعطيات والأهداف والرؤى.
الاستثمار الأجنبي
* الاستثمار الأجنبي ما زال محدوداً وما زالت المعوقات تقف أمامه.. ماذا يجب فعله لتسهيل تدفقه؟.. ما دور المجلس في ذلك؟ وما المطلوب من الجهات ذات العلاقة؟
- أعتقد أن المملكة وهي بالمناسبة أكبر اقتصاديات السوق الحرة في منطقة الشرق الأوسط (تمثل 25% من الناتج القومي الإجمالي للدول العربية) تستطيع أن تعدل هيكل اقتصادها بسرعة لتكون اكثر جاذبية للتدفقات الاستثمارية في ظل توفر المقومات والبنى التحتية المواتية.. إننا نرى كيف أصبح مناخنا الاستثماري أكثر جاذبية من ذي قبل بعد صدور نظام الاستثمار الأجنبي سواء للمستثمرين المحليين أو الدوليين على حد سواء.. فعلى سبيل المثال تشير إحصائيات الهيئة العامة للاستثمار انها تمكنت منذ إنشائها من منح تراخيص لأكثر من 2000 مشروع استثماري يقدر حجمها بنحو 15 بليون دولار أمريكي.. هنا نحن نتحدث عن ما قيمته نحو 50 مليار ريال من الاستثمارات الجديدة تمكنت الهيئة من جذبها خلال الفترة القصيرة منذ إنشائها، ومن المتوقع ومن خلال بذل جهود أكثر في إعادة هيكلة الاقتصاد أن تتجاوز قيمة الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة خلال العشرين عاما القادمة حسب ما يقول المسئولون تريليون دولار أمريكي تتوزع في قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات والبنية التحتية والبتروكيماويات والغاز والزراعة والسكك الحديدية وتقنية المعلومات والسياحة والتعليم واستخراج المعادن.. لكن التحدي دائماً هو تحسين القدرة التنافسية لاقتصادنا الوطني ووضع حوافز استثمارية تنسجم والتطلعات المستقبلية للاقتصاد من خلال تحفيز المجالات التي تخدم مثلاً الأنشطة التي تسهم في تطوير الإنتاجية ونقل وتوطين التقنية والصناعات ذات القيمة المضافة العالية والصادرات التي تعزز وضع التجارة الخارجية بمعنى أننا يجب ان نبحث عن التدفقات الاستثمارية ذات البعد الاستراتيجي.
* مع قلة صادراتها النفطية، وباعتبار أن المملكة من أكبر الدول المستوردة للسلع والمنتجات.. كيف تنظرون إلى آثار انخفاض الدولار على الاقتصاد الوطني من جهة تقليل الإفادة من ارتفاع الخام؟
- الاحصائيات تقول فعلاً إن الصادرات غير النفطية هي ما زالت تقبع بحدود 15% والمملكة من المنظور الاستراتيجي بحاجة إلى زيادة حصة هذا القطاع من خلال تبني حزمة من السياسة المحفزة لتصدير الصناعات الوطنية وبخاصة في تمتع العديد من المنتجات الوطنية بمزايا تنافسية تؤهلها للمنافسة بالأسواق الخارجية.
فتنمية التجارة الخارجية تعد من أهم أدوات التنمية الحقيقية لأنها تؤدي إلى: تنويع وزيادة الدخل وتحسين المنتج وتطوير التكنولوجيا.. نحن يمكن أن نعمل من جهة لزيادة صادراتنا غير النفطية، ومن جهة أخرى لتعظيم القيمة المضافة لصادراتنا النفطية من خلال التوسع في الصناعات المرتبطة بالخام.
سوق العقار والسعودة
* شهدت المملكة طفرة كبيرة في سوق العقار والأسهم.. على ماذا يدل ذلك؟ وهل يعتبر هذان النشاطان مؤشرين إيجابيين في الاقتصاد؟
- حققت الأسهم السعودية نمواً كبيراً خلال العام الماضي ووصل المؤشر إلى مستويات قياسية تواصلت خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.. وفي عام 2003م ارتفع سوق الاسهم بمعدل 76.2% ومن المتوقع تواصل الاتجاه التصاعدي للسوق خلال ما تبقى من عام 2004م في ظل إعادة هيكلة السوق وإقرار نظام السوق المالية الجديد.. وكذلك سوق العقار يشهد طفرة كبيرة وكلاهما يمثلان أدوات رئيسة داخل قنوات الاستثمار المحلي من قِبل المستثمرين. ومع ذلك فمن المعوَّل أن تلعب سوق الأسهم الدور الأهم في سياسة التخصيص التي تمثل أحد المحاور الإستراتيجية التي يتم تناولها على قائمة التحولات الهيكلية للاقتصاد السعودي كما يعتبر من اهم الآليات لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.
* البطالة ومجهودات السعودة هما من هموم الوطن الكبيرة والملحة.. كيف تقيِّمون جهود الدولة في هذا الجانب؟
- تمثل (السعودة) هدفاً استراتيجياً للمملكة يسعى إلى تحقيق التوازن بين العمالة الوطنية والوافدة في القطاع الخاص، لا سيما وان موازين قوى العمل على صعيد القطاع الحكومي تبدو وفق المعدلات المعقولة.. فالإحصائيات تشير إلى أن عدد السعوديين بالقطاع الخاص، لا يتجاوز 8.4% - 10% من إجمالي العمالة البالغة نحو 6.3 ملايين عامل.. وهكذا فان المعني بالسعودة عمليا هو القطاع الخاص الذي عليه واجب إيجاد الفرص الوظيفية للمواطنين سواء بالإحلال أو خلق فرص وظيفية جديدة.. والسعودة كإستراتيجية لا تفرضها فقط اعتبارات إحلال العمالة الوطنية مكان الوافدة، إنما يرتبط الأمر بحقيقة معدلات النمو السكاني داخل المملكة (3.5% سنوياً) وهي الأعلى عالمياً.. وتشير الإحصائيات الديموغرافية إلى أن نصف سكان المملكة يقعون ضمن الفئة العمرية (15سنة) فأقل ومن ثم فان اعداداً كبيرة منهم سيقتحمون سوق العمل خلال العشر سنوات المقبلة بحثاً عن وظائف.
نلاحظ هنا ان الدولة بدعمها المستمر للقطاع الخاص وبإعادة هيكلة الاقتصاد وخلق البيئة المواتية للتنمية والنمو قد أدت وما زالت تؤدي ما عليها لتهيئة القطاع الخاص للاطلاع بالمهام الموكولة إليه رغم الحاجة الماسة لتسريع وتيرة إعادة الهيكلة وغيرها من السياسات الاقتصادية المحفزة للتوسع في النشاط الاقتصادي.
* وهل هناك إمكانية حقيقية للقضاء على البطالة خاصة مع تزايد حاجة المواطنين للحصول على وظائف؟
- دعنا نقول إن القطاع الخاص يواجه تحديا يتمثل في الموازنة بين متطلبات استراتيجية السعودة والإحلال المدروس لعناصر العمالة الوطنية وضمان تأهيل قوة العمل الوطنية تدريباً واستيعاباً لمعطيات سوق العمل فالأمر في تقديري يتطلب تهيئة الشباب مهنياً حتى يكون قادراً على خلق قيمة مضافة في عمل معين يؤدي بالنهاية إلى زيادة النمو الاقتصادي بوجه عام ويضمن حياة مستقرة لذلك الشاب على وجه الخصوص.. هذه المعادلة لا يمكن أن تتم إلا بالتركيز على (المهننة) وهي بحد ذاتها تعني تأهيل الفرد مهارياً وعلمياً وسلوكياً ليقوم بتأدية عمل محدد في بيئة معينة.. وإذا ما تم ذلك فان قضية التوظيف (أو السعودة) ستكون تحصيل حاصل.. هذا التوجه بنظري سيساعد الأفراد والمؤسسات التعليمية على التركيز على البناء المهاري والسلوكي والعلمي للشخص وبالتالي تعزيز قدراته التنافسية للحصول على عمل، وهذا المنحى عمل حضاري بدلاً من أن يكون الاهتمام والتركيز على وجود وظيفة معينة بأسلوب الشفاعة أو غيرها.

د. فهد السلطان*
* أمين عام مجلس الغرف التجارية الصناعية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved