في مثل هذا اليوم من عام 1997 انتقل الى رحمة الله تعالى في الرياض الاديب والشاعر والمربي الفاضل أحمد فرح عقيلان رئيس الاندية الادبية السعودية السابق الذي وافاه الاجل المحتوم عن عمر يناهز الثانية والسبعين عاما اثر نوبة قلبية مفاجئة بعد ان أمَّ المصلين في صلاة العشاء في مسجده الكائن بحي النسيم. فالشيخ الجليل، كما يصفه الشاعر الكبير الدكتور عبدالرحمن العشماوي، هو سنواتٌ من العطاء العلمي والتربوي بدأَت من فلسطين، بلدة الفالوجة مسقط رأس الاستاذ أحمد، وانتهت برحلة تربوية علمية في الرياض حيث تتلمذ عليه عدد كبير من الطلاب في معهد العاصمة النموذجي على مدى سنواتٍ غنيَّة بالعطاء اللغوي والأدبي والتربوي المتألِّق، وقد رأيت من حبِّ تلاميذ الأستاذ، ووفائهم وتقديرهم له، وحرصهم على خدمته والسؤال الدائب عنه ما يدلُّ على أثره الكبير في نفوسهم، وقد حدثني الأستاذ أحمد أكثر من مرَّة عن وفاء تلميذه فيصل بن فهد رحمه الله، الذي كان دائم السؤال عن أحوال استاذه، حريصاً على راحته، وذكر لي من مواقف المودة والوفاء بينهما ما يثلج الصدر، وكان الاستاذ يروي ذلك بكل شكر وعرفان وامتنان. وأقول: إنَّ الاستاذ أحمد فرح عقيلان نفسٌ صافية، وعقل راجح، وتواضعٌ جَمٌّ واصالة عربية، وروح إسلامية، وحرص على مصالح الناس، ورعاية للأهل والأقارب والجيران. ولعلَّ من الأمور التي تخفى على كثير من الناس في حياة الأستاذ أحمد ما كان يقوم به من دور كبير في إصلاح ذات البين، والسعي في حاجات الناس، وقد رأيت عنده مرات متعددة بعض الأقارب والأسر يرجعون إليه للإصلاح بينهم فيما يختلفون فيه، ويرضون بحكمه وينزلون عند رأيه، وكان يسعد بذلك كلَّ السعادة. وكان الأستاذ رجلاً اجتماعياً محباً للناس مضيافاً كريماً صاحب مبادرات، وقد صاحبته في اكثر من ندوة وأمسية، وسافرت معه أسفاراً كثيرة فرأيت من حسن صحبته ورعايته، ودعابته ما يسرُّ النفس، وما يدل على سلامة الصدر وطيب المحتد. أحمد فرح عقيلان أديب مقتدر وشاعر مُجيد، له في عالم الأدب والشعر صولات وجولات، وله في النقد الأدبي دراسات جادة واعية، وهو ذو اطلاع واسع على الأدب المكتوب باللغة الانجليزية وله فيه قراءات متعددة، ويحسن نقد الشعر الانجليزي ويعرف قواعده واتجاهاته ومنطلقاته الثقافية والعقدية والفكرية وما زلت أذكر ذلك اللقاء الذي أقيم في نادي الرياض الأدبي في العام الذي صدر فيه كتاب الاستاذ احمد فرح عقيلان (جناية الشعر الحر)، وهو أوَّل كتاب صدر في المملكة يكشف عن خطورة الحركة الحداثية على ثقافة الأجيال المسلمة، ماذا أقول عن أبي محمد؟؟ المواقف كثيرة والقلم أضعف
|