Saturday 29th January,200511811العددالسبت 19 ,ذو الحجة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

رغم انتشار الأمراض وتزايد الأوبئة في العالمرغم انتشار الأمراض وتزايد الأوبئة في العالم
كيف نجحت المملكة في تحقيق السلامة الصحية من الأمراض المعدية لأكثر من مليوني حاج؟

* الرياض - محمد العيدروس - أحمد القرني:
أعلن معالي الدكتور حمد بن عبدالله المانع وزير الصحة في المملكة العربية السعودية في الثاني عشر من ذي الحجة الجاري عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة خلو الحج من الأمراض الوبائية والمحجرية. وفي تصريح ل(الجزيرة) عزى معالي الوزير هذا النجاح أولاً إلى توفيق الله سبحانه وتعالى. وثانياً إلى التوجيهات السديدة للقيادة الحكيمة لهذه البلاد المقدسة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام -حفظهم الله جميعاً- وثالثاً إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة الصحة وما زالت لخدمة حجاج بيت الله الحرام. وقد أتى هذه الإعلان ليسجل نجاحا جديدا للمملكة يضم إلى سجل نجاحاتها السابقة في إدارة موسم حج نظيف من الأمراض الوبائية والمحجرية في وقت تسود فيه المخاوف الكبيرة دولاً عديدة من تفشي الأمراض المعدية فيها أو انتقالها إليها، وخاصة بعد كارثة تسونامي.
لم يأت من فراغ
ويرى المراقبون للشأن الصحي الدولي كما يذكر ذلك الدكتور عوض أبو زيد ممثل منظمة الصحة العالمية في الرياض أن نجاح الحكومة السعودية في تحقيق موسم حج خالٍ من الأمراض الوبائية والمحجرية لم يأت من فراغ وإنما جاء نتيجة لعمل منسق ومتناغم بين المملكة العربية السعودية وكافة الجهات الصحية الدولية في مجال تبادل المعلومات والخبرات المتعلقة بالنواحي الوقائية للأمراض الوبائية وخرائط انتشارها وتغيير هذه الخرائط بمرور الوقت والتوعية بسبل الوقاية من هذه الأمراض على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي. وأشار الدكتور منصور بن ناصر الحواسي وكيل وزارة الصحة للشؤون التنفيذية إلى ان التوجيهات المستمرة للقيادة السعودية الحكيمة لكافة الوزارات والجهات المعنية في الدولة بالمساهمة بفاعلية في تقديم مختلف الخدمات المتميزة للحجاج بما في ذلك وزارة الصحة كانت المحفز الأساسي دائما للوزارة في تقديم خدمات ذات جودة عالية ترتقي لتطلعات ضيوف الرحمن. وأضاف بأنه وفقا لتلك التوجيهات فإن الوزارة وضعت خطتها هذا العام 1425هـ في إدارة حج كما في الأعوام السابقة بالاعتماد على العمل والأداء الجماعي المشترك والمنسق طبقا لمنهجية علمية وأساليب عمل ومعلومات محددة تشترط الإعداد والتحضير المبكر وتتيح الاستفادة القصوى من جميع إمكانات وموارد الوزارة البشرية والمحلية والتعامل المباشر مع المعوقات التي قد تظهر أثناء التنفيذ. وطبقا لهذه المنهجية العلمية قامت هذه الوزارة فيما يخصها بالتعامل مع الحجاج منذ وصولهم إلى منافذ دخول المملكة وحتى عودتهم إلى بلادهم وذلك من خلال الاجتماعات المتواصلة طوال العام للجان الحج التحضيرية بإشراف ومتابعة الوزير. وتجنيد كافة إمكاناتها البشرية والفنية لتوفير الخدمات الصحة الوقائية والعلاجية لأكثر من مليوني حاج سنوياً.
وأوضح الدكتور الحواسي بأنه وفقا لخطط العمل التي أثمرت عنها تلك الاجتماعات مما مكن الوزارة من استكمال كافة الاستعدادات الصحية الخاصة بها في الأماكن والمشاعر المقدسة ومنافذ الدخول المختلفة عقب انتهاء أعمال اللجان التحضيرية والتنفيذية، مما أدى إلى مضاعفة الجهود لضمان توفير الرعاية الصحية الشاملة لحجاج بيت الله الحرام على أعلى مستوى رغم بعض الظروف والعوامل التي صعبت في بعض الأحيان من تأدية هذه المهمة. من تلك الظروف والعوامل صغر المساحة التي يوجد بها أعداد كبيرة من الحجاج في وقت واحد مما يساعد على انتشار العدوى وارتفاع نسبة الحوادث والإصابات الناجمة عن ازدحام السير. ومنها كون غالبية الحجاج من كبار السن ومعاناة كثير منهم من مشكلات صحية مزمنة كالسكر والضغط والربو وأمراض القلب وغيرها.
ترجمة الخطط كمياً
أما ترجمة تلك الخطط على أرض الواقع كميا فتمثل في أعداد المرافق الصحية التي تم تخصيصها لخدمة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام كما قال الدكتور رضا محمد خليل رئيس لجان الحج التحضيرية بوزارة الصحة. حيث ذكر ان الوزارة قد خصصت هذا العام وكعادتها كل عام موارد تجهيزية واستيعابية كبيرة شملت (21) مستشفى بسعة إجمالية قدرها (4372) سريراً قابلة للزيادة بمقدار (948) سريراً لتصبح (5320) سريراً. وكان توزيع المستشفيات كالتالي: (7) مستشفيات لمكة المكرمة و(7) مستشفيات للمدينة المنورة و(4) مستشفيات لمشعر منى و(3) مستشفيات بمشعر عرفات. فبينما قامت مستشفيات عرفات بتقديم خدماتها يومي 8-9 من ذي الحجة، قامت مستشفيات منى بتقديم خدماتها خلال أيام 8-13 من ذي الحجة. أما مستشفيات مكة المكرمة والمدينة المنورة فقد قدمت خدماتها للحجاج منذ بدء مجيئهم قبل الحج ثم أثناءه وبعده، ولا زالت تقدمه حتى مغادرة آخر حاج منهم بنهاية محرم. شملت خدمات هذه المستشفيات كافة الخدمات الصحية والطبية العلاجية والاسعافية. وأشارت أحدث الأرقام الإحصائية إلى كفاية هذه المستشفيات في تلبية احتياجات الحجاج هذا العام، حيث لم تسجل هذه المستشفيات نسب الاشغال القصوى حتى في أيام الحج. فقد بلغت أعلى نسبة اشغال في مستشفيات العاصمة المقدسة 66% يوم عيد الأضحى المبارك. كما بلغت أعلى نسبة اشغال في مستشفيات منى 42% في نفس يوم العيد الذي يوجد فيه في منى حوالي مليوني حاج بعد عودتهم من عرفات. كما بلغت أعلى نسبة اشغال في مستشفيات عرفات 19% يوم الوقفة لمليوني حاج على صعيدها. وبجانب هذه المستشفيات ذات السعة الاستيعابية الكبيرة خصصت الوزارة مراكز صحية كثيرة بلغ عددها (305) مراكز صحية لتقديم الخدمات الصحية الأولية. وكان توزيع هذه المراكز كالتالي: (86) مركزا صحيا بالعاصمة المقدسة (82) مركز صحيا بالمشاعر المقدسة و(137) مركزا صحيا بمنطقة المدينة المنورة.
وكانت هذه المراكز الصحية تقوم بتقديم الرعاية الصحية الأولية والعلاج الاسعافي الأولي وتحويل الحالات إلى المستشفيات عند اللزوم. وأضاف الدكتور رضا خليل أنه بجانب تلك المستشفيات والمراكز الصحية كانت هناك فرق طبية ميدانية تجوب أنحاء المشاعر المقدسة في منى وعرفات ومزدلفة لتقديم الخدمات العلاجية والاسعافية والنقلية للمرضى. وكانت تتكون من سيارات إسعاف مجهز كل واحدة منها بطبيب ومسعف وأدوية. فكان هناك حوالي (80) سيارة إسعاف كبيرة و(75) سيارة إسعاف صغيرة. أما القوى العاملة التي حشدت لتقديم الخدمات الصحية في موسم حج هذا العام فقد بلغت (9600) فرد شملت الأطباء والممرضين والفنيين والإداريين والطلاب والكشافة المتطوعين. كل ذلك أسهم في توفير خدمات صحية رفيعة المستوى لحجاج بيت الله الحرام وساعد على أن يكونوا في أحسن وضع صحي ممكن في ظروف مثل ظروف الحج.
التركيز على الوقاية
وتعد الوقاية حجر الزاوية في مكافحة أي أمراض معدية أو محجرية. لذلك فقد ركزت وزارة الصحة السعودية كثيراً على النواحي الوقائية للحجاج وجعلتها من أولى أولياتها، وبهدف منع حدوث أي أوبئة ومكافحة الأمراض المعدية خلال موسم الحج وبالتالي الخروج بحج خال من الأمراض الوبائية بإذن الله تعالى. فطبقا لما ذكره الدكتور يعقوب المزروع وكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي، فقد قامت الوزارة بتنفيذ برنامج وقائي عبر عدة مراحل بدأ من نهاية موسم الحج السابق حتى بداية شهر ذي القعدة وتم خلالها المراقبة الوبائية للأمراض على جميع الأصعدة الدولية والإقليمية والمحلية ومعرفة احتمالات الأمراض التي يمكن أن تتسبب في حدوث أوبئة كما تم تنفيذ خطة للتطعيم ضد مرض الحمى الشوكية في وقت مبكر ومتابعة الموقف العالمي للأمراض قبل القادمين ، ولا زال البرنامج متواصلاً بعد ان انتهى الحج حتى مغادرة آخر حاج الى بلده سالماً غانماً بإذن الله تعالى بنهاية شهر محرم القادم. وأضاف الدكتور المزروع بأن نجاح موسم الحج لم يتم إلا بناءً على ركائز مهمة تم توفيرها في حج هذا العام بحمد الله تعالى، فالركيزة الأولى وهي أهم هذه الركائز المعلومة التي تعتبر أهم سلاح لدى الطبيب والعاملين في القطاع الصحي عندما تتوفر المعلومة في وقت مبكر. فالوزارة تابعت باستمرار خيارات عديدة لجمع المعلومات سواء عن طريق المعلومات الموجودة على الإنترنت في مواقع المنظمات الدولية والدول المختلفة أو وسائل الاتصال الأخرى. فتم الاطلاع على المعلومات المتاحة من منظمة الصحة العالمية ومركز مراقبة الأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية والمراكز الأوروبية ومراكز جنوب شرق آسيا والمراكز الإفريقية عن الأحوال الصحية لشعوب تلك المناطق. وهذا ساعد الوزارة على وضع الاشتراطات الصحية للحج وتوصيلها مبكراً للدول المختلفة التي يأتي منها الحجاج. الركيزة الثانية هي اليقظة والحذر الشديد لاحتمالات وفادة المرض عن طريق مختلف المنافذ في المملكة والتي تعتبر مصدات مهمة لمنع وفادته وذلك بالاكتشاف المبكر له والتطبيق الجدي والفعال للاشتراطات الصحية التي تم وضعها قبل ذلك. لذلك تم توفير متطلبات هذه المنافذ من قوى عاملة مدربة مع استخدام الحاسب الآلي بشكل علمي لنقل المعلومة بين المنافذ والإدارة المركزية للطب الوقائي منذ بداية موسم الحج، وخاصة تلك التي تخص المستجدات الوبائية لكي يتم اتخاذ أي إجراءات إضافية إذا تطلب الأمر. الركيزة الثالثة هي التعامل الدقيق بالأسلوب العلمي مع كافة الحالات المشتبهة أثناء وجود الحجاج في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة ولم تدخر الوزارة جهداً بدعم معالي الوزير في توفير الاحتياجات التفصيلية والمتطلبات الضرورية في أي عمل يمكن أن يتطلبه العمل الوقائي في الحج. فقد كانت هناك فرق على مدار الساعة ومواقع ثابتة ومتحركة يمكنها التعرف على أي مشكلة صحية منذ بدايتها والتعامل معها بمهنية عالية وبأسلوب علمي متمكن بحيث يتم قصر الأضرار التي قد ينتج عنها بأقل عدد ممكن من الأشخاص المخالطين والتعامل مع المخالطين والبيئة بشكل سريع وعلمي متمكن.
وقال المزروع بأنه تم دعم تلك الركائز بما تم ووفرته حكومة خادم الحرمين الشريفين من بيئة صحية ونظيفة سواء في المدينتين المقدستين أو المشاعر المقدسة وتوفير المياه النقية الصالحة والتخلص من الفضلات بطريقة علمية سليمة. هذه هي أهم عوامل الدعم البيني التي ساعدت على عدم نشوء أي مشاكل صحية لها علاقة بالبيئة، وضمان حج نظيف بعون الله تعالى كما أسهم في ذلك تعاون القطاعات المختلفة والتزام الحجاج من خارج المملكة بالاشتراطات الصحية هو أمر لا يمكن إغفاله كجزء أساسي من سلامة الحج والحجيج من الأمراض الوبائية وعودتهم سالمين غانمين إلى بلدانهم.
استقدام الخبرات النادرة:
ولتأكيد الشعار الذي تبنته الوزارة وهو (صحة ضيوف الرحمن لنا عنوان) وتأكيداً على اهتمامها بكل الحجاج كبيرهم وصغيرهم وبجميع أحوالهم الصحية سواء أكانت عادية أم استثنائية بغض النظر عن البلدان التي أتوا منها فقد واصلت الوزارة نهجها الذي دأبت عليه خلال السنوات القليلة الماضية في استقدام خبرات طبية متميزة من بعض الدول المتقدمة صحياً في شكل أطباء وممرضين وفنيين في بعض التخصصات النادرة اللازمة للحج كما واصلت الاستعانة ببعض الخبرات المحلية من أساتذة الجامعات والاستشاريين لرفع مستوى الأداء بالمرافق الصحية بمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة ورفع مستوى الخدمات الفنية المقدمة للحجاج في أقسام العناية المركزة والتخدير والطوارئ. وقد استفاد من هذه الخبرات نظراؤهم من العاملين السعوديين في الوزارة وأضافت إلى خبراتهم الشيء الكثير. وفي هذا الإطار استقطبت الوزارة في موسم حج هذا العام (108) متخصص من ذوي الخبرات في مجال العناية المركزة والطوارئ والتخدير ضمن برنامج (القوى الطبية الزائرة). كان من بين المستقطبين 14 طبيبا من الولايات المتحدة الأمريكية و6 أطباء من بريطانيا و70 ممرضة من ماليزيا و18 طبيبا من داخل البلاد من القطاعات الصحية الأخرى مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومستشفيات الحرس الوطني ومستشفى قوى الأمن الداخلي. وشملت هذه القوى الطبية الزائرة فئات طبية نادرة ذات درجة عالية من التأهيل في تخصصاتها مثل أطباء الرعاية المركزة وأطباء الطوارئ وأطباء التخدير والممرضات ذوات الكفاءات الرفيعة المساندة لهم في هذه التخصصات. وقد تم استقطابهم لمساندة العاملين في مستشفيات الوزارة والاستفادة من خبراتهم في موسم الحج. وتعتبر هذه التخصصات من التخصصات النادرة وتتسم بقلة المتميزين فيها على مستوى العالم. وقد أدى استقدام مثل هذه الخبرات ووضعها تحت تصرف المستشفيات المختلفة إلى التمكن من التعامل مع الحالات الحرجة وتوفير إمكانية تقديم خدمات صحية وطبية لحجاج بيت الله الحرام تتسم بالطابع الشخصي بحيث كان يشعر كل مريض مهما كان بلده وعمره وحالته بأنه مركز الاهتمام من الجميع مع أنه لم يكن إلا واحداً من اثنين مليون حاج.
إشراك الدول الأخرى
ورغم سعي الوزارة من خلال الخطط والبرامج إلى تسخير جميع الإمكانات التي وفرتها الدولة لتجهيز مرافقها الصحية لتقديم الخدمات الطبية المتميزة خلال موسم الحج، لم تغفل وزارة الصحة أهمية مشاركة الدول التي يأتي منها الحجاج في العناية بحجيجهم أثناء الحج ولو بشكل رمزي ومحدود من خلال بعثات طبية لها للحج. وحرصت الوزارة على الإشراف المباشر من قبل السلطات الصحية المختصة على عمل هذه البعثات خلال موسم الحج بعد حصول كل بعثة طبية على ترخيص مزاولة لنشاطها وفق الاشتراطات الصحية الموافق عليها، وعقد اجتماع مع مندوبي تلك البعثات قبل موسم الحج لمناقشة المواضيع المتعلقة بخطة عملهم والإعداد لزياراتهم الميدانية للمرافق الصحية بالعاصمة والمشاعر المقدسة لاطلاعهم على مستوى الخدمات والتجهيزات التي وفرتها الدولة لتقديم الخدمات الطبية لضيوف الرحمن وتزويد تلك البعثات بالتعليمات والاشتراطات الصحية الواجب اتباعها والتمشي بموجبها والتنسيق معهم فيما يخص الاكتشاف المبكر للحالات المرضية داخل مخيماتهم وسرعة التبليغ عنها وإحالتها إلى المستشفيات وكذلك تزويد البعثات الطبية بالمطبوعات والأشرطة التوعوية الصحية التي أعدتها الوزارة بمختلف اللغات والقيام بزيارات للبعثات الطبية للوقوف على إمكانياتها والخدمات العلاجية والوقائية التي تقدمها لحجاجها خاصة فيما يتعلق بالتوعية الصحية.
خطوات دقيقة للتأكد
وأوضح الدكتور طارق مدني مستشار معالي وزير الصحة واستشاري الباطنية والأمراض المعدية ورئيس لجنة مكافحة العدوى في حج هذا العام بأن من أسباب خلو حج هذا العام والسنوات الماضية بعد توفيق الله سبحانه وتعالى ومنته - الجهود الدقيقة التي بذلتها جهات عديدة بالوزارة في أيام الحج على المستوى التنفيذي. ومن تلك الجهات لجنة مكافحة العدوى بالحج التي كانت تقوم على سبيل المثال بخطوات دقيقة للتأكد من صحة التشخيص وعدم وجود أي مرض فيروسي معد وخطير مثل حمى الوادي المتصدع أو حمى الضنك أو حمى الخمرة أو غيرها. وكان ذلك يتم من خلال قيام أعضاء اللجنة بجولات على مستشفيات مكة المكرمة من بداية موسم الحج حتى يوم السابع من ذي الحجة ثم انتقالهم بعد ذلك إلى المشاعر المقدسة لتشخيص حالة أي مريض يدخل للتنويم في المستشفيات للتأكد من عدم وجود أي مرض معد لديه يدعو للتدخل، وعمل الإجراءات اللازمة لمنع انتشاره. كما كانت اللجنة تقوم بالإضافة لذلك بتقديم الاستشارات في التخصص الدقيق للأمراض المعدية وهو تخصص نادر لا يوجد فيه إلا القليل من المتخصصين ليس في المملكة العربية السعودية فحسب وإنما في العالم كله. فكان أعضاء اللجنة يقومون بمساعدة الأطباء وإبداء الاستشارات الطبية في الحالات المنومة بسبب ارتفاع درجة الحرارة والالتهابات المخية أو السحائية أو الرئوية أو الكلوية أو الدموية أو الجلدية، فإذا كانت هذه الالتهابات جرثومية كان يتم إجراء التشخيص الصحيح والعلاج المناسب لأصحابها. إضافة إلى ذلك كانت اللجنة تقوم بتقييم إجراءات مكافحة العدوى في المستشفيات للتأكد من تطبيق هذه الإجراءات على الوجه الأكمل والتأكد من توفر مستلزمات الوقاية من العدوى بتوفير غرف العزل اللازمة كغرف الضغط السلبي لحالات الدرن الرئوي المفتوح ومستلزمات الوقاية مثل الكاميرات العالية الفلترة لمرض الدرن والكاميرات العادية للمرضى الآخرين كمرضى التهاب السحايا. وكان تم كذلك التأكد من وجود الواقيات مثل المرايل المغطية للجسم والقفازات ومغاسل اليدين والكحول المطهر للأيدي. وأيضا كان يتم التأكد من أن الأطباء والعاملين في التمريض وغيرهم على وعي كامل بالإجراءات الوقائية اللازم تطبيقها في حالة تنويم أي مريض مصاب بعدوى.
مواجهة التحديات المختلفة
وعزى الدكتور خالد بن محمد المرغلاني، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة ومدير عام الإعلام والتوعية بالوزارة ورئيس اللجنة الإعلامية لحج هذا العام 1425هـ. هذا النجاح السعودي في التعامل مع الجانب الصحي للحج إلى القدرة المتواصلة للسلطات الصحية السعودية وخاصة وزارة الصحة في هذه السنة والسنوات الماضية على مواجهة العديد من التحديات بنجاح عبر خطط مدروسة وليس أعمالا ارتجالية منشؤها رد الفعل. وذكر بأن هذا النجاح للوزارة ليس سوى انعكاس لرسالة ورؤية الوزارة لدورها في الحج. فمضمون رسالتها نص على أن وزارة الصحة تعمل على دعم فرص نجاح موسم الحج من خلال تقديم خدمات صحية متميزة ذات جودة عالية ترقى إلى مستوى توقعات حجاج بيت الله الحرام وتحقيق رضاهم. أما مضمون رؤيتها فنص على أن الوزارة تتوق إلى التفوق المستمر في تقديم خدمات ذات جودة عالية في مجال الصحة يحتذى بها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. فمن تلك التحديات التي تمكنت من مواجهتها وفقا لتلك الرسالة والرؤية التحدي الوقائي لمليوني حاج الذين قدموا من كل أنحاء العالم الذي تنتشر في أجزاء عديدة منه الأمراض الوبائية. حيث يمضون عدة أيام في مكان صغير المساحة نسبيا ويتحركون في أوقات محددة ويتعرضون للتزاحم وتيارات الهواء إما في درجات عالية في الصيف أو درجات حرارة منخفضة في الشتاء حسب الموسم. ومنها التحدي الاسنادي (اللوجستي) الذي يتطلب في وقت قصير جداً تأمين ما تستلزمه عدة جوانب بشرية وفنية ومرفقية بكل ما تتطلبه من أجهزة وأدوات ولوازم طبية ومختبرات وأدوية وقوى بشرية طبية وتمريضية وفنية وإدارية وهندسية وخدماتية. ومنها التحدي العلاجي ويتضمن كيفية التعامل مع حالات كبيرة بين المليوني حاج الموجودين في المشاعر تعاني من الأمراض المزمنة والشيخوخة والحادة وتتطلب توفير فرق علاجية كاملة قادرة على التعامل معها. ومنها التحدي التوعوي الصحي والثقافي للحجاج حيث أن الوزارة تتعامل مع عدد كبير من الحجاج الذين ينقصهم الوعي الصحي والثقافي الذي يمكن أن يسهم في إنجاح الخطط الصحية.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved