Saturday 29th January,200511811العددالسبت 19 ,ذو الحجة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

مؤتمر الرياض الدولي للإرهاب والتفكير العقلانيمؤتمر الرياض الدولي للإرهاب والتفكير العقلاني
د. عبدالرحمن بن محمد القحطاني

إذا كان ثمة إيجابيات، بمشيئة الله، للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي دعت المملكة العربية السعودية إلى عقده في الخامس من فبراير- شباط المقبل، فهو أولاً، وكما اتفق عليه، يعد تظاهرة عالمية، حيث سيشهد حضوراً رسمياً على أعلى المستويات بعد أن وافقت أكثر من 40 دولة على المشاركة فيه، بالإضافة إلى حوالي (10) منظمات عربية وإقليمية ودولية معنية بقضايا الإرهاب.
وثانياً: فهو ذلك الإجماع على أن الشأن الدولي لا يمكن الانفراد به من قِبل دولة ما، أو مجموعة دولٍ تعبّر عن سياسات خاصة بها وأهداف تلهث للوصول لها، وإن أعلنت التوجه الدولي الواحد معاً ضد الإرهاب.
وليس الحديث هنا أن نطرق رؤية الانتقادات الواسعة للنهج الذي تستخدمه الدول في استعراض القوة ضد الإرهابيين في أي موقعٍ شاءت، لكن من إيجابيات هذا المؤتمر، في المقابل، أن بعض القادة والزعماء ورؤساء الدول العربية وغيرها على رأس وفود بلدانهم المشاركة في المؤتمر، فضلاً عن تمثيل دولٍ أخرى بوزراء داخليتها والدوائر الأمنية فيها، فالجميع قادرون على استخدام النهج السلمي في التصدي للإرهاب وهو التفكير المنطقي الذي يحسن الإجابة عن الإرهاب، ليس هناك من أعظم وأبلغ وأدق تعبير من قول الله عز وجل في محكم التنزيل: {وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، وقوله تبارك وتعالى: {وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، وقوله تعالى: {وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}ومن هنا فإن المؤتمر القادم، وغيره سواء في المملكة العربية السعودية أو أي دولة في العالم هو مؤتمرٌ يجب أن يُسفر عنه رفع الغبن عن هذه الأمة التي يطالها الاتهام بالإرهاب.
المؤتمر كما أعلن سيبحث في التنسيق الدولي لمكافحة العمليات الإرهابية والتضييق على المنظمات الداعمة له، بالرغم من إشكالية تحديد مفهوم الإرهاب تحديداً واضحاً، أو مقنعاً لأسباب عقدية وسياسية وايديولوجية وغيرها، يدركها المختصون من مختلف شتى أنحاء العالم. لكن ما نأمله وهو المتوقع في الكلمات والأقوال والأبحاث المقدمة من المشاركين أو حتى من المداخلات التي ستقول داخل أروقة قاعة المؤتمر، هو أن نسمع رسالة واحدة للجميع وهي:لا تبرير للإرهاب، ولا للهجمات باسم الحرب على الإرهاب، ولا موجاتٍ للعنف والانفلات الأمني الدولي.
وسيكون مفيداً، عبر هذا المؤتمر أن يتنبه الممسكون بزمام الأمور في الحرب على الإرهاب أن تأخذ شعار العدل والنظر إلى الحقوق الشرعية الدولية، وسيادة الدول بما فيه الدول التي عانت بالفعل - كالمملكة العربية السعودية - من ويلات الإرهاب، ومعنويات شعوبها بدلاً من التعميم، وطلب المزيد من التنازلات في شؤون حياتهم الاجتماعية، والدينية، والتربوية، والتعليمية. وخلاف ذلك نشارك، دون قصدٍ، في زيادة وقود المحرقة، التي طالت البعض في السابق وستستمر لتطال الجميع.
إن الذين يراهنون على إخضاع الآخرين بمجرد القوة العسكرية للحرب على الإرهاب سيكون عليهم الإبقاء على أهبة الاستعداد دائماً في حالةٍ من الدوام، لكن الأمر سيصبح أكثر تعقيداً أو كارثة عالمية تطال القاصي والداني؛ إذا ما تعاون الجميع بكل صراحة وجدية ضد القائمين والعاملين على مكافحة الإرهاب.
وهذا المؤتمر الذي تأمله شعوب العالم، أن يكون مؤتمراً يُدرك المشاركون فيه ان وأد الإرهاب لا يعتمد على السياسات المعتمدة على القوة، وسيظل هذا العنوان الحالة الدولية فهناك القانون الذي يقول: لكل فعلٍ رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضادٍ له في الاتجاه، فقد يكون الدمار بالنسبة لدولة مادياً بينما لدول أخرى بشرياً أو معنوياً والعكس صحيح. إذن نحن جميعاً في قاربٍ واحد وأي خرقٍ لهذا القارب بالإرهاب أو باسم الإرهاب أو بالحرب على الإرهاب دون عقلانية، فالجميع سيغرق!
الكثيرون متفائلون وخصوصاً مشاركة خبراء متخصصين من الأجهزة الأمنية المختلفة من شتى أنحاء العالم، ومتابعة الأمم المتحدة.
فنحن بالواقع نعيش مرحلة جديدة من مراحل الإرهاب متورطة به مختلف الجنسيات، ويصعب متابعتها دون عملٍ مشترك ومقره - أي الإرهاب - في داخل وخارج حدود الدولة الواحدة، استخدام التقنية الحديثة، بل والخوف والأخطر استخدام أسلحة الدمار الشامل والنووية الإشعاعية، كل ذلك ستؤثر لا شك في العمليات الرئيسة في النظام الدولي، ومع هذا المؤتمر في عاصمة (السلام) الرياض بداية إعلان متجدد للنوايا الحسنة، وإنه استمرار بالدفع تجاه سياسات سليمة لتحقيق القناعة التامة لدى الأطراف المتضررة بالإرهاب، وان هناك توجهاً حقيقياً نحو استئصال هذا الداء بالعمل المشترك بدلاً من قهر الشعوب في أوطانهم سواء عن طريق الإرهاب أو الاستيطان أو الاحتلال. فالإرهاب مستنكرٌ ومشجوبٌ ومرفوضٌ من أبناء هذا الوطن وحكومته الرشيدة ومن جميع العقلاء في أرجاء المعمورة.
ومن نافلة القول نأمل من المشاركين في هذا المؤتمر إصدار وثيقة أو مذكرة أو توصية دولية تنادي بمساءلة أي دولة كبر شأنها أو صغر، أو بإعلانها بشكلٍ مباشر أو غير مباشر في خطابها السياسي، أو بين ما تقوم به وسائل إعلامها، من اتهامات لحكوماتٍ أو لشعوبٍ أخرى أو تتجاوز على فكرها ومنهجها وعقيدتها، دون دليلٍ واضح حتى نضيّق الخناق على الإرهابيين وداعميهم ومستغليهم، هذا إذا أردنا بالفعل التصدي للإرهاب بكل أشكاله وأهدافه.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved