بين قولين
الحُب الصناعي
عبدالحفيظ الشمري

في الطفرة الجديدة -غير المتعقلة طبعاً- صنعنا بأيدينا، وتحت أنظارنا جيلاً جديداً لكل الأشياء، بل أصبحنا نخترع دون علمنا كماليات وضروريات كثيرة لا تحصى ولا تعد.
فحينما أصبحنا في وهم الصناعة غرقى، طفت على أجسادنا علاقات صناعية أيضاً، على نحو تحيات رسائل الجوال ومباركاته في السنوات الهجرية والميلادية ورأس السنة ووسطها وفي الأعياد والأعراس.. حتى الحب في وارد أن يكون صناعياً تنتجه الآلة.
في طفرتنا الجديدة نشأت علاقاتنا المشبوهة مع موجات الأثير حتى أصبحنا لا نلتفت إلى ما يفيد أو يقوي علاقتنا بمن حولنا من بشر، ولم نراعِ أي جوانب إنسانية أخرى تتعلق بالأرض والبيئة والإنسان.
انجرف البعض من حولنا وراء العبث الذي أصبح يأتي على هيئة ترفيه يقال عنه وبادعاء دائم أنه بريء، فلم نعد نميز بين خير وشر، وبين واقع وخيال، والأدهى من هذا وذاك أن من بيننا من يسير خلف أشخاص يبلغون من العمر عتيا، لنراهم وقد تراقصوا في المحافل، وترنحوا أمام الملأ، بل هناك من يتكلف ويبالغ على حساب قيمه وخصوصيات مجتمعه، ليأخذ معه الكثير من الجيل نحو هاوية التذوق والذوق، فلم يعد الجميع يميز بين ما هو سيئ وما هو أسوأ، لأنه أصبح خاضعاً لمفهوم الشكليات فقط، ومنجرفاً وراء الألوان الخادعة والمزيفة للأسف.