Tuesday 30th November,200411751العددالثلاثاء 18 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

التعليم للجميع التعليم للجميع
د.خليل إبراهيم السعادات

التعليم هو حصيلة الفرص المفتوحة والمتنوعة للحصول على المعارف واكتساب الخبرة ، وبالتالي فإن التعليم المستمر مدى الحياة هو أحد المفاتيح الأساسية في القرن الحادي والعشرين ، فمعه يزول التمييز التقليدي بين التربية المدرسية والتعليم المستمر ، ومعه يمكن مواجهة التحديات التي يفرضها عالم سريع ومتغير في قلب النمو الإنساني .. جاء ذلك في دراسة حول دور المنظمات غير الحكومية لتفعيل المشاركة المجتمعية طريقاً للتنمية البشرية ، فالتعليم هو أحد المداخل الرئيسية والمهمة لعملية التنمية البشرية ، التي بدورها الأهم في عملية الرقي والتطور والتنمية المجتمعية الشاملة ، فهو حق إنساني واجتماعي نصت عليه القوانين والدساتير الوطنية والعالمية لجميع فئات المجتمع دون تفرقة أو تمييز.
وهو من الحقوق الأساسية للإنسان يهدف إلى تكوين وتشكيل الشخصية وإثراء الوجدان والضمير ، ويدفع لتفاعل اجتماعي واقتصادي راق ومتطور الأداء ، ويساهم في تبني منظومة المشاركة والتنمية المجتمعية ، كذلك يخلق التواصل والاستمرارية بين الأصالة والمعاصرة ، ويحافظ في صراع مستمر مع كل وافد غريب هدفه هدم هذا التراث أو إلغائه أو تشويهه أو تبديده ، وينتقي منه المعرفة والعلم.
والتعليم هو عملية متكاملة ومستمرة مستمدة قوتها من التأثر وتأثير الإنسان بمجتمعه ، وكذلك تأثيرهما معا بالعالم الخارجي ، وإذا كان هذا الحق يساهم بفاعلية في تحقيق أهدافه السابقة ، فهو يؤكد على حق الإنسان في النماء والتطور .. كما أن التعليم ونوعه وجودته عامل حاسم في تكوين الشخصية منذ الولادة ، حيث انه أداة متفردة لتحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، وقد أظهرت البحوث في كافة أرجاء العالم النتائج الإيجابية على التنمية التي نتجت عن الاستثمار في التعليم بجميع أنواعه.
وقد تضمن مفهوم المنظومة التنموية عبر المواثيق الوطنية والإقليمية والدولية من خلال إطارين مؤتمر داكار عام 2000 وأهداف الألفية ، فقد عقد العديد من المؤتمرات التي تركز على تأكيد مفهوم التعليم للجميع ، ومنها مؤتمرات جومتين 1990 ، وداكار 2000 واللذان قاما حول نهج التعليم للجميع ، وقد استفادت تلك العملية من مشاركة لم يسبق لها مثيل من قبل الحكومات والوكالات المعنية والمنظمات غير الحكومية ، وقد تبنى مؤتمر جومتين توسيع نطاق التعليم ليشمل الفتيات وسد الفجوة بين الجنسين ، غير ان التقدم نحو هذا الهدف كان بطيئاً لأسباب تتراوح بين التمييز المترسخ ضد الإناث ، وانخفاض المساعدات التي تقدمها المنظمات الحكومية.
وقد رأى المشاركون في المؤتمر انه لابد من تبني نهج يربط التحسينات داخل المدارس بتدابير لتعزيز برامج التعليم وإعادة تدريب المتعلمين بإدارة المدارس وبراج تدريب المدرسين ، وقد تركزت أهم مبادئ مؤتمر داكار الذي وضع وثيقة تمثل الحد الأدنى من المستهدفات التربوية ، منها إزاحة أوجه التفاوت بين النوعين في مجال التعليم الأساسي بحلول عام 2005 ، وتحقيق المساواة بين الجنسين بحلول عام 2015 ، فيظل التمييز القائم على أساس الجنس من أصعب القيود التي تعرقل ممارسة هذا الحق في التعليم ، وتشكل الفتيات الأغلبية من الأطفال والشباب غير الملتحقين بالمدارس على الرغم من أن تعليم الفتاة يعد ذا تأثير تقوي عبر الأجيال ، وعاملاً حاسماً لتحقيق التنمية الاجتماعية .. ومن الأهداف تحقيق تحسن بنسبة 50% في مستويات محو أمية الكبار بحلول عام 2015 ، ولا سيما لصالح النساء ، فهناك حتى الآن حوالي 880 مليون إنسان بالغ لا يعرفون القراءة والكتابة ثلثيهم من النساء ، وأيضا تحسين كافة الجوانب النوعية للتعليم وضمان الامتياز للجميع بحيث يحقق جميع الدارسون نتائج واضحة وملموسة في التعليم ، ولا سيما في القراءة والكتابة والمهارات الأساسية للحياة ، فالجودة هي جوهر التعليم لكن ما يحدث داخل قاعات الدراسة وغيرها من بيئات التعلم لا يؤدي إلى ذلك ، وقد استخدمت في كثير من الأحيان الموارد المتاحة لتوسيع نظم التعليم ، دون إيلاء الاعتبار اللازم لتحسين نوعيته في مجالات مثل تدريب المعلمين وتطوير نظم الموارد التعليمية ، ومن أجل ذلك يتعين على الحكومات والجهات المعنية بالتعليم ان يتعاونوا من أجل تأمين تعليم أساسي ذي نوعية جيدة للجميع ، بغض النظر عن النوع أو الثراء أو المكان ، وهذا يقتضي طلبة أصحاء يتمتعون بتغذية جيدة ومدرسين مدربين تدريباً جيداً ، ومواد تعليمية ملائمة وبيئة تعليمية تراعي المساواة بين النوعية وتتسم بالسلامة والأمان .. كذلك من الأهداف ضمان تلبية حاجات التعليم لكافة الصغار والراشدين من خلال الانتفاع المتكافئ ببرامج ملائمة للتعلم ، واكتساب المهارات اللازمة للحياة وتوسيع وتحسين الرعاية والتربية على نحو شامل في مرحلة الطفولة المبكرة وخاصة لصالح الأطفال الأكثر حرماناً ، والعمل على أن يتم بحلول عام 2015 تمكين جميع الأطفال من الحصول على تعليم ابتدائي جيد مجاني ، مع التركيز على البنات والأطفال بوجه خاص الذين يعيشون ظروفاً صعبة .
وتذكر الدراسة أنه يلاحظ تمركز ثلاثة أهداف حول النوع (المرأة والفتاة) ، سواء ببرامج التعليم النظامي أو غير النظامي ، كما أكد هدفين على أولويات برامج التعليم غير النظامي في إطار محو الأمية وتعليم الكبار ، كما ركزت أربعة أهداف على تطوير برامج التعليم النظامي من خلال عناصره التربوية الرئيسية.
وقد نصت الوثيقة على أهمية حصول جميع الأطفال على تعليم جيد ، وقد ركز الإطار الدولي التربوي (وثيقة مؤتمر داكار) على الاحتياجات الوطنية الحيوية للنهوض بالمستوى التربوي ، الذي يمكن الشعوب من التعامل الجيد في مجالات المعرفة وتدعيم برامج التعليم المستمر ، وقد حددت الوثيقة أهدافا تتسم بالشفافية والتركيز على الفئات الأكثر تضرراً من عدم انتظامهم داخل المنظومة التعليمية سواء في التعليم النظامي أو غير النظامي ، بهدف ضمان دمجهم داخل مجتمعاتهم ، وذلك تلافياً لشعورهم بالإقصاء أو التهميش في داخل برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، ويمثل ذلك إعادة مشاركة وإدماج قوى بشرية داخل منظومة التطور المجتمعي.وقد ركز علماء التربية والاجتماع على أهمية الربط الوثيق بين تطوير المنظومة التعليمية وبرامج التنمية البشرية المتكاملة في إطار الدمج والتضمين على مستوى الخطط الوطنية ، ويظهر التركيز على أدوار المنظمات غير الحكومية في العمل الحثيث داخل المجتمعات المحلية العاملة بها ، على النهوض بمقدرات التقدم البشري لتلك الفئات التي حرمت من فرص التعليم ضمن برامجها للتنمية البشرية المتكاملة .. وعلى رب العالمين الاتكال.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved