Friday 10th June,200511943العددالجمعة 3 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

نظرات في كتاب الحاسب الآلي (1-2)نظرات في كتاب الحاسب الآلي (1-2)
د. محمد بن سعد الشويعر

ما أجمل أن يسيح فكر الإنسان، في كتاب جديد، وبعلم جديد هو من مقومات هذا العصر الذي اتسعت فيه المعارف، وتطورت أساليبها، وأجهزتها التي تخدم المعلومات، في زمان تشابكت فيه المعارف وتوسعت العلوم، وأصبح العالم فيه عبارة عن مدينة واحدة، ترابطت فيها المصالح، وتعددت وسائل المعرفة، وتيسرت معها الارتباطات، فأصبح البعيد قريباً، والصعب ميسراً إلا أن لكل شيء ضريبته وسلبياته.
والكتاب الذي سيتم إلقاء نظرات فيه، استهوتني المحتويات وشدني عنوانه، وإن لم أكن من فرسان ذلك الميدان، فهو من السهل الممتنع، ومن مقومات هذا العصر الذي توسعت فيه المدارك، وجدت فيه علوم حتى سماه بعضهم (عصر الكمبيوتر) بما فيه من غرائب وفوائد.
ذلك الكتاب هو: الجهود القانونية للحد من جرائم الحاسب الآلي، تأليف: العميد الدكتور علي بن هادي البشري، الطبعة الأولى عام 1426- 2005م وقد طبع طباعة جيدة، تتلاءم مع أهمية هذا الكتاب في العصر الذي نعيشه، ويقع في 216 صفحة مع فهارسه.
وقد جعل مدخله إلى محتويات الكتاب مقدمة أبان فيها جهده في هذا الكتاب، وأنه مواصلة لجهود بدأها من قبل في محاولة للتعريف بالحاسب الآلي، وإمكانياته في المساهمة في بناء صرح الحضارة الإنسانية، وكيفية المحافظة على تلك المكتسبات من اعتداء المعتدين، وعبث العابثين.
كما بين في أول هذه المقدمة أن هذا الكتاب هو عبارة عن جهد متواضع تقدم به استكمالاً لنيل شهادة الدكتوراه، في الإدارة العامة من الجامعة الأمريكية بلندن.. موضحاً جهده في هذه المسيرة العلمية.
ويقع في خمسة فصول، فالفصل الأول جعله تمهيدياً يتعلق بالدراسة من حيث مشكلتها وأسئلتها وأهدافها والمصطلحات والمنهجية، والحدود والدراسات السابقة سبعة موضوعات من ص 5 - 39 وكل جزئيات من هذه الدراسات نسبها إلى صاحبها، وبين ما وضحه كل فرد في كتابه، باختصار، سواء كان أصحابها عرباً ومنه سعوديون أم أجانب ممن يعطي لفتة إلى أهمية هذا الموضوع الذي أصبح ميداناً للتنافس، وأن مصادره وما كتب فيه كثير، رغم أنه من العلوم الحديثة، هذا ينبئ عن التسارع والتسابق بإعطاء الجديد في هذا المجال.
والفصل الثاني خصصه للتعريف المفهومي للحاسب الآلي والشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت) بيَّن باختصار مفيد أن من يريد أن يبحث في فن من الفنون أو علم من العلوم لا بد أن يعرف مصطلحات ذلك الفن أو العلم، حتى يصبح على بصيرة من أمره، وحتى لا تشكل عليه، أو على المطلع على بحثه، فهم المراد من الألفاظ والمصطلحات المستعملة في ثنايا بحث المسألة الفنية أو العلمية (ص 40).
وهذا الفصل فيه ثلاثة مباحث: الأول جعله لتحديد مفهوم الحاسب الآلي حيث استعرض فيه ستة تعريفات نسبها من باب الأمانة العلمية لأصحابها، منها تعريف منه في كتاب قبل هذا (ص40-42).
والمبحث الثاني عن: ماهية الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت) وهي التي أدت إليها الطفرة العلمية الكبرى، وخصوصاً في مجال الاتصالات، وارتباط ذلك بمجالات عديدة: اقتصادياً وعلمياً وسياحياً وأورد تعريفات عديدة للشبكة، وفوائدها وما تتطرق إليه من شؤون الحياة (ص42 - 49).
وفي المبحث الثالث: تطرق إلى نظم المعلومات، حيث بين أن الحاسب الآلي لا غنى عنه لحفظ المعلومات وتحليلها واسترجاعها، لأنه الأسرع لتبادل المعلومات وانتقالها من مكان لمكان، ثم دخل في التعريف بالنظام، وتعريف المعلومات والبيانات، وأورد من مميزات المعلومات الدقة والخلو من الأخطاء، والشمول والإيجاز (49- 50).
ثم دخل في موضوع الكتاب في الفصل الثالث: جرائم الحاسب الآلي، فأشار في المدخل لهذا الفصل بأن الحاسب الآلي يتم استخدامه كأداة لتخزين كم هائل من المعلومات والبيانات، من أسرار الدول وحركة المال في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى محاولة البعض الحصول على تلك المعلومات بأي ثمن ورافق التطور الهائل في التقنية، تطور مواز في أساليب وطرق الحصول على المعلومات بطرق غير شرعية، ولما كانت هذه جريمة، فقد أراد مع الباحثين بيان أن الجريمة تحوي عنصرين مهمين.. ما هو المقصود بالجريمة اجتماعياً وقانونياً. والثاني: تحديد أركان الجريمة مادياً ومعنوياً وما يتعلق بالنص على الجريمة وتطبيقه قانونياً على الجريمة (ص51-56).. وكنت أتمنى أنه دخل في تعريف الجريمة في الإسلام ذات العقاب..
والمبحث الثاني من هذا الفصل: عن طبيعة وخصائص جرائم الحاسب الآلي وتناولها بالتعريفات له ولغيره، وجعل تحت هذا المبحث ثلاثة مطالب: طبيعة جرائم الحاسب الآلي، وخصائص جرائمه، وتصنيف هذه الجرائم وجعل هذا التصنيف سبعة فروع: جرائم الأموال، والجرائم الشخصية، وجرائم أمن الدولة، والجرائم الاقتصادية والجرائم المنظمة العابرة للقارات، والجرائم الأخلاقية والعرض ونشر الفيروسات.
فأورد نماذج كثيرة من الجرائم هذه.. قال: ومن أشهر قضايا التشهير باستخدام تكنولوجيا الإنترنت في اليمن هي التي كان يشنها سياسي يمني يعيش خارج اليمن، حيث أنشأ موقعاً على الإنترنت أسماه (عدن الكبرى) وهو عبارة عن ركام من الشتائم والسباب تنال الغالبية العظمى من الشخصيات الرسمية والاجتماعية سياسيين وقادة عسكريين وشخصيات اجتماعية، ينال فيها من أعراض الناس، ويحكي مئات من القصص الملفقة ولم يكتف بالموقع على الإنترنت بل يعمد إلى تعميم شتائمه على عناوين البريد الإلكتروني (57-106)، كما أورد نماذج من الجرائم الاقتصادية والتجسس والتنصت ونشر الأفكار الهدامة، وجريمة القتل وغيرها، وفي ص 93 تعرض لجرائم غسل الأموال وجرائم المخدرات وقال: إنهما متلازمتان لأن الأموال التي يتم جنيها عن طريق تجارة المخدرات هي أموال مكتسبة بطريقة غير مشروعة وتعمل شبكات الجريمة على غسلها وهذه الجريمة مستحدثة تشمل غسل الأموال القذرة الناتجة عن أنشطة إجرامية أخرى غير مشروعة مثل تهريب الذهب والحجارة الكريمة والتهرب من الضرائب والاتجار في الأعضاء البشرية، وبيع الأطفال، وأندية القمار، وإدارة شبكات الدعارة وغيرها (ص93).
وبعد أن قرن كل حالة من الفروع السبعة، بنماذج من الواقع المسيء في الاستخدام قال: يتضح مما سبق أن الكثير من الجرائم الأخلاقية يستخدم فيها الحاسب الآلي، من قبل عصابات الجريمة المنظمة أو في أشخاص بهدف إساءة السمعة لأشخاص آخرين والانتقام منهم، ومنها أيضاً الرسائل التي تخل بالآداب العامة (ص 103).
وليته عندما مر بتلك الجرائم، ونماذجها، بين شناعة حكمها في الإسلام، سواء بالتشهير أو السب أو القذف أو حب إشاعة الفاحشة أو الأعراض، أو ذلك الذي نشر صور زوجته عارية بأوضاع عديدة في غرفة نومها، حتى يعلم الآخرون أن الإسلام، وضع حدوداً وزواجر للإجرام بأنواعه.. (للحديث بقية)..
نمروذ يصعد إلى السماء
ذكر شهاب الدين النويري، في كتابه نهاية الأرب: عن نمروذ أنه كان ملكاً كافراً ظالماً دعاه إبراهيم عليه السلام لدين الله فأبى وتكبر وحاول قتل إبراهيم ثم إحراقه بالنار فنجاه الله منه ومن كيده، فقال لإبراهيم لأصعدن إلى إلهك وأقتله.
وأمر نمروذ أن يتخذ له تابوت مربع ويكون له باب إلى السماء وباب إلى الأرض وجوّع أربعة نسور وسمّر أربعة رماح في أركان التابوت، وعلق اللحم في أعلاها وشد النسور بأوساطها إلى الرماح وجلس في التابوت ومعه وزيره وحمل معه قوساً ونُشَّابَاً وأطبق البابين فرفعت النسور رؤوسها فنظرت إلى اللحم فطارت صاعدة وارتفعت في الهواء فقال لوزيره: افتح الباب الذي يلي الأرض وانظر كيف هي؟. قال: أراها كأنها قرية. قال: فانظر إلى السماء. فقال: هي كما رأيناها ونحن في الأرض، ولم يزل يصعد حتى قال: أما الدنيا فلا أراها إلا سواداً ودخاناً والسماء كما رأيناها.
وارتفعت النسور حتى كادت تسقط على الأرض، فعارضه ملك وقال: ويلك يا نمروذ إلى أين؟ قال أريد محاربة إله إبراهيم، قال: ويحك ويحك إن بينك وبين السماء الدنيا خمسمائة عام، ومن فوق ذلك ما لا يعلمه إلا الله فخر الوزير ميتاً، فأخذ نمروذ القوس، ووضع فيه السهم وقال: أنا لك يا إله إبراهيم، ورمى بالسهم إلى الهواء: فيقال: إن ذلك السهم عاد إليه ملطخاً بالدم بإذن الله.
وأمر الله جبريل أن يضرب التابوت بجناحه فيلقيه في البحر، فضربه فمر يهوي به حتى ألقاه في البحر، وأمر الله الأمواج أن تلقيه إلى الساحل، فلما وصل إلى البر خرج وقد ابيضت لحيته لما عايش من الأهوال، وتوصل من بلد إلى بلد حتى أتى مدينته، فدخل منزله ليلاً فأنكره الناس لشيبه ثم عرفوه وجاءه إبراهيم فقال: كيف رأيت قدرة ربي؟ قال: قد قتلت ربك، قال: إن ربي أعظم من ذلك ولكن هل كل قوة مع كثرة جنودك، أن تقاتلني؟ قال: نعم.
وأمر جنوده فاجتمعوا لحرب إبراهيم وهم لا يحصون، وخرج إبراهيم في سبعين من قومه الذين آمنوا في الصحراء فأرسل الله عليهم البعوض، حتى امتلأت منه الدنيا، ودخلوا دورهم وأغلقوها، ودخل نمروذ منزله وأغلقت الأبواب وأرخيت الستور، واستلقى على سريره، فجاءت بعوضة فقعدت على لحيته فهمَّ بقتلها فدخلت منخره، وصعدت إلى دماغه، فعذبه الله بها أربعين يوماً لا ينام ولا يطعم ثم شقت رأسه، وخرجت في كبر الفرخ فمات.. (113:13-114).

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved