كنت في طريقي - وأنا على سائرتي - إلى شارع الريل، وقد لمحت شابا يمتطي دراجته النارية متجها بها إلى الطريق المؤدي إلى محطة السكة الحديدية.. وفجأة رأيت الدراجة تتراقص في الشارع وكأنها أحد (خيول الروديو) ثم تتهاوى وتقذف بممتطيها في عرض الطريق، ليتلطخ ثوبه الأبيض بكتل من الزيت الأسود، ويسلم الله فلا تصيبه إلا رضوض بسيطة. لقد كان الشارع مليئاً بالزيت الأسود، ويبدو ان إحدى الورش كانت تنضح به لفترة طويلة. أوقفت سائرتي ونزلت، ولمست بأن الزيت كان لزجاً تتزلج فيه عجلات السائرات، فسألت وعرفت بأن أكثر من عشرين سائرة وعشرين دراجة تعرضت لحوادث مماثلة من جراء ذلك الزيت المنساب في الشارع. ترى.. من المسؤول عما يصيب الناس وما يملكون من جراء ذلك؟ وما درجة مسؤوليته؟؟. لقد زرت مرة مدينة اشتهرت بالنظافة، فتساءلت أولاً ثم سألت عن السر في ذلك، وعلمت أن البلدية كانت بالمرصاد لكل بيت ومنزل ومحل تجاري إنْ وجدت أمام أي منها أي نوع من أنواع القاذورات أو السوائل حتى ولو كان ماء نظيفاً. وكانت البلدية تملك الصلاحيات الكافية التي تمكنها من محاسبة الناس ومعاقبتهم.. أوليست البلدية هنا مسؤولة عن نظافة الشوارع وخلوها من كل ما من شأنه أن يلحق الضرر بالآخرين؟؟!. أنا أعتقد بأنها مسؤولة عن ذلك فعلاً، ولكن المسؤولية لا تعني شيئا ما لم تصاحبها السلطة أو الصلاحيات التي تمكنها من تحمل مسؤولياتها بصورة تبرر وجودها وتبرر استمرار ذلك الوجود. لقد سبق لي أن ناقشت هذا الموضوع منذ زمن، وانتهيت إلى القول بأن البلدية ليست مسؤولة إلا بقدر، وان عملية النظافة انما هي مسؤوليتنا نحن جميعا أفرادا كنا أو جماعات. ان البلدية لا يمكن ان تحقق شيئا طالما كانت مواقفنا وتصرفاتنا تتسم بالسلبية والاتكالية واللا مبالاة. إنني أرجو أن يولي المسؤولون في البلدية وفي قلم المرور هذه المشكلة اهتماما يتناسب وخطورتها. وحتى يحين الوقت الذي يستجاب فيه لهذا الرجاء أود مخلصا أن أنبه كل الأفراد راجلين كانوا أو ممتطين سائراتهم أو دراجاتهم النارية إلى خطورة الشوارع المليئة بالزيت، ولعلهم بذلك يتقون ما أصاب غيرهم، فالوقاية - كما قيل - خير من ألف علاج.
|