Sunday 13th February,200511826العددالأحد 4 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

لما هو آتلما هو آت
سطوة الأرقام !
د. خيرية السقاف

لا يزال رقم العام الهجري الذي مضى يراود القلم، تسبق الخمسة ما بعدها... وتتراكض الذاكرة تعبَّ مما علق فيها أو استقر، من طرائف هذه الأرقام كيف تخطئ في قرارٍ، أو تمكن من فرارٍ...
ولعلَّ أصحاب المقاعد الذين بيدهم أقلام مؤشرات تنفيذية، يستعيدون بعضاً من مواقف، منحت فيها الأرقام حقوقاً، أو عطلت تنفيذاً، أو أضافت فرصة، أو سلبتها...
من طرائف ما مرّ بي في هذا الشأن أنَّ دعوةً وُجهت لي للمشاركة في ندوة كان يُعدّ لها لتكون ذات دور في وضع توصيات في موضوعها في شأن تطوير ما، في مؤسسة ما ذات علاقة بشرائح في المجتمع تحتاج إلى تغيير جذري بناءً على دراسات مستفيضة ومداولات ذات رأي. وحُدّد لي الموعد بالتأريخ الهجري في الأسبوع الثاني منه، لكنّ الخطاب ورد بالتأريخ الميلادي، وكان عليّ أن أكون خارج المملكة في مؤتمر يوافق يوم حضوره اليوم ذاته الذي ورد في الخطاب بالتأريخ الميلادي، فاعتذرت بعد موافقة، ذلك لأنَّ الارتباط الأول كان قد سبق، وذهب خطاب اعتذاري بتأريخ هجري كنت فيه قد غالبتني عادة كتابة الرقم يومياً فبدل أن أضع 1424 كتب 1423 إذ لم يكن العام الجديد قد بدأ إلاَّ بيومٍ أو اثنين.
هذا الموقف، واختلاف التواريخ بين الهجري والميلادي، وغلبة التعوّد اليومي، واجهني بنمطيّة من البشر... تعلمت وتعرَّفت على من يجرؤ أن ينسى نفسه في لحظة إحباط فيوغل في الاجتراء. إذ ما كان ممّن تسلم خطابي إلاَّ أن هاتفني لائماً معاتباً مقارناً بين ما يعرفه ويسمعه عنّي من الالتزام بالمواعيد، وكيف أنني ظهرت بحقيقتي وبأنني لا أقدّر الالتزام ولا أحترم الكلمة التي أعد بها، وكيف وافقت ثمّ تراجعت؟ ثمّ تهجمّ عليَّ كيف لي أن أكتب التأريخ في خطابي قبل عامٍ والعام هذا لم يكن قد عبر إلا بأيام، بينما الرقم يشير إلى الشهر الأول من العام الذي مضى...!!
ولم أفلح في الإيضاح...، بل اخفقت في أن أكون على مستوى المجترئ...
وتحدّثني صديقة لي بأنَّ مواعيد مهمة كثيرة أخطأتها بخطأ زلّة قلم في تأريخ زمنٍ ما...
وكثيرون فقدوا مواعيد سفرهم أو عودتهم لتداخل المواعيد في تداخل أرقام... والأرقام تأخذ دوراً بعيداً في إحداث خلل في تعامل الإنسان حتى على صعيد أرقام الهواتف إذ كثيراً ما تُسجل رقماً واحداً خطأً فيأتيك من يقبل اعتذارك، أو من يعود إليك بإزعاجك...
وهناك من كان الرّقم سبباً في حصوله على حقّ غيره في موعدٍ أو وظيفةٍ أو حتى جائزة أو في الدخول قبل الآخر لموعدٍ أو مقابلةٍ أو...
ناهيك عن الأرقام التي لا تكون للعدد أو التأريخ بل للحسابات المالية إذ كثيرون فقدوا مبالغ بسقوط أرقامٍ أو أصفار.
وكثيرون حصلوا على أضعافٍ بزيادة أرقامٍ أو أصفار
كلّ ذلك، يمرّ بالمرء إمَّا يضحك وإمَّا يندهش، والأدهى أن يبكى في حال أن يَفْقِدَ ما ليس في قدرته أن يعوّضه: موعداً مهماً، أو مبلغاً مالياً.
اسألوا موظّفي المواعيد
ومسؤولي الصّادر والوارد
والمحاسبين في البنوك
وعند مراكز الحسابات في كلِّ مكان...
اليوم سجّلت 1425 بدلاً من 1426 وتذكّرت كلّ هذا فشاركوني لحظةً ما، كنتم فيها مع اختلاف الأرقام في تأريخ أو سواه.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved