* الرياض - الجزيرة: أكد سماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس إدارة البحوث والإفتاء عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ أن الأمن مسؤولية الجميع كل بحسب مكانه واختصاصاته، المعلمين، والمعلمات، وخطباء الجوامع، وأئمة المساجد، ووسائل الإعلام فكل منا يؤدي وظيفته حماية لهذا المجتمع من كيد الكائدين، وحماية له من الحاسدين الحاقدين. وقال سماحته : في محاضرة ألقاها بجامع الراجحي شرق الرياض ضمن البرنامج الدعوي الذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة في فرعها بمنطقة الرياض بمناسبة انطلاقة حملة التضامن ضد آفة الإرهاب، قال: إن اجتماع كلمة الأمة، والتئام صفها، ووحدة كلمتها سبب - بإذن الله - يقيها البلايا، ويحميها من الرزايا، ويأمنها من كل مكروه، وأعظم ذلك التمسك بهذا الدين علماً وعملاً وتطبيقا لأحكامه والأخذ على أيدي المفسدين، يقول صلى الله عليه وسلم لما قرأ قول الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ}، قال: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي السفية ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليوشكن الله أن يضرب قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم). وأبان سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ قائلاً: إن لله على عباده نعماً عظيمة، العباد عاجزون عن تعدادها وإحصائها، قال الله تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}، وقال عز وجل : {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ}، نعم عظيمة، وآلاء جسيمة تفضل الله بها علينا فضلاً منه ورحمة والله ذو الفضل العظيم، نعم تترا، ونعم مترادفة، نعم متتابعة، كلما أمعن العبد النظر وجد هذه النعم العظيمة، ونحن مقصرون في شكرها، عاجزون عن القيام بحقها خير القيام، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأضاف سماحته أن الله - جل وعلا - إذ تفضل بالنعم دعا العباد إلى شكر نعمه عليهم، دعاهم إلى التأمل في هذا النعم، ثم شكر الله على هذه النعم، لأن بالشكر تزيد النعم، قال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، وقال عز وجل: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}، فهو - جل وعلا - أنعم وتفضل ورضي منا باليسير، وهو أن نشكره على نعمه التي أنعم بها علينا ظاهراً وباطن: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}هذه نعم باطنة، أعظمها نعمة الإسلام، هل بصَّر الله قلبك وشرح صدرك للهدى؟ قال الله تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، نعمه الظاهرة عليك أنت لا تستطيع أن تعدها، تبصر في نفسك فترى السمع والبصر والعقل، وترى سلامة الأعضاء وكمالها، وترى النعم العظيمة ما تعجز عن القيام بحقه، فلله الفضل أولاً وآخراً. وأعاد سماحة مفتي عام المملكة التوكيد على أن أعظم نعمة أنعم الله بها على عباده هي نعمة الإسلام، فنعمة الإسلام أجل النعم، وأكبر النعم، وأعظم المنن، وهي النعمة الكبرى والمنة العظمى، إذ بفقدانها يكون العبد من الخاسرين ومن الهالكين، قال الله - جل وعلا - : {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}، وقال تعالى: {إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}، وقال تعالى: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا}، فمن أعطاه الله الإسلام فقد أعطاه الخير كله إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ومن أعطاه الله الدين فقد أعطاه الخير كله إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ومن أعطاه الله الدين فقد أحبه؛ فعلامة حب الله لك هدايته لك للطريق المستقيم، وشرح صدرك للخير قبوله والعمل به، ثم يلي نعمة الإسلام نعمة العافية والسلامة، فما أوتي ابن آدم بعد اليقين خير من العافية فمن عافاه الله في بدنه وماله وأهله فليحمد الله على هذه النعمة، ولتكن عوناً له على ما يرضي الله عنه.وفي السياق نفسه، قال سماحة المفتي العام للمملكة: ومن هذه النعم نعمة الأمن والأمان، فالأمن نعمة يهبها الله لمن يشاء من عباده، ويمن بها عليهم ويتفضل بها عليهم. وقد ذكرنا الله بهذه النعمة وعظم أجرها، فقال سبحانه وتعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ }وقال - جل وعلا - {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}، حقاً لا يعلمون عظم هذه النعمة، ولا يعلمون قدرها، لأن بالأمن ينعم الناس بالعيش وينعمون بالنعم ويتمتعون بها، وإذا عدم الأمن عدمت النعم، وإن وجدت كانت نكداً على أهلها، ولن تطب لهم اللذات بها.
|