Monday 6th December,200411757العددالأثنين 24 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
مشواري مع الوظيفة العامة: الفخ الوظيفي! 3-5
عبدالرحمن بن محمد السدحان

كرمني النسيبُ العزيز الدكتور عبد العزيز العوهلي بشرف استقبالي في مطار الرياض قادماً من جدة، ثم اقترح عليَّ التوجه معه مباشرة لحضور مأدبة عشاء خاص في منزل صديق مشترك، هو الأستاذ محمد العمير، إنْ لم تغدر بي الذاكرة. وعلَّل الدكتور العوهلي اقتراحه ذلك بأنَّ من بين ضيوف اللقاء بعضَ زملاء الدراسة في أمريكا، وأنهم يودُّون لقائي، وذكر أسماءَ بعضهم. وأمام إلحاحه وشوقي للقاء زملاء الدراسة المشاركين في ذلك اللقاء لم أتردد في الموافقة على الاقتراح!
**
* لم أكدْ أطلُّ على الجمع الكريم في منزل الصديق العمير حتى تعالتْ أصواتٌ عن يميني وشمالي ترحِّب بي وتدعو لي بالتوفيق. وكانت سعادتي غامرة أن التقيت بزميلي الدراسة في أمريكا الصديقين خالد القصيبي وصالح المساعد، وكانا يومئذ يعملان في (وزارة الزراعة والمياه). ولم أكد أستوي في مجلسي حتى كرَّر أحدهما على مسمعي كلمةَ (مبروك) مقرونة بابتسامة مرح، فظننتُ بادئ الأمر أنه يؤكد لي التهنئة بالتخرُّج في الجامعة، غير أنه فاجأني متسائلاً: ولكن متى (تُباشر)؟!
هنا عقدتْ لساني الدهشة من جديد لغموض السؤال، فقلتُ: أُباشر ماذا؟!
* قال: العمل عندنا في الوزارة.
* قلتُ: أي وزارة؟
* قال: (وزارة الزراعة والمياه)، خاصة أن معالي الوزير (الشيخ حسن المشاري) يسألُ عنك باستمرار.
قلتُ: لا علم لي بما تصف، ولا صلةَ تربطني بهذه الوزارة، أو بمعالي وزيرها الكريم.
* قال: بل لقد ربطتك بها منذ أسابيع صلة (رحم وظيفي)؛ إذ صدر قرار وزاري بتعيينك موظفاً بها، بعد أن تم (إخلاء طرفك) مباشرة من معالي وزير المعارف آنئذٍ الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ (رحمه الله)، وكان التوظيف وقتئذٍ يتم من لدن الوزارة أو المصلحة مباشرة دون تدخُّل من وزارة الخدمة المدنية (الديوان آنئذٍ) الذي كانت مهمته حفظ سجل الموظف ومتابعته.
**
* قلتُ، وقد ازددتُ ذهولاً: لكنني لم أَسْعَ إلى هذه الوظيفة، ولم تَسْعَ هيَ إليَّ، وأعجبُ كيف تم هذا دون علم مني!
* قال بحزم: قُضِيَ الأمر، ونراك بإذن الله صباحَ السبت القادم في الوزارة.
* فقلتُ بنبرةِ مَن أُسقطَ في يده، وخارتْ قواه، وبارتْ حيلته، لكنها لم تخْلُ من الرغبة في مواجهة الموقف: بل لم يُقْضَ الأمرُ بعدُ، الوظيفة تكليف وتشريف، وليستْ (تجنيداً) لساحة قتال!
**
عدتُ إلى منزل العائلة ذلك المساء وأنا مشدوهُ الذهن بما سمعتُ، وتمنيتُ لحظتئذٍ لو أنني لم أعدْ من أمريكا، وراودني شعورٌ عنيدٌ بالإحباط، لكنني سرعان ما طمأنتُ نفسي بأن يوم (السبت) قريب، عندئذ سيكون لكل حدثٍ حديث!
**
* فاتحتُ سيدي الوالد -طيَّب الله ثراه- صباح اليوم التالي بالحديث عن (الكمين) الوظيفي الذي (رُتِّب) لي في غيابي، وأن (الوقوع) فيه يعني في أسوأ الأحوال نهايةَ حلمي في الدراسة العليا، أو تعثُّره أو تأجيله في أحسنها!
**
كان ردُّ والدي -رحمه الله- حليماً وحكيماً وحازماً في آنٍ؛ إذْ نصحني ألا أتعجل في الحكم سلباً أو إيجاباً حتى أقفَ بنفسي على دقائق الأمر مع مَنْ يعنيهم الأمرُ في (وزارة الزراعة والمياه)، ثم أردفَ قائلاً: أسمِعْهُم ما لديك، واستمعْ إليهم، وحاورْهم وشاورْهم في الأمر، ثم اعقلْها بعد ذلك وتوكَّل على الله! وللحديث صلة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved