Tuesday 30th November,200411751العددالثلاثاء 18 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

نوافذ نوافذ
أين المفر؟
أميمة الخميس

في مجتمعات الوفرة، المطوقة بالنمط الاستهلاكي اقتصادياً، يصبح الأطفال الهدف الأول من قبل المنتجين والمسوقين، ولاسيما أنهم يمثلون في المجتمعات الخليجية شريحة كبيرة، باستطاعتها أن تمارس ضغوطاً كبيرة على المستهلك - من الأهل - عبر الابتزاز العاطفي.
هذا النمط من الابتزاز الذي يحاول فيه الطفل أن يقايض متعته بالمزيد من الاقتناء، والتي لا يملك الأهل في النهاية سوى الرضوخ لها، نتيجة لطبيعة المحيط الاجتماعي المروج لهذا النمط الاستهلاكي، أيضاً لسد نقص أو فراغ محتمل نتيجة انشغال الأهل أو تقصيرهم في ناحية من النواحي.
وفي المواسم تصبح القضية أكثر فداحة والبؤرة الاستهلاكية أكثر اتساعا، ابتداء من الثياب والحلويات والهدايا انتهاء بأشكال المتعة المتوفرة.
وبداخل هذا الطوفان تبدو قوارب النجاة بعيدة وغير مهيأة، أحاول في كل عيد أن أطفو بشكل خاص، يحمل روحا استبسالية، أحاول فقط فيها، أن أنزع أعين أطفالي عن شاشات(البلاي ستيشن - والقيم بوي) ونمارس نشاطاً انسانياً آخر.
أتجادل وإياهم طويلا حتى نصل إلى أهمية زيارة مستشفى معين وتوزيع الهدايا والحلوى على الأطفال، أو أن هناك مجموعة أطفال بحاجة إلى زيارة وتقبيل وضمة دافئة تخبرهم بأننا معكم ونشعر بكم.
قد يبدو الأمر في البداية مسرفا في مثاليته، ولكن دخولنا نحن وأطفالنا إلى تلك المناطق القصية النائية عن الألوان الفاقعة التي تزركش المدينة، بالتأكيد سيصنع رابطا قويا وعميقا سواء في علاقتنا مع الآخرين أو مع المواسم، فلا يصبح العبد لدى أولادنا هو المزيد من التورط في البئر الاستهلاكية النهمة، ولكن يبدأ في التشكل ليصنع علاقات جديدة مع محيطه.
كم أتمنى أن يتحول هذا الأمر إلى طقس اجتماعي يمارسه العديد من طلاب الأجر، وأنا أعلم بأن هناك تقصيرا في الإعلام عن هذه الأماكن هي بحاجة فقط إلى بعض الدعاية والاهتمام، هناك المستشفيات، وهناك دار الحضانة، والجمعيات الخيرية.
فقط نحن بحاجة إلى أن نتلفت حولنا بصبر وأناة ونبحث عن تلك الوجوه المنكسرة بالمرض والوحدة، ونعيد صياغة تفاصيل العيد في أذهان أطفالنا بشكل أكثر نبلا وسموا وإنسانية، فقط نحن بحاجة إلى الاصرار والدأب، وبالتأكيد ستكون النتائج مذهلة سواء على المستوى العملي أو النفسي.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved