Friday 10th June,200511943العددالجمعة 3 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

نوازعنوازع
الشركات متعددة الجنسيات
د. محمد بن عبدالرحمن البشر

سبق أن كتبت عن هذه الشركات العملاقة التي تستحوذ على النصيب الأكبر من التجارة العالمية، والتي يبلغ عددها نحو 40 - 60 ألف شركة، غير أن معظم النصيب الأكبر تستحوذ عليه 500 شركة فقط، وهذه الشركات يكون لها مقر رئيس في إحدى دول العالم، ثم تقوم بفتح فروع لها في دول متعددة، وذلك لإدارة شؤونها المالية والعملية، وهناك نحو 420 شركة من تلك الخمسمائة شركة تتخذ مقرها الرئيس في واحدة من 18 دولة من دول العالم الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي يبلغ تعدادها 26 دولة، أما الدول الصناعية الثماني الكبرى فإنها تستضيف 430 شركة من تلك الشركات فاتحة لها الباب على مصراعيه لانطلاق إدارتها من تلك البلاد، وهذه الدول الثمان الكبرى اقتصادياً يبلغ إنتاجها المحلي الإجمالي نحو 70% من إجمالي الإنتاج المحلي لدول العالم أجمع، وهو ما أشار إليه البنك الدولي في تقريره خلال السنة الماضية، وعلى العالم أن يكون أكثر واقعية لمعرفة التأثير الاقتصادي والسياسي لهذه الدول، التي تستحوذ على هذه النسبة الكبيرة، وأن يلتفت حوله ليستنتج من خلال تلك الأرقام المعاني الحقيقية للواقع العالمي، وأن يبني استراتيجيته الاقتصادية من منطلقات علمية بجعله قادراً على مزاحمة تلك الدول لعله يحظى بمقعد ملائم، كما تسعى إليه الصين وكوريا الجنوبية.
والولايات المتحدة الأمريكية مقر رئيس لنحو 151 شركة من تلك الخمسمائة شركة بينما تستضيف 15 دولة من الاتحاد الأوروبي مقراً رئيساً لنحو 156 شركة، أما اليابان الدولة الآسيوية الوحيدة فهي تستضيف 141 مقراً رئيساً لتلك الشركات العملاقة. وتتوزع المقار الرئيسة لنحو 52 شركة على دول العالم جلها في الصين وكوريا الجنوبية ومن ثم البرازيل.
والأرقام تشير إلى أن 200 شركة من إجمالي خمسمائة شركة تتمركز في الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا. ونتمنى أن نرى في المستقبل دولة عربية ضمن تلك الدول لعلنا نكون قادرين أن نشير إليها في مقالات لاحقة، إن كان ذلك ممكناً تحقيقه في زمن جيل مثل جيلي.
لا أعرف سبباً بعينه يجعل تلك الشركات تنطلق من تلك الدول لتجني أرباحها من أرجاء المعمورة، غير أننا نعرف جميعاً جملة من الأسباب التي جعلت تلك الدول تدرك مبتغاها في الوقت التي أرادت دول أخرى الميل عن طريق النجاح مع معرفتها به.
تشير التقارير إلى أن حجم إيرادات تلك الخمسمائة شركة الأكبر في العالم تزيد عن 18.5 ترليون دولار، وأن أرباحها في أنحاء العالم تزيد عن 752 مليار دولار، كما أن قيمة أصولها تزيد عن 54 تريليون دولار، وأن عدد العاملين بها يبلغ نحو 37.4 مليون نسمة، كما لوحظ أن هناك تناقصاً في حجم العاملين مقارنة مع تزايد الأرباح، وهذا مؤشر لقدرة هذه الشركات على استبدال اليد البشرية بالتقنية العالية، مما يزيد من كفاءة إنتاجها وتقليل تكاليفها. وبنظرة سريعة إلى الأرقام المذكورة آنفاً علينا أن ننظر إلى إيرادات الميزانية في بعض الدول العربية ومقارنة ذلك بعدد السكان لنرى البون الشاسع، بل ليختفي مبدأ المقارنة من أساسه، مع الأخذ بعين الاعتبار ما يستوجب على الدول من خدمات غير إنتاجية.
لقد بدأت منظمة التجارة العالمية منذ زمن غير بعيد فسارعت تلك الشركات في زيادة أرباحها مستفيدة من المناخ العالمي الجديد، ومن خلال تلك الشركات استفادت كثير من الدول محققة دخلاً جيداً لمواطنيها، وتقليصاً لمعدل البطالة، وعلى رأس الدول تلك الولايات المتحدة الأمريكية حيث قدرت أرباحها بنحو 48 بليون دولار كزيادة سنوية بينما حصلت دول الاتحاد الأوروبي على نحو 82 بليون دولار، ثم الصين بنحو 41 بليون دولار، واليابان بنحو 31 بليون دولار، في الوقت الذي خسرت فيه الدول النامية باستثناء الصين، والأمر يعود في ذلك لكون الصين ما زالت دولة نامية كما تحب هي أن تصنف، رغم محاولة دول عديدة تصنيفها من الدول المتقدمة.
إن أرقاماً كهذه تجعلنا نتأمل ملياً في وضع العالم الثالث من منحاه الاقتصادي، لنصل إلى اقتناع تام بأنه لا شيء سيتغير إذا لم يغير العالم الثالث نفسه بأي طريقة يراها ملائمة لدفع عجلة الإنتاج الجاد إلى الأمام دون تنظير.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved