* القاهرة - مكتب الجزيرة - أحمد سيد: أكد الدكتور عمرو زيدان الخبير العربي ومؤسس إدارة الشركات العائلية بالمنظمة العربية للتنمية الإدارية أن إقرار مبدأ إدارة الفريق (الإدارة الجماعية) والملكية الجماعية للشركات العائلية في مرحلة معينة من مراحل حياتها يساهم في تجديدها باستمرار وعدم تعرضها لهزات اقتصادية تؤثر سلباً عليها وعلى مسيرتها. وأضاف الدكتور زيدان في حوار خاص ل(الجزيرة) أن الشركات العائلية في المملكة شهدت خلال العقدين الماضيين قفزات ملموسة في تطورها الإداري والاقتصادي، وأصبحت هناك عائلات معروفة ترفرف علاماتها التجارية في سماء الشركات العائلية بمنطقة الخليج والمنطقة العربية ككل. وأشار إلى أن السنوات العشرين الماضية شهدت تغييراً جذرياً في أساليب ومناهج التعامل مع واقع الشركات العائلية، وخصوصاً مع تزايد أعداد الباحثين والمتخصصين في هذا المجال، والذي يعد في حد ذاته واحداً من الاتجاهات الرئيسية في عالم الشركات العائلية. وقد أدت هذه الاتجاهات الحديثة إلى حدوث تطوير في وجهات النظر التقليدية وكذلك المعارف الأساسية في هذا المجال، الأمر الذي أدى إلى حدوث تغيير حقيقي في (معظم الممارسات والتطبيقات) المتعلقة بالشركات العائلية. نقل السلطة * إذن ما هي أهم هذه الاتجاهات؟ - هناك عشرة اتجاهات حديثة تتضمن التغيرات الرئيسية التي طرأت على أساليب تناول القضايا المختلفة في مجال الشركات العائلية، وأساليب التعامل معها. وتشتمل هذه الاتجاهات على الإثارة الاهتمام بنقل السلطة من جيل إلى جيل في العائلة بدلاً من التركيز على إعداد الخلفاء بشكل منفصل عن الظروف المحيطة بهم؛ وإقرار مبدأ إدارة الفريق (الإدارة الجماعية) والملكية الجماعية للشركات العائلية في مرحلة معينة من مراحل حياتها؛ والأهمية المتزايدة للتخطيط الاستراتيجي في الشركات العائلية؛ والتطور الملحوظ في أساليب الإدارة المالية في الشركات العائلية؛ وتنامي الاتجاه نحو الاحتراف الإداري في إدارة الشركات العائلية؛ وتطوير مفهوم التقاعد لدى مؤسسي الشركات العائلية؛ وتعدد الأدوار التي تلعبها المرأة في الشركات العائلية؛ والتطور الملحوظ في إدراك مقدمي الخدمات الاستشارية لطبيعة وخصائص الشركات العائلية؛ واهتمام الجامعات والمراكز المتخصصة بتصميم وتقديم البرامج التعليمية والاستشارية المتعلقة بمجال الشركات العائلية. * لنبدأ بأهم الصعوبات التي تواجه استمرار الشركات العائلية في العالم العربي؟ - تمثل عملية انتقال السلطة من رئيس إلى آخر إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجهها الشركات العائلية على مدار حياتها التنظيمية. فمثل هذه الأمور نادراً ما تحظى بالتخطيط المسبق في الشركات العائلية. وبالتالي، فإن نقل السلطة غالباً ما يصاحبه الكثير من الصدامات والنزاعات، وهذا بدوره قد يسهم في فشل العديد من الشركات العائلية في الاستمرار إلى الجيل الثالث من العائلة. فالقضية الرئيسية التي تواجه الشركات العائلية هي تحديد، وتدريب، وتنصيب الخليفة على قمة الشركة. وذلك أن (إعداد الخلفاء في الشركات العائلية) على ما يبدو يعدّ الشغل الشاغل لكل من يزعم أو يدعي العمل في مجال الشركات العائلية. ولعل السبب في هذا الاهتمام يرجع إلى الإحصائية الشهيرة التي تقرر استمرار 30% فقط من الشركات العائلية للجيل الثاني من العائلة نتيجة لعدم القيام بالتخطيط للخلافة. وقد أدت هذه الإحصائية إلى انتشار وتعدد الكثير من الأدلة الإرشادية والبرامج المصممة لمساعدة الشركات العائلية على تلاشي هذا القصور.. إلا أنه مع اكتساب مجال الشركات العائلية لمزيد من الخبرة والنضج، بدأنا في إدراك أن مجرد (تسليم عصا القيادة) من أحد المتسابقين إلى الذي يليه يعد شيئاً غير كافٍ على الإطلاق. فعملية انتقال السلطة نادراً ما تقتصر على كل من رئيس الشركة وخليفته فقط، ولكنها تتطلب ضرورة النظر إلى الإطار الزمني الذي يضم العديد من الأجيال، كما أنها تحدث في ظل بيئة شديدة التوتر اجتماعياً، وثقافياً، ومالياً، وقانونياً، واستراتيجياً، وأخلاقياً، وغير ذلك من الأبعاد التي تقاوم الفكر المرتب الواضح.. وفي الواقع أنه عندما حاولت الأبحاث الربط بين العديد من العوامل المتعلقة بالشركات العائلية وبين قدرة الشركة العائلية على الاستمرار عبر العديد من الأجيال، لم يثبت تأثير عملية انتقال السلطة على استمرارية الشركات العائلية، في حين أثبتت هذه الدراسات وجود علاقات ارتباط معنوية بين النجاح في انتقال الشركة من جيل إلى الجيل الذي يليه وبين التخطيط الاستراتيجي، ووجود مجلس إدارة فعال، والاجتماعات العائلية المتكررة. اختيار الخليفة * كيف ترى عملية الانتقال من الإدارة الفردية إلى الإدارة الجماعية في الشركات العائلية؟ - أسلوب الإدارة الجماعية مرحب به واعتباراً من الجيل الثاني، هناك اتجاه متزايد في الشركة للاعتماد على فريق عمل في قيادة الشركة، وتعكس هذه الحقيقة إلى حد ما اتجاه الفكر الإداري الحديث إلى الاعتماد على فرق العمل في إدارة المنظمات.. إلا أن الجديد في هذا الصدد هو استخدام تعبير فريق الخلافة أو فريق السلطة بدلاً من الاعتماد على شخص بعينه ليقوم بدور رجل الشرطة في الشركة. ولهذا السبب ففي ظل توافر ظروف ومواقف معينة فإن تثبيت خليفة واحد يستحوذ على كل السلطات قد يعد أسلوباً خاطئاً. وطبقاً لأحدث الدراسات فإن 42% من الشركات العائلية تطبق مبدأ القيادة الجماعية (تعدد الرؤساء) Co - Presidents في الجيل الثاني للعائلة. وحتى إذا تم اختيار أحد أفراد العائلة كقائد للشركة فإن هناك احتمالاً كبيراً لأن يقوم أفراد العائلة الآخرون العاملون في الشركة بدورهم باعتبارهم أعضاء في فريق قيادة الشركة. وبالطبع فإن التحدي الرئيسي هنا يتمثل في التأكد من أن الفرق العائلية التي تم اختيارها لإدارة الشركة، قد تم تكوينها وتدريبها بأساليب تساعد على أدائهم لوظائفهم بفعالية. * لماذا لم تهتم الجامعات بدراسة نظم الشركات العائلية رغم أن الاقتصاد العربي والعالمي قائم عليها؟! - منذ أكثر من عشر سنوات كان هناك تجاهل تام لواقع الشركات العائلية في الجامعات. أما الآن فهناك ما يزيد على 100 جامعة في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها في جميع أنحاء العالم تنظم الندوات، والمؤتمرات، والبرامج التعليمية، وتقوم بالدراسات في مجال الشركات العائلية. وبعد أن كانت الكتابات المتعلقة بالشركات العائلية لا تتعدى بضع كتب ومقالات، أصبح لدينا الآن مكتبة ضخمة يمكن من خلالها مراجعة ومطالعة كل ما كتب عن الشركات العائلية. وبعد أن كانت هناك حفنة ضئيلة من الاستشاريين الذين كرسوا مستقبلهم لتقديم الخدمات الاستشارية للشركات العائلية، أصبح المتخصصون في مجال الشركات العائلية يقدمون خدماتهم في جميع أنحاء العالم، لدرجة أن أصحاب الشركات العائلية يصرخون من حين لآخر نتيجة الاهتمام البالغ الذي يلقونه من هؤلاء الاستشاريين والمتخصصين.. وعلى الرغم من وجود ملايين الشركات العائلية إلا أن احتمال لجوء الغالبية العظمى من هذه الشركات للخدمات المتعلقة بالشركات العائلية ما زال ضعيفاً، فالشركات العائلية لا تشعر بأهمية هذه الخدمات إلا في مراحل معينة من عمرها. إن الشركات العائلية تشهد تغييراً ملحوظاً، كما أن مجال الشركات العائلية مستمر في تحقيق النمو والنضج، وبالتالي، فإن سوق الشركات العائلية سيكون قادراً بشكل ملحوظ على تحديد المؤسسات التي ستحظى بثقة الشركات العائلية.
|