Monday 7th March,200511848العددالأثنين 26 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

الرئة الثالثةالرئة الثالثة
(سياحة) ذهنية في (قرية الجنادرية)!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

* قرأتُ مؤخراً تصريحاً صحفياً منسوباً لصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية ونائب رئيس اللجنة العليا لمهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، أماط فيه سموه الكريم اللثام عن أن هناك دراسة للاستفادة من بعض مرافق قرية الجنادرية لأغراض سياحية طويلة المدى.
**
* والحق أقول لكم إن نفسي قد انتشت جذلاً وأنا أقرأ ذلك التصريح وتذكرت أنني قد تناولت هذا الموضوع عبر هذه الزاوية في مثل هذه الأيام من العام الماضي بعنوان: (لماذا لا تستثمر الجنادرية سياحياً)، وسر فرحي بالتصريح سالف الذكر هو أن (الحلم) الذي تحدثت عنه قبل عام يكاد يصبح حقيقة، من خلال دراسة الفكرة، ولو من حيث المبدأ!
**
* قلتُ لنفسي متسائلاً، ولم لا.. تدرس جدوى الاستفادة من قرية الجنادرية سياحياً بعد أن باتت (معلماً) تراثياً وثقافياً وحضارياً، يستقطب الأفئدة ويشد الأبصار، لكن لأيام معدودات من العام، ثم تقفل الأبوابُ حولاً كاملاً حتى يشرق بدر الجنادرية من جديد؟!
**
* واليوم، ونحن نوشك أن نسدل الستار على فعاليات الجنادرية في عامها العشرين من عمرها المديد، أجدني مشدوداً للحديث مجدداً عن الموضوع، طمعاً في أن تكون تلك القرية متنفساً حضارياً لسكان عاصمتنا الجميلة وما حولها، ومن يفد إليها من الداخل أو الخارج من عرب وعجم!
* لماذا كل هذا الحماس (السياحي) لقرية الجنادرية؟ قد يسأل سائل، فأقول إن هناك أكثر من سبب يسوغ الفكرة، فمثلاً:
1- زفت غادة الصحراء.. (الجنادرية) قبل عقدين من الزمن.. إلى الفكر والتراث في عرس مهيب ما برح يتجدد هيبةً وبهاءً عاماً بعد عام، وبات لنا وللناس معنا في كل مكان، عبر الجنادرية، موعد نترقبه.. ونهفو إليه، وأضحى للإبداع سحابة من لؤلؤ تمطر كل حول.. فتشرق بضوئها وضوعها أرض الجنادرية، شعراً ونثراً ومسرحاً وروايةً، وغدت ندوتها الفكرية معيناً ثقافياً ترتاده العقول من كل مكان، فيشعلها ويشغلها ويروي ظمأها! وهي بمقاييس عدة، معلم جميل تعرف به الجنادرية وتعرف، إقليميا وعربياً! لكن ظمأنا لقطر تلك السحابة لا يرويه أسبوع أو أسبوعان أو ثلاثة!
***
2- أثبتت (الجنادرية) عبر السنين قدرتها على تجسير الفجوة بين حاضر إنسان هذه الجزيرة وماضيه، وتجسيد التآخي بين أصالة جذره التليد، وجزالة عطائه المتجدد، منحت الجنادرية هوية هذا الإنسان بعداً رائعاً أسهم ويسهم في تصحيح ما علق في بعض الأذهان القريبة والبعيدة عنا من سوء في الفهم، وسقم في الظن، وعوج في الرؤية، كالقول بأنه لم ولن يقوم لهذا الإنسان شأن إلا بالبترول.. أو أنه بالبترول وحده.. يكون هذا الإنسان أو لا يكون!
3 - أزعم أن في (الجنادرية) رداً موجزاً ومبدعاً لهذا المفهوم، لأنها تحكي سيرة هذا الإنسان.. تراثاً وفكراً وإبداعاً، يتجاوز أثره وتأثيره حدود الزمان والمكان ليعانق التاريخ، ماضيه وحاضره، ويقف شاهداً على انتماء ابن هذا البلد إلى (كوكب) العطاء الإنساني، وقدرته على التكيف مع ظروف زمانه ومكانه، عسراً ويسراً، قبل البترول وبعده!
4 - وبمعنى آخر، أتمنى أن تترجم الدراسة آنفة الذكر إلى فعل نبصره ونتفاعل معه حقيقةً لا خيالاً، ومن خلالها ستتعانق (ثقافة) التراث مع بعض (ماديات) العصر الحديث، إمتاعاً للعقل والبصر والبدن!
***
* أما بالنسبة لآلية التنفيذ، فأرى أن (تؤجر) مرافق القرية للراغبين في الاستثمار سياحياً، مدةً أو مدداً معينة من العام، ويستفاد من عائد عقود الإيجار لتطوير المرافق وتحسين أدائها لمصلحة الاستثمار السياحي، وأن توكل مهمة الإشراف على هذا المشروع إلى جهة متخصصة.
* أختم هذه المداخلة بالآتي:
أ - إذا كنا قد أقمنا في الرياض (متحفاً) يضاهي أرقى متاحف العالم مساحةً وعرضاً، وله مريدوه كل يوم في العام، فلماذا لا تكون قرية الجنادرية (متحفاً) لإبداع إنساننا التليد والجديد يُشاهد طوال العام؟!
***
ب - أتمنى ألا يشغلنا الفرح ب(الجنادرية) كل عام.. فلا نبحث عن سبل تطويرها، مضموناً وإخراجاً، لأن الإبداع الإنساني لا سقف له ولا قاع!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved