Saturday 9th October,200411699العددالسبت 25 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

مستعجل مستعجل
وصار الجرح جرحيْن
عبد الرحمن بن سعد السماري

لم يعد الجرح العربي اليوم.. جرحاً واحداً.. بل هناك جرح آخر اسمه.. العراق.
** العراق.. دخل في دوامة يبدو أنه أصبح من الصعوبة خروجه منها.
** اليوم.. الجرح العراقي.. ينزف بغزارة.. فيما ازداد النزف في الأشهر الأخيرة، وصار الموتى بالمئات في اليوم الواحد.
** أموات في بغداد، وأموات في البصرة، والفالوجة، وسامرّاء، والموصل، والنجف، وكربلاء، وغيرها، وغيرها.
** سيارة تسير مفخخةً وسط جمع من العراقيين يبحثون عن عمل، وعن لقمة عيش يسدّون بها رمق أولادهم؛ فيموتون بحجة أن هؤلاء كانوا يسعون للتجنيد في الشرطة العراقية أو الجيش العراقي أو الحرس الوطني العراقي.
** وهل هؤلاء أخطأوا عندما تقدّموا للتجنيد في جيش بلدهم.. أو شرطة بلدهم أو الحرس الوطني لبلدهم؟ هل أخطأوا عندما سعوا للحصول على لقمة العيش بدلاً من أن يموت أبناؤهم جوعاً أو مرضاً؟
** والجرح الفلسطيني اليوم .. ينزف بغزارة أكثر من ذي قبل.. واجتاحت المعدات الحربية الإسرائيلية المدن الفلسطينية.. وهكذا الطائرات العمودية والحربية تقصف مواقع فلسطينية.. ليموت العشرات والعشرات.
** اليوم.. لم يعد لنا قضية أو جرح واحد.. بل قضية هنا وقضية هناك.. وجرح هنا وجرح هناك.
** ويظهر لي من هذا كله... أن المنطقة ينتظرها المزيد من العنف والعنف المضاد؛ وبالتالي.. يصعب الخروج من هذا المنزلق الخطير.. كما يصعب وقف هذا الدم النازف بغزارة.
** لقد كانت التوقعات تبشر بمستقبل طيب للعراق.. وأن الأمور ستهدأ.. أو أن المواجهات ستنتهي بعد وقت، وأن المسألة.. مسألة وقت فقط.. غير أن الواقع غير ذلك.
** القاعدة تقول: إذا وُجد المحتل فسيوجد بداهة المقاوم.. وليس هناك احتلال على مرِّ التاريخ دون أن تكون هناك مقاومة.
** لم يُسجل التاريخ أن دولة احتُلت واستسلمت.. بل نجدها قاومت وقدَّمت عشرات الآلاف من الأموات.. لتفك أسرها.. وتُنهي احتلالها.
** الجرح العراقي.. قد يشهد المزيد من الدماء.. والمزيد من العنف.
** والوضع العراقي.. يرشح البلد.. للمزيد من التداعيات والسوء.
** أما الذين بشروا القوات الأمريكية بالنجاح الكبير، وأن أوضاعهم ستكون مريحة، وأن العراقيين سيستسلمون.. فقد كانت بشراهم كلها كاذبة.. وتخرّصات ليست في مكانها.. غير أن المشكلة أكبر عندما تكون المعارك والمذابح بين العراقيين أنفسهم.. وعندما تقود العراق إلى حرب طائفية أو صدامات محلية.. بين قبائل أو أحزاب أو أعراف أو مذاهب.
** نتمنى.. أن يرحل المحتل من العراق.. وأن تستقر أوضاع العراق.. وما من شك أن وضع العراق اليوم.. وضع مخيف للغاية.. كما أن رحيل المحتل في هذه الظروف.. قد يقود العراق إلى المزيد من المذابح.. خصوصاً أن البلد تتجاذبه أحزاب ومذاهب مسلحة بجيوش ومعدات ثقيلة جاهزة لذبح المزيد من العراقيين.
** أعود للبداية وأقول: إن أخبار العراق وأوضاعه.. وانفجارات العراق ومذابحه.. احتلت الصدارة في نشرات الأخبار في الأشهر الأخيرة بجدارة.. وغطَّت على الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. وغابت أخبار فلسطين وسط مذابح العراق.
** الجرح.. لم يعد جرحاً واحداً.. بل هما جرحان غائران في الجسد العربي المثخن بالمشاكل والجراح والإحباطات المتلاحقة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved