Saturday 19th February,200511832العددالسبت 10 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

ما هو الإرهاب ولماذا؟ما هو الإرهاب ولماذا؟
عبد الله بن راضي المعيدي

الإرهاب هو الإفزاع والإخافة، يقال: أرهبَه ورهّبه أي: أخافه وأفزعه، وبذلك فسّر قوله تعالى عز وجل: {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}(الأعراف: 116).
والإرهاب في عصرنا يمثل قضية الساعة وخطر المستقبل، يتولد عن خطأ في المعتقد والفكر والسلوك ومن عدم التعايش مع الواقع وعدم الرغبة في صناعة المستقبل، فقد ينتج عن مطمع دنيوي أو يأس من النفس أو انتقام شرير.
ومن الإرهاب الأعمال التخريبية التي وقعت في بلادنا، أعمالٌ تهدم ولا تبني، تخيف ولا تؤمّن، بل أحدثت شروراً عظيمة ومفاسد كثيرة.
ومما اشتد على أهل الإسلام أثره أن موقدها بعض أبناء المسلمين الذين استهوتهم شياطين الإنس والجن، فصدّوهم عن الصراط المستقيم، فغدوا أسلحة موجهة ضد الإسلام وأهل الإسلام، بما فعلوا من أمور عظيمة منكرة، لم تعد خفية.
ومن ذلك تكفيرهم المسلمين وقتل المستأمنين، وإعلانهم الخروج عن طاعة ولي الأمر واعتداؤهم على الممتلكات وسعيهم إلى الإخلال بالأمن وترويعهم الآمنين وإشاعة الفوضى، وهنا ينبغي ألا نعمّم الخطأ على جميع الأمة الإسلامية، فالإرهاب لا يرتبط بدين ولا وطن ولا أمة، بل هو بضاعة إبليس يزرعها في فكر من ضلّ سعيه وخاب عمله. وقد عمّ العالم ضرر الإرهاب وتطاير شرره.. نسأل الله أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من شر الإرهاب وأهله. ولخطورته تعالت الصيحات إلى ضرورة التصدي له وتحديد مفهومه وبيان أشكاله وصوره، كما تنادت الهيئات وعقدت المؤتمرات ومن آخرها بل أهمها وأشملها مؤتمر الرياض.
ونحن ندرك أن الإسلام أرفع وأشرف وأسمى من كل هذه السلوكيات الخاطئة والمعتقدات الضالة.
هذه التصرفات الشاذة لا تعبر إلا عن معتقد أصحابها وما يحملونه من أفكار منحرفة تخالف الطرق الشرعية والأساليب النبوية، ومن عجب تمحّل بعض الحاقدين حين ركبوا متن الشطط والغلو، ولمزوا قيم الإسلام ومبادئه والدعوة والدعاة، في مغالطة للحقائق وكيد للإسلام وترهيب الناس من الدين والتديّن، وهذا تزييف واضح وافتراء مشين.
لقد سبق الإسلام جميع القوانين في مكافحة الإرهاب وحماية المجتمعات من شروره، وفي مقدمة ذلك حفظ الإنسان وحماية حياته وعرضه وماله ودينه وعقله، من خلال حدود واضحة منع الإسلام تجاوزها. إنه دين يحمي الكرامة والحياة الإنسانية، وجعل قتل أي نفس بغير حق بمثابة قتل الناس جميعاً، قال تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} وتحقيقاً لهذا التكريم منع الإسلام بغي الإنسان على أخيه، وحرم كل عمل يلحق الظلم به؛ قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ } (الأعراف: 33). وشنع على الذين يؤذون الناس في أرجاء الأرض؛ {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}.
الإسلام دين الرحمة، ورحمته - صلوات الله وسلامه عليه - امتدت لتشمل الحيوان والنبات، بل كل شؤون الحياة، ألم يشر - صلوات الله وسلامه عليه - إلى أن رجلاً دخل الجنة في كلب سقاه، وامرأة دخلت النار في هرة حبستها، (لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)؟ ألم يدعُ - صلوات الله وسلامه عليه - إلى عمارة الكون وإحياء الموات من الأرض؛ (من أحيا أرضاً ميتة فهي له)؟
ديننا دين العدل والإحسان أمر المسلمين بأن يعدلوا مع إخوانهم وغير إخوانهم: { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}.
ديننا أمر بطاعة ولي الأمر: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية). ديننا أمر بالابتعاد عن كل ما يثير الفتن، وحذر من مخاطر ذلك، فقال سبحانه: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً}. ديننا وجّه الفرد والجماعة إلى الاعتدال واجتثاث نوازع الجنوح والتطرف وما يؤدي إليهما من غلو في الدين لأن في ذلك مهلكة أكيدة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والغلوّ في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين). ديننا عالج نوازع الشر المؤدية إلى التخويف والإرهاب والترويع والقتل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي وإن كان أخاه لأبيه وأمه).
هذا ديننا، هذا هو نهج الإسلام، دين التعمير والبناء، لا التدمير والإفساد. حارب الإسلام الإرهاب بتحريمه بكل وسيلة غير مشروعة يتوصل بها إلى هدف مشروع، فالغاية في الإسلام لا تسوغ الوسيلة، فلا بد من مشروعية الغاية وما يتوصل به إليها، كل ذلك ليحقق الاستقرار ويعمّ الأمن والأمان في المجتمعات الإسلامية.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved