Saturday 19th February,200511832العددالسبت 10 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

« صناديق زرقاء، وصفقات ملايين مزورة »« صناديق زرقاء، وصفقات ملايين مزورة »
هكذا تم الالتفاف على أراضي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون بالشتات و ينتظرون العودة .. !

* فلسطين المحتلة - بلال أبو دقة:
على خلفية الجدال العام الذي ثار مؤخّراً حول العلاقات بين الدولة العبرية وما يسمّى ب (الصندوق القوميّ لإسرائيل)، يثور مجدّداً الاهتمام بصفقات الأراضي التاريخية، التي سميت (صفقات الملايين) . .
ويدور الحديث عن سلسلة صفقات أدّت إلى أن تكون نحو نصف الأراضي التي يمتلكها هذا الصندوق أراضي صودرت أو نزعت من الفلسطينيين لاجئي عام 1948م.
وكان الصندوق الإسرائيلي اشترى الأراضي من الدولة العبرية ابتداء من العام 1949 وبداية الخمسينيات.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه (دافيد بن غوريون)، بادر إلى بيع الأراضي إلى الصندوق منعاً لإمكانية أن يفرَض ضغطٌ دولي على دولة الاحتلال إعادتها إلى الفلسطينيين.
وجرت الصفقة الأولى رغم معارضة المستشار القانوني للحكومة في حينه، (يعقوب شبيرا)، الذي شكّك في قانونيّتها . وتوقّف بيع الأراضي بعد أنْ نفد المال لدى الصندوق القوميّ ولاعتبارات أخرى.
قضية صفقة الملايين بحثها في السنوات الأخيرة عدّة باحثين إسرائيليين بينهم (د.أرنون جولان من جامعة حيفا، ود.ميخال أورن، من معهد شيختر لدراسات اليهودية في القدس المحتلة، والبروفيسور يوسي كاتس، من جامعة بار إيلان)، الذين شكّكوا في قانونيّة السيطرة على هذه الأراضي.
فمنذ عام 1961م تدير الدولة العبرية أراضي الصندوق القوميّ من خلال إدارة ما يسمّى (أراضي إسرائيل)، وحتى وقتٍ أخير مضى فإنّ اليهود وحدهم سمح لهم بالمشاركة في العطاءات لاستئجار أراضي الصندوق القوميّ، ولكن في الأسبوع الماضي من (4-10-2-2005) قضى المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية (ميني مزوز) بأنّ هذه الإدارة لا يمكنها أن تواصل هذه السياسة لأنها تميّز بين اليهود وغير اليهود . .
وفي الأسبوع الماضي كشفت صحيفة هآرتس العبرية النقاب عن أنّ الصندوق القومي والدولة العبرية يوجدان في المراحل المتقدّمة من المفاوضات للفصل بين الصندوق وإدارة أراضي إسرائيل، الأمر الذي سيتيح للصندوق تسويق أراضيه وفقاً لرأيه الخاص . .
وجاء قرار المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية (ميني مزوز) في أعقاب التماسٍ رفع إلى محكمة العدل العليا ضدّ سياسة الإدارة، تبلور في النيابة العامة للدولة العبرية التقدير بأنّ هذه السياسة سترفضها محكمة العدل العليا.
وكان الصندوق القومي للدولة العبرية تأسّس بقرارٍ من المؤتمر الصهيوني الخامس الذي انعقد في بازل سنة 1901، فقادة الحركة الصهيونية الذين أقاموا الصندوق سعوا لأنْ يجنّدوا بواسطته الأموال من يهود العالم لشراء الأراضي لتستخدم لإقامة الوطن القومي لليهود؛ ومصدر التمويل الرئيس للصندوق كان مئات آلاف (الصناديق الزرقاء) لجباية التبرّعات والتي وزّعت على الطوائف اليهودية ولا سيّما في أوروبا وفي الولايات المتحدة . .
وفي العقدين الأوّلين بعد تأسيس الصندوق عمل الصندوق على شراء الأراضي إلى جانب جهات عديدة أخرى . . ولكن في أعقاب الثورة العربية في 1936 توقّف تجار الأراضي الخاصين عن الانشغال في ذلك خوفاً على حياتهم، وبقي الصندوق القوميّ شبه وحيد.
ومع إقامة الدولة العبرية في أيار 1948 طرحت علامة استفهام بشأن استمرار وجود الصندوق، ففي البداية ترأّس رئيس الوزراء (بن غوريون) المؤيّدين لحل الصندوق، ولكن حدثاً غير متوقّعٍ أدّى به إلى تغيير رأيه . . وفي 18 كانون الأول 1948 استدعى (بن غوريون) إليه في لقاء عاجل (يوسف فايس)، مدير قسم الأراضي في الصندوق القوميّ، وقبل ستة أيام من ذلك كانت انتهت مداولات الجمعية العمومية في الأمم المتحدة في مسألة أرض إسرائيل بقرار 194 الذي يقضي بأنّ اللاجئين الذين يريدون العودة إلى منازلهم والعيش بسلام مع جيرانهم، يسمح لهم بعمل ذلك في أقرب موعدٍ ممكن . .
وبحسب د. أرنون جولان من جامعة حيفا، فقد أثار القرار التخوّف في قيادة الدولة من موجة لاجئين يطالبون بأملاكهم.
وكان في يد إسرائيل في حينه نحو 3.5 ملايين دونم من الأراضي المهجورة، التي كانت بملكية الفلسطينيين ممن تحوّلوا إلى لاجئين، واعتقد (بن غوريون) في حينه أنّ هذا المخزون من الأراضي - والذي يشكّل سدس المساحة الشاملة لفلسطين المحتلة، ضروريّ لضمان وجود الدولة العبرية . .
وحسب (د.جولان)، خاف بن غوريون من أنْ تفسّر مصادرة الأراضي لدى الأمم ا لمتحدة على أنها أراضٍ مغصوبة ويطالب العرب بإرجاعها قانوناً، فكان الحلّ الوحيد الذي جاء على باله نقل الأراضي بسرعة إلى أيادٍ يهودية خاصة، وهناك اعتبار آخر كان مالياً: حيث كانت الدولة في أمسّ الحاجة للأموال التي لدى الصندوق القوميّ. وكانت العصابات الصهيونية طردت بقوة السلاح أهالي 530 مدينة وقرية وقبيلة فلسطينية عام 1948، واستولت على أراضيهم التي تبلغ مساحتها حوالي 18,6 مليون دونم أو ما يساوي 92% من مساحة (إسرائيل) الآن، واقترفت تلك العصابات ما يزيد على 35 مجزرة لكي يتحقق لها الاستيلاء على فلسطين، وطرد وتخويف أهلها . .
وبينت الملفات الإسرائيلية التي فُتحت أخيراً، أن 89% من القرى الفلسطينية قد هُجرت بسبب عمل عسكري إسرائيلي، و10% بسبب الحرب النفسية، و1% فقط بسبب قرار أهالي القرية . .
وبحسب التقارير التي تصل تباعاً إلى مكتب الجزيرة: الصفقة العقارية الأكبر التي تعقد في الدولة العبرية حتى اليوم - اتفق فيها بعد ثلاثة أيام من إقرار قرار 194 الداعم لحق اللاجئين الفلسطينيين في لقاء آخر . . مقابل 11 مليون ليرة تلقّى الصندوق القومي الملكية الكاملة على نحو مليون دونم في (مناطق رواق القدس المحتلة، السهل الساحلي الجنوبي، الكرمل الجنوبيّ وإصبع الجليل)، وفي اللقاء طرح (فايس ورئيس الصندوق القومي أبراهام غرانوت) على بن غوريون مسألة قانونية الصفقة، فغضب بن غوريون وقال للرجلين إنّهما لا يفهمان الحاجة السياسية والأمنية العاجلة للاستيطان.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved