جسدت النتائج الأولية للانتخابات البلدية في الرياض الواقع الاجتماعي للعاصمة، فالذين وفقوا في الدوائر السبع هم ممّن يمكن وصفهم بالمتدينين المعتدلين، كما أن هؤلاء المرشحين الفائزين يتميزون بقوة علاقاتهم الاجتماعية وحضورهم الشخصي في المناسبات والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. كما أن الفائزين يتصفون بكفاءات وخبرات وتأهيل علمي رجح اختيارات الناخبين. ومثلما أشرنا في مقالة الأمس التي استهللنا بها هذه السلسلة من التحليلات التي ترصد أول تجربة انتخابية مباشرة عامة في المملكة إلى أن ثقافة الانتخابات في المجتمع السعودي ثقافة محررة من بوتقة الحزبية السياسية الضيقة، فإن التخوف كان من هيمنة وسطوة الانتماءات القبلية والعشائرية والانتماءات الضيقة ذات الارتباط الأسري أو التقوقع ضمن الأطر الأقلية، ولكن نتائج انتخابات الرياض كشفت تجاوز أهل الرياض لهذه التخوفات من خلال غياب التأثير القبلي والعشائري، وان ظهر تأثير محدود لتكتلٍ يعبّر عن ارتباط فئوي يمتلك خصائص ينفرد بها دون غيره، وقد استطاع تكتلان من هذا النوع إيصال مرشحين لعضوية المجلس من خلال تبادل الأصوات مع المرشحين الآخرين. أما التأثير الآخر الذي وجّه أصوات الناخبين فكان لاستعمال تقنية (الإنترنت) ورسائل الجوال تأثير إيجابي لخدمة حملات المرشحين، فبالنسبة لاستثمار الإنترنت قامت بعض المواقع الإلكترونية المحسوبة على التيارات الدينية المعتدلة بنشر قائمة لمرشحين محددين أرفقتها بتزكية شخصيات دينية مؤثرة لها جمهور واسع، والملاحظ أن تلك القائمة التي نشرتها المواقع الإلكترونية وصفحات الإنترنت هي التي حققت الفوز، أما رسائل الجوال فقد تكثّفت وخاصة في اليوم الأخير، وقد ساهمت هي الأخرى في دعم مواقف المرشحين الذين حققوا الفوز لنشاط أنصارهم الإلكتروني.
|