Tuesday 30th November,200411751العددالثلاثاء 18 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

في موكب الحياة في موكب الحياة
المرأة في الثقافات القديمة 2-2
أ.د. عبد الرزاق بن حمود الزهراني

اختلفت المجتمعات ولا زالت وستظل مختلفة حول موضوعات وقضايا كثيرة، يأتي موضوع المرأة في مقدمتها، فثقافة المجتمع، وقيمه، ونظرته للحياة، ومصادر إلهامه وتوجيهه تؤثر تأثيراً كبيراً على هذه النظرة، وكم من مجتمع ينظر إليه الوافد نظرة استغراب ويظن أنه يعيش في شقاء وجحيم، وعندما يقترب منه، ويفحص علاقاته الداخلية، ويسبر روحه العامة يكتشف أنه لم يكن مصيباً في حكمه كل الصواب، فكم من أسرة حرمت بعض الجوانب المادية، أو معظمها، فعوضها الله في الجوانب الاجتماعية والروحية حيث الإيمان والتعاون والاحترام المتبادل، وحيث الأرواح التي تخفق مودة وشفقة على بعضها، وربما كانت المجتمعات البسيطة من أكثر المجتمعات استقراراً في علاقاتها الاجتماعية والأسرية، رغم ما ينتشر فيها من معتقدات خرافية، وتفسيرات غير منطقية لمجريات الحياة وأحداثها المختلفة، وتعتبر الجماعات البدائية القائمة اليوم في بعض أجزاء العالم ممثلة للمجتمعات البسيطة قديماً، ومن تلك الجماعات السكان الأصليون لأستراليا، فهم يعتقدون أن حمل المرأة يأتي نتيجة تقمص روح خارجية فيها، ويرون أن المرأة التي لا تحمل هي امرأة شريرة وتخشى الأرواح الاقتراب منها وإعطاءها أطفالاً، ويعتقدون أن الاتصال بين الرجل والمرأة أمر عادي مثل تناول الطعام والصيد، ومن هنا كان الزوج يقدم امرأته لضيفه باعتبار ذلك نوعاً من الكرم. والزوج يعتبر زوجته نوعاً من ممتلكاته، وله الحق في التصرف فيها عن طريق اعارتها أو التنازل عنها، والرجل نفسه الذي يقدم زوجته لضيفه، يثور إذا ارتبطت برجل آخر من دون علمه ويقتله، وهذه الثورة ليست دفاعاً عن كرامته وشرفه، بل دفاعاً عن حقوق الملكية، وما زال بعض أفراد هذه القبائل يضم إلى ممتلكاته عشرات الزوجات.
ويبدو أن رجال قبيلة (جوبيس) الإفريقية لا يحبون الاستماع إلى ثرثرة نسائهم، لذا يجبرون المرأة عند الزوج على ثقب لسانها، وتوضع فيه حلقة مستديرة، ويوضع في تلك الحلقة خيط طويل، يمسك الزوج بطرفه، فإذا ما ثرثرت الزوجة، وأزعجت زوجها فإنه يكفيه لإنهاء تلك الثرثرة أن يشد الخيط مرة واحدة.
وإذا كان الشائع في معظم المجتمعات في العالم ان المرأة تابعة للرجل، وتنتقل إلى منزله بعد الزواج، وأن الرجل هو الذي يبحث عن المرأة ويخطبها، وان الذكر هو صائد الجنس، وان الأنثى هي الصيد، فقد جرت العادة بين قبائل (الكلابيت) ان تغازل المرأة الرجل، وان تخطبه من أهله، فإذا ما تمت الخطبة فعلى هذا الرجل ان يترك أهله وينضم ليعيش مع أهل زوجته، وتؤكد الدراسات الاجتماعية أن الشعوب البدائية تقبل على الزواج وتؤكد على ضرورته أكثر من الشعوب المتقدمة، باعتبار الزواج الخطوة الأولى لتكوين الأسرة التي تعتبر نواة المجتمع، وأهم مؤسساته، فإذا بلغ الرجل أو المرأة سناً معينة فلابد أن يتم الزواج، ويعتبر الرجل الذي يتأخر في سن الزواج رجلاً غير طبيعي، ويكون موضع الاحتقار والسخرية. وتطلق قبائل (السنتال) ببلاد السنغال على الأعزب الذي يقدر على الزواج ولا يتزوج وصف ( لا رجل) وتضعه في مرتبة بعد اللص، أو الساحر. وتقيم قبائل (الكاشين) في بورما طقوساً جنائزية ساخرة لوفاة كل أعزب وعانس، بينما تقضي تقاليد أهالي جزر (فيجي) بأن من يموت بلا زوجة يمنع من الفردوس، وينتهي إلى الفناء التام.

فاكس 012283689


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved