والحديث عن تجربة حجاج الداخل، لعله ذو شجون.. وأنا مع النظام والتنظيم، غير أن عملية حجاج الداخل فرض عليهم نظام، ومرحباً بالنظام، إلا أن تطبيقه لا يمكن أن يتوقف أو ينتهي عند ارتباط قاصد الحج من مواطن ومقيم، فالمؤسسات والشركات.. ولا يكفي أن يقول وزير الحج: (هناك دور رقابي تمارسه هذه المؤسسة ذاتياً، وهناك (دور رقابي) تمارسه وزارة الحج على الخدمات المؤداة للحجيج) إلخ! * إذاً، فإن مقولة الوزير، إن - البلاد تستوعب عشرة ملايين حاج، أمر فوق الاستطاعة، بمعنى أن حماية حجاج الداخل في تلك المؤسسات والشركات أمر لا يعول عليه، ما لم يكن ثمة رقابة فعالة على القائمين الذين يقومون بشؤون حجاج الداخل، ذلك أن الشكوى عاجة ومرتفعة الصدى، فالمتكفلون بهذه المهمات، يقدمون لمن يسعى إلى الحج معهم مغريات تشبه الأحلام، وعندما يرتبط معهم الحجاج، تتبخر تلك الأحلام، ويجأرون بالشكوى، ولكن بعد فوات الأوان.. وكان بودي أن يكون في تعبير الوزير عن الرقابة التي قال، ما هي؟ وكم أنصف من الشاكين المحقين؟ وكم عوقت ممن لم يؤدوا أماناتهم وخدماتهم لمن ارتبط بهم؟.. نريد حماية، وأعتقد أنه في زحمة الموسم والحج من الصعب فرض حماية ذات قيمة، إذا لم تؤد الشركات ومؤسسات الحج الداخلي واجبها كما ينبغي! لأن هذه الخدمات الهدف منها الربح، وأنا لست ضد الربح المعقول، ولكن بعيداً عن الاستغلال، ذلك أن الإنسان خلق هلوعاً كما يصوره الكتاب العزيز! * في رأيي، وأنا لا أتحدث عن حج سبع أو عشر نجوم، ولكن الحج الميسور ذي التكاليف المعقولة، فلا ضرر ولا ضرار.. وبالمناسبة فقد شاهدت في إحدى صحفنا يوم الثلاثاء 8-12- 1425هـ كاريكاتيراً، مرسوماً فيه خيمة يقول التعليق إن بها ثلاثين حاجاً في خيمة واحدة، وأرجل أحد سكانها ظاهرة من خارج التازير.. فأين رقابة وزارة الحج، وما يقال في هذا المجال كلام من متابعة!؟ * وقرأت عن قضية (الافتراش) في منى، الذي تمارسه شرائح من حجاج الداخل من مواطنين ومقيمين، ووزارة الحج تشكو من هذه الحال، وأكبر الظن أن الحلول ليست مستحيلة، وقد تكون عسيرة إلى حد ما.. وربما البحث في الهروب من الحصول على تصاريح من الجهة المختصة بالحج للناس داخل المملكة، لعل مرد ذلك تكاليف الحج مع تلك المؤسسات والشركات المتاجرة، ومعالي وزير الحج ذكر أرقاماً متواضعة لتكاليف الحاج، في حدها دون الأدنى كما أتصور.. لكن الغريب في حديث معالي الوزير هو قوله: (ونحن في الحقيقة لا ندخل طرفاً في الأسعار لأنه يصعب ذلك) وما قاله وزير الحج كلام فيه نظر كما يقال، فإذا كانت الوزارة لا تتدخل في الأسعار وتحديدها، فالمسألة تصبح إلزامية، ويظلم فيها الحاج الداخلي، وهذا شق مما يدفع الناس إلى الافتراش والهروب من الحصول على تصاريح للحج، مادامت حماية المتعامل مفقودة، ويقول الوزير، إن وزارته ليس من شأنها التدخل في الأسعار الملزمة للمتعامل، وهذه الحال تجعله شبه مغرم، يلزم بالنظام والخضوع له، وعدم الافتراش ثم لا يحمي، مما يدفع إلى الهروب من القيد الذي يلزم المتعاملين وحدهم، أما الطرف الآخر فهو حرفي التصرف والتحكم! * مشكلة الافتراش والهروب من الحصول على الإذن بالحج، يمكن حلها، إذا أنصف الراغب في الحج، بحيث يدفع أجرة الخيمة التي تظله، ووسيلة النقل التي تقله، ولا يلزم بالطعام لمن لا يريد.. في رأيي، إذا حسبناها بحيادية، يتبعها هامش ربح معقول لقاء الخدمات لمدة أربعة أيام أو خمسة، بحيث يكون السقف لا يتجاوز ألف ريال، على ألا يرص ثلاثون نفساً في الخيمة كما قالت الوطن، ثم إننا بعد اثنتي عشرة سنة قادمة، ومن خلال دورة الفلك، سيعود الحج إلى الصيف، فإذا أضيف تبريد مروحي أو تكييف فتضاف دون تجاوز.. إن أخذ الحق بحق وأدائه، يقنع الناس حتى بدون مزيد نوعية، حينما يكون التعامل مع مؤسسات على مبدأ صدق وحق أخذاً وأداءً، يطمئن الناس، بعيداً عن الشر والاستغلال، ولا أقول لأصحاب الشركات والمؤسسات اعملوا بالمجان لوجه الله، لكن لا ضرر ولا ضرار.
|