في مثل هذا اليوم من عام 1898 وصل المفكر الصهيوني تيودور هرتزل إلى القدس عاصمة فلسطين لأول مرة بعد عام واحد من انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية عام 1897 الذي طرحت فيه فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. لم يكن هرتزل كما تؤكد أغلب المراجع التاريخية يهوديا بقدر ما كان صهيونيا. فقد ولد في العاصمة المجرية بودابست وانتقلت بعد ذلك مع عائلته إلى النمسا حيث عاشت في مدينة فيينا. وفي هذه المدينة تشبع بالثقافة الألمانية العلمانية ولم يتأثر كثيراً بالثقافة العبرية حتى أنه لم يكن يجيد التحدث باللغة العبرية. عمل هرتزل في الصحافة والمحاماة وكتب العديد من الروايات والمسرحيات. وفي عام 1896 أصدر أهم كتبه وهو (الدولة اليهودية) الذي تضمن فكرة إقامة دولة لليهود. وقد كان هذا الكتاب أول من تطرق إلى فكرة الوطن القومي لليهود في العصر الحديث. ورغم أنه قال إن فلسطين هي أفضل مكان لقيام مثل هذه الدولة دون أن يستبعد إمكانية إقامتها في أماكن أخرى مثل أوغندا بإفريقيا أو الأرجنتين أو شمال سيناء المصرية. وكانت أهم قرارات المؤتمر الصهيوني الأول هي الدعوة إلى حشد جهود اليهود في كل أنحاء العالم من أجل إقامة دولة يهودية في فلسطين وتأسيس المنظمة الصهيونية العالمية. وأدرك هيرتزل منذ البداية ضرورة ربط المشروع الصهيوني بالمشروع الغربي الاستعماري والاعتماد على دولة عظمى من أجل تحقيق هذا الحلم. وقد وقع الاختيار على بريطانيا التي كانت أعظم قوة استعمارية في العالم في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بالإضافة إلى وجود جالية يهودية تملك المال والنفوذ في بريطانيا. وعندما زار هرتزل فلسطين ووجد أنها عامرة بالفلسطينيين قال إنه لا يمكن للدولة اليهودية المنتظرة السماح بوجود هؤلاء الفلسطينيين بها ولذلك كان هرتزل أول من وضع أسس فكرة الترحيل أو الترانسفير للفلسطينيين. وفي يوليو 1904 أصيب بمرض عضال ومات بعد عاني من لوثة عقلية واضحة في آخر أيام حياته حيث كان يهذي وكأنه يتحدث أمام المؤتمر الصهيوني أو يباشر تنفيذ مخططاته في فلسطين.
|