Saturday 19th February,200511832العددالسبت 10 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

نهارات أخرىنهارات أخرى
مصادرة (المعرفة) من مدارس البنات
فاطمة العتيبي

الثقافة المسموح بها في مدارس البنات منذ سنوات طويلة.. تتخذ شكلين لا ثالث لهما..
** رجل دين جليل يحضر إلى غرفة الحارس ويلقي محاضرته التي لا تخرج عن موضوعات الحجاب وواجبات الزوجة والدماء الطبيعية للمرأة.. وهو مجتهد في أن هذه هي الموضوعات التي تناسب النساء.!
بينما تستمع الطالبات وهن قعود على البلاط في ساحة المدرسة وتقف على رؤوسهن جميع المعلمات والمراقبات لإجبارهن على الصمت.
** والشكل الآخر هو دخول ممرضة أو طبيبة من الوحدة الصحية لهن، وهن قعود على ذات (البلاط) في الساحة والقائها لمحاضرة عن مرض التيفوئيد أو الحمى الشوكية.
لا شيء اختلف.. وفق ما تقوله زميلات لي مازلن على رأس التدريس.. حتى ما استحدثته مدارس البنين من مجالس شورى ومجالس حوار لم يشمل مدارس البنات، وكأن ثقافة الشورى والحوار وقفا على الرجل دون المرأة..
و(الثقافة) المسموح بها متروكة لمسؤولة النشاط في المدرسة حرة في اجتهادها وأفكارها.. لكن لا أحد يريد أن يجتهد أو يفكر بالجديد..
أمَّا دخول جريدة أو مجلة في حقيبة طالبة يعد (منكراً) عند بعض مديرات المدارس.. ويجرى تفتيش (عسكري) على حقائب الطالبات والجرائد والمجلات ضمن قائمة الممنوعات التي تصادر.
.. الجديد هو أنه ورغم كل هذا التداول الثقافي والاجتماعي لمسألة الحوار والمكاشفة وأهمية التنوع المعرفي للطالب والطالبة.. نجد مديرة مدرسة مع مشرفة تربوية يصدرن قراراً بسحب أحد أعداد مجلة (المعرفة) من المدرسة ومصادرتها كجزء من الثقافة الممنوعة..
والمبرر هو أن العدد يحتوي على بعض المفردات التي لا تليق بالتربية والتعليم..
مثل حديث ضيف في المجلة عن تجربة (حب) فاشلة.. وتناست المشرفة أن مناهج التعليم - والأدب منها بالذات - تتحدث عن الحب العذري الذي ابتكره شعراء قبيلة بني عذرة ونست أننا ندرس البنات قصائد عنترة ورغبته المشبوبة لتقبيل السيوف لأنها برقت كثغر حبيبته المتبسم!.
هذا التفكير الخائف دائما من الحديث عن العاطفة وكأنها جريمة لا تغتفر لا يساعد الفتيات على التماس طرق الاستقامة بل هن يذهبن لاكتشاف هذه الناحية الفطرية في مشاعرهن عبر المسلسلات المكسيكية المدبلجة وفيها ما فيها من خروج عن مقاييس الحب العذري النقي..
وصاية بعض المديرات والمشرفات على ثقافة مدارس البنات يجب أن يتم التدخل فيها عاجلاً من قبل المسؤولين التي أدرك رفضهم التام لهذا النوع من التفكير الضيق التي تدار به أنشطة البنات!.
ويلزم في هذه المرحلة بالذات أن يوجه الاهتمام الكبير لمدارس البنات حيث إن الخطط التطويرية لم تشملها كما ينبغي.. ولابد من مساواة مدارس البنات مع مدارس البنين بكافة الحقوق والامتيازات والتطوير الثقافي والقنوات الاعلامية وتنويع الأنشطة مع مراعاة الفوارق وعدم حصرها في شكلين ثابتين لا يتغيران - على إني لا أنفي أهميتها - لكن الاكتفاء بهما وتكرارهما يؤديان ولا شك إلى جمود وانغلاق وانحسار لحدود تفكير الطالبات وهن اللواتي يلزم أن يعاملن حذو القذة بالقذة مما يعمل به في تثقيف البنين وما يحدث به من تطوير وما يصرف عليه من ميزانيات!.
ولابد من إحداث حراك كبير في خطة الأنشطة والثقافة المسموح بها في مدارس البنات حتى لا يجترئ أحد على مصادرة مجلة (تربوية وثقافية) لأنها أوردت كلمة (حب) مع أن المناهج والقرآن الكريم والأحاديث الشريفة تحدثت عما هو أبعد من هذا !!!.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved