Monday 15th November,200411736العددالأثنين 3 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الأمية والجوانب المهنية والصحية الأمية والجوانب المهنية والصحية
د. خليل إبراهيم السعادات/كلية التربية -جامعة الملك سعود

من العوامل المهمة المسؤولة عن تفاقم مشكلة الأمية في الوطن العربي عدم تحديد مفهوم الأمية وعلاقته بتعليم الكبار كعلم فما زلنا نسمع ونشاهد من يقول محو الأمية وتعليم الكبار أو تعليم الكبار ومحو الأمية بل ان هيئات ومؤسسات وإدارات تحمل هذا المصطلح والخطأ هنا يتمثل في أن تعليم الكبار كعلم يتضمن عدة مجالات منها محو الأمية، مواصلة التعليم العام أو الجامعي والثقافة الحرة، والتأهيل، والتدريب، واعداد القيادات والتعلم الذاتي وغير ذلك من المجالات. رصدت ذلك دراسة حول مؤشرات التنمية وخطط تعليم الكبار في الوطن العربي، وذكرت أن تعليم الكبار بات ضرورة ملحة في مجتمع المعرفة ففي الوقت الذي يسعى فيه إلى تقديم برامج في القرائية للاسهام في محو أمية الكبار فإنه يقدم أيضاً برامج للتنمية المهنية والذهنية للتعامل مع مصادر المعرفة المتعددة والمتنوعة من خلال الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في عمليات النمو المهني الذاتي. ان برامج التنمية المهنية والذهنية التي تقدم للكبار في اطار فلسفة التعليم المستمر مدى الحياة يمكن أن تساعد على اختراق الأسوار العالية التي فرضها علينا عصر المعلوماتية ومن ثم تجاوز آثاره الجانبية وهي تجزؤ الفكر وتجزؤ الاهتمامات وتجزؤ العاقات الاجتماعية وتجزؤ روح الفرد.
ومن هنا تبرز أهمية الالمام بحقائق العلم والمعرفة وشؤون العالم المعاصر ومتغيراته.
والتعليم والصحة من المؤشرات الرئيسية للتنمية حيث أدى انتشار الأمية وبخاصة في الطبقات الفقيرة إلى تدني المستوى الصحي نتيجة عدم الاستفادة من المعلومات الصحية السليمة التي يجب اتباعها للمحافظة على الصحة والوقاية من المرض التي منها الحصول على الغذاء المتوازن والتطعيمات والنظافة الشخصية وممارسة العادات الصحية السليمة وتنظيم الأسرة والحصول على مياه الشرب النقية، ومكافحة التلوث والاقامة في مسكن صحي وغيرها كما أدى انتشار الأمية إلى اتباع أساليب غير صحيحة في علاج الأمراض العصبية والنفسية عن طريق الشعوذة وعدم الاستفادة من إرشادات الأمن الصناعي والصحة المهنية أثناء العمل مما يؤدي إلى زيادة معدلات الاصابة أثناء العمل وسوء استعمال الأدوية لعدم التمكن من قراءة إرشادات استعمال الدواء، وعدم إجراء فحوص طبية قبل الزواج وبخاصة في حالات زواج الأقارب وزواج المرضى بنفس المرض، ووجود علاقة طردية بين ارتفاع المستوى التعليمي الذي تحصل عليه الأم ومعدل وفيات الأطفال.
وتشير دراسة أجرتها الأمم المتحدة ان زيادة تعليم الأمهات بنسبة 1% يخفف من وفيات الأطفال الرضع أكثر من زيادة عدد الأطباء بنسبة 2% فالمرأة المتعلمة تعي أهمية الحفاظ على صحتها وعلى الوضع الصحي لأسرتها وتعتني بغذائها الخاص وغذاء أفراد أسرتها كما يشير تقرير التنمية البشرية عام 2003م الصادر من معهد التخطيط القومي في مصر إلى أن النساء ما زلن يعانين من عدم قدرتهن على الاستفادة من الخدمات الصحية وبخاصة في الريف بالرغم من التحسن الكبير في معدل وفيات الأمهات الا انه ما زال مرتفعاً نتيجة لنقص الوعي بالاضافة إلى الأمية المرتفعة بين النساء في الريف كما ان نسبة حالات الولادة تحت إشراف صحي لم تتجاوز 56.5% ويعزى ذلك إلى الأمية والتقاليد المسيطرة في الريف وتقرر الدراسة أن هذه النتائج وغيرها توضح أن التعليم يمثل مقياساً بالغ الأهمية لبناء مجتمع صحيح البنية وأن تمكين المرأة من الخدمات الصحية والارتقاء بمستواها التعليمي هدفان ضروريان لتحقيق التنمية ويمكن توفير الخدمات الصحية للمرأة في مجالات تنظيم الأسرة، والمعلومات والتثقيف، والولادة المأمونة، والرعاية قبل وبعد الولادة، والرضاعة الطبيعية، والرعاية الصحية للرضع، وتحمل مسؤوليات الأمومة.
ويفترض ان تقدم هذه البرامج لتلبية حاجات المرأة فالعمر الذي تبدأ فيه المرأة بالانجاب ومجموع مرات الحمل على امتداد حياتها والفترات الفاصلة بين حمل وآخر، كل هذه الأمور وغيرها يتيح للمرأة الفرصة لتوزيع اهتماماتها بنفسها وبأسرتها توزيعاً عادلاً يساعدها على التقرب منهم والاهتمام بهم وتفهم حاجاتهم وتلبيتها بشكل متوازٍ مع حاجاتها دون أن يشكل ذلك عبئاً جسدياً أو نفسياً ينعكس سلباً عليها ومن هنا فإن تعليم الكبار يعد شرطاً أساسياً من شروط التنمية البشرية، كما ان مواصلة التعليم والتثقيف في المراحل التالية يتيح للمرأة فرص العمل في القطاعات المختلفة كما يوسع مجالات الاختيار لها بما يتجاوز حدود الزواج والانجاب إلى أدوار اجتماعية تكون فيها المرأة ركناً أساسياً في عملية التنمية المجتمعة.
وعلى الله الاتكال.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved