في مثل هذا اليوم من عام 1957 قرر الملك حسين بن عبد الله ملك الأردن إلغاء المعاهدة الموقعة بين المملكة وبين بريطانيا منذ عام 1948 وذلك في ظل تنامي المد القومي في المنطقة العربية خلال خمسينيات القرن العشرين. وجاء قرار إلغاء المعاهدة في إطار خطوات اتخذها الملك حسين تحت شعار (العروبة) حيث سبق ذلك الإطاحة بالقائد العام البريطاني للجيش الأردني الجنرال جلوب باشا فيما عرف باسم (تعريب الجيش) أو(انقلاب القصر). وكانت العلاقة بين بريطانيا والأردن قد بدأت قبل ظهور المملكة الأردنية بصورتها الحالية عندما احتلت القوات البريطانية فلسطين والشام وكانت منطقة شرق الأردن أحد أقاليم المنطقة لكن دون أن يكون لها حدود ولا ملامح واضحة. وقرر البريطانيون الاستعانة بأحد أبناء الشريف حسين بن علي أمير مكة خلال الحرب العالمية الأولى الذي تحالف معهم ضد الخلافة العثمانية على أمل الحصول على دولة عربية موحدة مستقلة تحت قيادته تضم الجزيرة العربية والشام. ولكن الإنجليز أخلفوا وعدهم له ثم عادوا ونصبوا أبناءه على بعض أقاليم المنطقة مثل شرق الأردن والعراق. وفي سياق تطور الأوضاع السياسية داخل الأردن في حقبة الخمسينيات من القرن الماضي وعلو كعب الخطاب القومي العربي في المنطقة, قام الملك الراحل الحسين بخطوته الكبيرة في إزاحة غلوب باشا عن قيادة الجيش الأردني, وطلب منه مغادرة الأردن في غضون 48 ساعة. وقد عرف ذلك القرار التاريخي بقرار (تعريب الجيش العربي) أو ب(انقلاب القصر). وكان غلوب قد كتب في مذكراته بمرارة فائقة عن لحظات طرده واعتبرها نكراناً للجميل وللخدمات التي قدمها للأردن على مدار 26 سنة قضاها هناك. من ناحية أخرى كان الملك قد وجه بتلك الخطوة ضربة استباقية لتطور النزعة القومية والمعارضة داخل الجيش والتي كانت ناقمة على جلوب باشا وتتوجه باللوم إلى الملك، فعن طريق تلك الخطوة ظهر الملك أكثر وطنية ولم يستطع أحد أن يزايد عليه.
|