لاحظ المتابعون لخطوات الانتخابات البلدية أنها استأنست - تنظيمياً - بالمعايير المطبقة عالمياً بخصوص الانتخابات التي تجرى للمرة الأولى. وقد تمثل هذا الاستئناف بالخطوات التي تمثلت في إعداد سجلات الناخبين أولاً، ثم تحديد الدوائر الانتخابية، ثم تسجيل المرشحين، حيث لا يوجد سجل سابق للناخبين، كما أنه كان على المرشحين تسجيل أسمائهم كناخبين أولاً قبل ترشيح أنفسهم، وهذا ما استدعى أن تكون البداية بقيد الناخبين.ومما يلاحظ كذلك أنه أتيحت الفرصة الكافية لكي يتعرف الناخبون على المرشحين من خلال الدعاية الانتخابية وفق فترة محددة ومعروفة، وفتحت العديد من الوسائل والوسائط الإعلامية أبوابها للدعاية الانتخابية عدا الإذاعة والتلفزيون، حيث إن الانتخابات البلدية، كما هو معروف، ذات طابع محلي في حين أن الإذاعة والتلفزيون جهازان يتسمان بالشمولية في توجههما الذي يشمل القضايا الوطنية التي تهم كل أرجاء الوطن.وتابع العديدون أيضاً اللقاءات التنويرية والمحاضرات والندوات والمشاركات القلمية المتعددة التي سبقت وواكبت وتزامنت مع الحدث الانتخابي، بل أقيمت دورات في كيفية إدارة الحملات الانتخابية واكتسبت الساحة المحلية حيوية فائقة تنم عن وعي عام بما يجري من عمل وطني متطور. تنوير بأهمية المجالس البلدية ومن المحطات التي توقف عندها الكثيرون الحديث الموسع لسمو رئيس اللجنة العامة للانتخابات البلدية الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز الذي نشرته (الجزيرة) بالتعاون مع موقع alwakadnet.com في الحادي والعشرين من ذي القعدة الماضي، حيث أجاب عن سؤال حول هامشية الدور المعطى للمجالس البلدية بالقول: (إن من الخطأ تبني وجهة النظر هذه دون معرفة أو اطلاع على دور المجلس البلدي وأعضائه) فنظام البلديات والقرى أعطى لأعضاء المجالس البلدية وللمجلس دوراً كبيراً ومهاماً لم تتوفر للأعضاء في المجالس البلدية في دول كثيرة، فالمجلس البلدي يتوفر له التقرير والمراقبة من خلال ممارسة مهام محددة ومنها: إعداد مشروع الميزانية، ووضع اللوائح التنفيذية الخاصة بالشروط التخطيطية والتنظيمية والفنية الواجب توافرها في المناطق العمرانية، واقتراح المشاريع العمرانية، وإقرار مشروع الحساب الختامي للبلدية، ومراقبة الأداء والمصروفات، ومراقبة سير العمل، والعمل على حسن أدائه..). وكان الأمير الدكتور منصور بن متعب قد عقد في وقت سابق (28 شعبان الماضي) مؤتمراً صحفياً قال فيه: ضمن خطوات الإصلاح الكثيرة التي حفل بها عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - جاء التوجيه الكريم في الخطاب الذي ألقاه - حفظه الله - في افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الشورى في 16-3- 1424هـ بتوسيع نطاق المشاركة الشعبية في صناعة القرار. حيث جاء في خطاب خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ما يلي: (وأحب أن أؤكد لكم أننا سنستمر في طريق الإصلاح السياسي والإداري، وسنعمل على مراجعة الأنظمة والتعليمات، وإحكام الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية، وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية، وفتح آفاق أوسع لعمل المرأة في إطار تعاليم الشريعة الغراء). واستجابةً للتوجيه الكريم صدر قرار مجلس الوزراء رقم 224 بتاريخ 17-8- 1424هـ تضمن توسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية عن طريق الانتخابات وذلك بتفعيل المجالس البلدية بحيث يصبح نصف أعضاء كل مجلس بلدي منتخباً وذلك وفقاً لنظام البلديات والقرى الصادر في صفر 1397هـ. وقد صدرت توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني للجهات الحكومية باعتبار ما جاء في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز برنامج عمل تلتزم الحكومة بتنفيذ ما جاء فيه من توجيهات سامية.ويعد نظام البلديات والقرى هو الأساس القانوني لإجراءات تفعيل المجالس البلدية، ويحتوي هذا النظام على المبادئ الأساسية والضرورية لتكوين المجالس البلدية وترتيب عملها واختصاصها وحقوق وواجبات أعضائها وتنظيم علاقاتها بالبلديات.وقد نص هذا النظام في مادته الثامنة والأربعين على أن يصدر وزير الشؤون البلدية والقروية اللوائح والتعليمات التنفيذية لهذا النظام، كما أن له تخويل بعض سلطاته المنصوص عليها في هذا النظام.وفيما يخص مجالس البلديات ورد النص على اللوائح التنفيذية في ثلاث مواد لمعالجة الجوانب التالية: المادة (14) لتحديد طريقة انتخاب أعضاء المجالس البلدية والشروط الخاصة بالناخبين وإجراءات الاقتراع والطعن. المادة (22) لوضع إجراءات سير العمل الداخلي للمجلس وتسجيل محاضره وصياغة قراراته. المادة (27) لتعيين المكافآت الشهرية لرؤساء وأعضاء المجالس البلدية وكافة نفقات هذه المجالس من خلال ميزانية البلديات. وللوصول إلى هذه النتائج فقد تم تشكيل لجنتين هما: 1- لجنة وكلاء الوزارات المعنية بالانتخابات (وهي وزارات الشؤون البلدية والقروية، الداخلية، الثقافة والإعلام، ديوان المظالم، وهيئة الخبراء). 2- اللجنة العامة المشرفة على انتخابات المجالس البلدية. ولوضع الأسس والقواعد السليمة لإدارة العملية الانتخابية بشكل سليم ومتكامل فقد تم التعاقد مع الفرق الاستشارية الآتية: أ- المؤسسة الألمانية للتعاون الفني GTZ international Services ب - العساف محامون ومستشارون. ج - فريق هيئة الأمم المتحدة وقدمت هذه الفرق الاستشارية سلسلة من الدراسات المقارنة والتحليلية والبحوث المعمقة، كما تم عقد ورش عمل شارك فيها خبراء دوليون ومستشارون متخصصون. وبناء على هذه الدراسات والبحوث المعمقة أصدر صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية اللوائح الخاصة بالعملية الانتخابية وهي: 1- لائحة الانتخابات لمجالس البلديات. 2- لائحة الحملات الانتخابية. 3- لائحة الطعون والتظلمات. كما تم وضع نظام إداري وإجرائي لأجهزة العملية الانتخابية يحدد اختصاصاتها وصلاحيات كل جهاز ويبين ارتباطه ومرجعه الإداري وآليات تنفيذ مهامه وصدرت بذلك الأدلة الإدارية التالية: 1- الدليل التنظيمي للجان انتخاب أعضاء المجالس البلدية. 2- الدليل التنظيمي لمراكز الانتخابات. 3- دليل إجراءات قيد الناخبين. 4- دليل إجراءات قيد المرشحين. وواصل سموه: ويسرني نيابة عن زملائي أعضاء اللجنة العامة للانتخابات أن أعلن عن اكتمال الاستعدادات لبدء عملية انتخابات المجالس البلدية وفقاً للجدول الزمني الذي صدر بموافقة من سمو سيدي وزير الشؤون البلدية والقروية، كما يسرني أن أعلن عن بدء حملة إعلامية تهدف لتوعية المواطنين الكرام بأهمية هذا الحدث وأهمية المشاركة في هذا العمل الوطني الكبير الذي يتيح لأبناء الوطن المشاركة في صنع القرار، وستركز الحملة على شرح إجراءات ونظم تسجيل الناخبين والمرشحين ومواقع المراكز الانتخابية، وتترافق هذه الحملة مع الخطة الزمنية للانتخابات التي تبدأ في شهر شوال في منطقة الرياض لتسجيل الناخبين، وتعقبها المناطق الأخرى حسب تسلسل الجدول الزمني، وقد تم الاتفاق مع مؤسسة استشارية إعلامية وطنية (دار طارق للإعلام والنشر) للتخطيط للحملة الإعلامية وتنفيذها.وقد تم اختيار شعار للحملة ركز على استيحاء الرمز الوطني، والتأكيد على مضامين المشاركة الشعبية في عملية الانتخاب من مختلف الفئات الاجتماعية، والتأكيد أن العملية الانتخابية هي عملية بناء تراكمية ومحافظة على منجزات التنمية.واختارت الحملة كذلك عبارة مستوحاة من خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز تدعو المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية باعتبارها مشاركة في صناعة القرار. وقال سموه: كما أود أن أؤكد أنه تنفيذاً لتوجيه سمو ولي العهد الكريم الأمير عبد الله بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبد العزيز وتحقيقاً لمتابعة سمو الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية فقد بذلت اللجنة العامة واللجان الأخرى جهداً كبيراً في سعيها للوصول إلى أفضل النتائج، ولعل من أهم هذه النتائج أن أصبح لدينا تنظيمات متكاملة للعمليات الانتخابية، يمكن البناء عليها وتطويرها، وعلينا ألا ننسى أن التعلم والتطور الاجتماعي هي عملية تراكمية يتم البناء عليها من جيل لآخر، وهذه هي التجربة الأولى الشمولية لجميع مناطق المملكة العربية السعودية، لذا علينا أن نكون متفائلين بواقعية لهذه التجربة لانتخابات المجالس البلدية.
|