حينما تبعث الدول بوفودها الثقافية إلى دول أخرى، ماذا تريد من وراء ذلك؟ وما الهدف من بعث هذه الوفود؟
لا شك أن الهدف هو إعطاء صورة حقيقية ناصعة عن ثقافة الدولة، وفكرها، وعقيدتها، وسلوكها الاجتماعي، فالوفد يمثّل من أرسله بوضوح شكلاً ومضموناً، وإلا فإنَّ وفادته ستكون ذات أثر سيئ لا يخدم تلك الدولة التي بعثت به ليمثّل فكرها وثقافتها وسلوكها.
إنّ التمثيل الثقافي من أهم أنواع التمثيل، لأنه يعطي الآخرين صورةً عن ثقافة الوفد وبلاده، وانطباعاً عن حقيقة الحياة الثقافية والفكرية التي يعيشها البلد الذي يمثّله ذلك الوفد.
فإذا كانت الدولة - مثلاً - علمانيةً واضحةً، تعلن ذلك، وتراه المنهج الأمثل لها، فإنها ستختار لتمثيلها الثقافي من يوضح هذه الصورة ويرسّخها، ويؤدي رسالتها.
وإذا كانت الدولة إسلامية واضحة - مثلاً - تعلن ذلك، وتؤكد دائماً التزامها بشريعة الإسلام، حتى أصبحت نموذجاً لهذا الاتجاه، فإنها ستختار لتمثيلها الثقافي من يوضح هذه الصورة ويرسّخها ويؤدي رسالتها.
وهنا نتساءل: ماذا لو كان الوفد الذي تختاره دولة إسلامية مثلاً مشتملاً على من لا يمثّلها مضموناً، ولا يعبر عنها شكلاً؟ كيف ستصل رسالة تلك الدولة بوضوحها وجلائها.
وإذا كان المجتمع في تلك الدولة مجتمعاً ملتزماً محافظاً، يرى سفور المرأة وتبرّجها - مثلاً - مخالفاً لما أمر به الشرع الذي تطبقه تلك الدولة، ويرى الأفكار المخالفة للإسلام، والمذاهب الثقافية والأدبية التي لا تنسجم مع الدين داءً يجب علاجه، وانحرافاً لا يمتّ إلى ثقافة هذا المجتمع ودينه وفكره بصلة، فهل سيرضى هذا المجتمع أن يمثله من النساء والرجال من يخالف حقيقته، ويصادم فطرته، ويعارض منهجه؟
لا شك أن الإجابة عن هذه التساؤلات تؤكد أن تمثيل الدولة والمجتمع ثقافياً يجب أن يكون تمثيلاً صحيحاً معبّراً عن شخصية الدولة وثقافتها وسلوكها الاجتماعي.
إنّ الدولة التي تحمل رؤية إسلامية واضحة لا يصح - عقلاً وعرفاً، وقبل ذلك شرعاً - أن يمثّلها مثقف أو أديب أو مفكر يعرف عن مذاهب الغرب أضعاف ما يعرف عن دينه ومنهجه، ويعرض في مشاركاته ثقافةً وفكراً، مخالفين لثقافة الدولة وفكرها.
كما لا يصح أن يمثّلها مثقّفة تنطلق من منطلقات مخالفة لمنهجها سواء أكان في الثقافة والتصور، أو في الشكل والمظهر.
لا يمكن لأحدٍ أن يقول إن امرأة تخلع حجابها كاملاً يصح أن تمثّل مجتمعاً مسلماً محافظاً على الحجاب الذي يتفق جميع العلماء على وجوبه وان اختلفوا في هيئته.
التمثيل الثقافي مسؤولية عظيمة يجب علينا جميعاً أن نتعاون للقيام بها خير قيام بعيداً عن الشللية والتعصّب، وشرع الله هو المقياس.
|