الأهمية السياسية للتقدم الاقتصادي والتعمير تجعل من مهمة المدير المالي مهمة سياسية في تحقيق الأهداف القومية بالإضافة إلى مهمته الاقتصادية. ونعتقد أن الحاجة ماسة ومتعاظمة لوظيفة الإدارة المالية وذلك في القطاع الخاص والقطاع العام على حد سواء لأسباب أهمها، الرغبة في التقدم السريع وما يتطلبه من تحليل دقيق لاقتصاديات الاستثمار والتشغيل والتمويل طويل الأجل وقصير الأجل خصوصاً على ضوء التغيير السريع في التكنولوجيا وتقنية الاتصال والمواصلات هذا بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار العالمية في السلع وتقلب أسعار صرف العملات العالمية وإغراق الأسواق والمعاملات الاحتكارية والغش التجاري بكل وسائله المتعددة وتزايد المنافسة المحلية والإقليمية والدولية في عالم الاقتصاد الحر ومرحلة العولمة الاقتصادية والمالية وبما يعقد من عملية اتخاذ القرار الاقتصادي. إن مفهوم الإدارة المالية في مجتمعاتنا العربية مفهوم يصاحبه الكثير من سوء الفهم في التطبيق العلمي. إن المدير المالي الذي يسيطر عليه - سواء بإرادته أو رغم إرادته - الجزء التسجيلي والرقابي لا يصبح مديراً وإنما مدير حسابات أو مراقب مالي وذلك بالرغم من أن المدير المالي يجب ان يعتمد على أدوات المحاسبة والمراجعة والتكاليف في أداء عمله. يجب علينا إيجاد جيل جديد من المديرين الماليين بالعلم والتدريب لترسيخ المفاهيم الحقيقية للإدارة المالية التي تتناسب مع تعقيدات عالم الاقتصاد الحر والمتغير بسرعة كبيرة تحت واقع العولمة وثورة الاتصالات وانفتاح أسواق رأس المال العالمية. هذا مع أهمية توضيح أن الإدارة المالية - كوظيفة - ليست مقصورة على المديرين الماليين، فكل قرارات الإدارة العليا لها جانب مالي وكذلك قرارات مديري الإنتاج والتسويق والمبيعات والمديرين التجاريين لها جانب مالي. على المدير المالي أن يوضح لهم جميعاً النتيجة المالية لتصرفاتهم وقراراتهم ويحاول إقناعهم بإفكاره وخبراته المالية وأدواته التحليلية المتطورة وطالما أن هدف الجميع هو المصلحة العامة فإن صوت المعرفة والعلم لابد أن يكون أعلى فلا يصح في النهاية إلا الصحيح. الدول المتقدمة تستثمر جيداً في بناء قدرات أبنائها للتطوير في مجال الإدارة المالية.
|