Friday 10th June,200511943العددالجمعة 3 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

سعد الحريري لـ(الصياد) في أول حديث له:سعد الحريري لـ(الصياد) في أول حديث له:
خادم الحرمين بمثابة والدنا وولي العهد يخصنا بمحبته وعطفه

* حوار - فؤاد دعبول وجيزيل رزوق :
قلنا للنائب المنتخب الشيخ سعد الحريري، عندما استقبلنا في مكتبه: في هذا المكتب كان والدكم الشهيد يستقبلنا، ويفتح قلبه لكل الأصدقاء، فماذا سيكون عنوان حديثنا اليوم. أطرق النائب الجديد لحظة، ثم أردف: معرفة الحقيقة هي هدفنا، وكشف ملابساتها والوقائع رائدنا. واستطرد: أسابيع معدودة، وتبدأ لجنة التحقيق الدولية مهماتها، واعتقد أن في مقدمة ما ستسعى إليه، هي الحقيقة. ذلك أن العالم كله، والأمم المتحدة وأمينها العام، كما اللبنانيون جميعا يتطلعون إليها بشغف واهتمام. لتكشف الحقيقة بالأسماء. وأنا على يقين بأن اللجنة ستقول الحقيقة للبنانيين والعالم.
بادرته: هل هذا الشعار يتقدم على الشعور العام باحتمال تسميتكم رئيساً للحكومة المقبلة؟
وأجاب: كل كلام عن تسمية رئيس الحكومة المقبل، هو سابق لأوانه، ذلك ان الانتخابات لم تنته بعد، وكل شيء في وقته (حلو)، ولن يجري أي بحث في هوية الرئيس الجديد للحكومة، قبل ظهور التوازنات السياسية الكبرى داخل المجلس الجديد.
وسألناه عن (الصفقة الرباعية) بين (أمل) و(تيار المستقبل) والأستاذ وليد جنبلاط و(حزب الله) فرد مستغرباً بأن أي صفقة لم تحصل والتفاهم الوحيد كان على وجوب إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري. ونفى أي اتفاق على قانون الانتخاب وشكله بل كان هناك اتفاق على استبعاد خطر داهم باحتمال تأجيل الانتخابات أو إلغائها ومحاولة التمديد للمجلس النيابي لسنة أو سنتين أو أكثر. وهذا ما دفع بعض المراقبين إلى الزعم عن حصول (صفقة رباعية). وأكد سعد الحرير أن بقاء سلاح (حزب الله) أو جمعه سيكون ضمن إجماع لبناني، ولن يكون إلا بحوار بين اللبنانيين أنفسهم. وعن العلاقة مع العماد عون، قال: إننا نحترم قاعدته الشعبية التي كانت شريكة أساسية معنا، ومع قوى المعارضة الأخرى يوم 14 آذار ونحن نفضل ترميم العلاقة مع التيار الوطني الحر الذي نحترم قاعدته الشعبية. واعتبر النائب سعد الحريري اغتيال الشهيد سمير قصير حلقة في سلسلة بدأت بمحاولة اغتيال النائب مروان حمادة ثم بلغت ذروتها باغتيال الرئيس رفيق الحريري مروراً بالتفجيرات المتنقلة، مما يعني أن إرهاب هذا النظام لن يزول قبل استكمال استرجاع النظام الديمقراطي. وأكد أن هناك رهانا كبيراً (وهذه هي وقائع الحوار):
* حكي كثيراً عن (صفقة رباعية) بين تيار المستقبل والنائب جنبلاط والرئيس بري والسيد حسن نصر الله. هل هذه الصفقة موجودة؟ ما هي بنودها؟ ولماذا استبعدت منها قوى أخرى؟
- لم تحصل أي صفقة. التفاهم الوحيد كان على وجوب إجراء الانتخابات النيابية وفي موعدها الدستوري. لم يكن على قانون الانتخاب أو شكله أو شكل الدوائر الانتخابية. بل كان هناك خطر داهم باحتمال تأجيل الانتخابات أو حتى إلغائها ومحاولة التمديد للمجلس النيابي لسنة أو سنتين أو أكثر. أمام هذا الخطر الداهم، كان لابد من الاتفاق مع رئيس المجلس النيابي ومع الكتل النيابية الكبرى في البرلمان الحالي على ضرورة إجراء الانتخابات وفي مواعيدها، وهو ما استغرق بعض الوقت وربما هذا ما دفع بعض المراقبين إلى زعم حصول (صفقة رباعية).
* في حال تمت تسميتكم بعد الانتخابات النيابية لتشكيل الحكومة الجديدة، كيف ستلتقون الرئيس لحود، علماً أن اللقاء اليتيم بينكما كان في مناسبة زيارته لقريطم لتقديم واجب التعزية، ولوحظ أن اللقاء كان بارداً جداً؟
- إن أي كلام عن تسمية أي كان لرئاسة الحكومة اللبنانية هو سابق لأوانه، سياسياً ودستورياً وواقعياً. فالانتخابات النيابية لم تنته بعد، ولن يجري أي بحث في هوية الرئيس الجديد للحكومة قبل أن تظهر التوازنات السياسية الكبرى داخل المجلس الجديد. أما حول التفاصيل الباقية، مثل تلك التي ذكرتموها، فكل شيء في وقته (حلو).
* إذا لم يتوصل الحوار الداخلي بين اللبنانيين إلى نتيجة عملية حول نزع سلاح حزب الله، وأصرت الأمم المتحدة على تنفيذ هذا البند من القرار 1559، هل ستقعون في إحراج؟ وماذا سيكون موقفكم في حينه؟
- إن موقفنا من سلاح حزب الله واضح. وهو أن سلاح المقاومة استخدم في السابق ضمن إجماع لبناني على وجوب تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي. وبقاؤه اليوم هو أيضا ضمن إجماع لبناني على بقائه طالما بقيت مزارع شبعا محتلة. وكل تغيير في هذا الواقع، لن يكون إلا بحوار بين اللبنانيين أنفسهم وليس بفعل أي ضغط خارجي، أكان على شكل قرار من الأمم المتحدة أم غير ذلك. فنحن اللبنانيون، وحدنا ومن دون مشاركة أو ضغط من أحد، علينا أن نقرر بالحوار فيما بيننا كيفية التعاطي مع هذه المسألة في المرحلة المقبلة.
* هل ترون أنه ما زال هناك أمل في ترميم العلاقة بينكم وبين العماد عون؟
- بالطبع. ونحن من جهتنا نفضّل ترميم العلاقة مع التيار الوطني الحر، الذي نحترم قاعدته الشعبية التي كانت شريكة أساسية معنا ومع قوى المعارضة الأخرى في يوم 14 آذار ونحن قلنا مراراً وتكراراً إننا نريد مد الأيدي إلى القوى التي لم تشارك معنا في 14 آذار لاستقطابها إلى صفوف 14 آذار. فكان بالأحرى مع القوى التي انفصلت عن معارضة 14 آذار، مثل التيار الوطني الحر، خصوصا وأنه هو من بادر إلى هذا الانفصال، على ما لاحظه الجميع، ولأسباب كنّا نتمنى ألا يبني موقفه عليها وهي خارج سياق موقف المعارضة مجتمعة.
* هل كان اغتيال الشهيد سمير قصير حلقة في سلسلة أم مجرد تأكيد على استمرار المؤامرة على الوطن؟
- لا شك أنه كان حلقة في سلسلة. وإذا راقبنا هذه السلسلة، فهي تبدأ مع محاولة اغتيال النائب مروان حمادة ثم تبلغ ذروتها باغتيال الرئيس رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما، ثم تصل إلى اغتيال الصحافي الشهيد سمير قصير، مروراً بالتفجيرات المتنقلة التي روّعت اللبنانيين طوال الأسابيع الماضية. وهي دليل على أن النظام الأمني المخابراتي لم يتم تفكيكه، وتذكير بأن إرهاب هذا النظام لن يزول قبل أن يستكمل اللبنانيون استرجاع نظامهم الديمقراطي بواسطة الاقتراع في الانتخابات النيابية لبرلمان تتمثل فيه قوى الاعتدال والوطنية والحوار والليبرالية والانفتاح على حساب قوى التطرف والتبعية والظلام والتعصب والأنانية.
* بصورة دقيقة ومن دون عموميات، لو جاءك صديق عزيز وطلب منك نصيحة إذا كان يغادر البلد أو يبقى فيه، ما هي المعطيات الحسيّة وليس النظرية التي تقنعه بها للبقاء في الوطن؟
- من دون شك أنصحه بالصمود في البلد والإيمان به. فالرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يقول على الدوام إن الوطن ليس فندقاً، نبقى فيه أو نغادره، بحسب جودة الخدمة التي نلقاها فيه. إن الوطن هو مشروع حياة، ومشروع وفاء ومشروع انتماء. وكان الرئيس الشهيد يحث اللبنانيين على العودة إلى الوطن من الخارج والمكوث فيه والعمل لازدهاره وكرامته وعزّته في أحلك أوقات الدستور واحتجاز الديمقراطية رهينة مصالح فاسدة. فكم هو حري بنا اليوم، ونحن على أبواب مرحلة زاهرة إن شاء الله، عنوانها السيادة والاستقلال والحرية وإزاحة رموز نظام الأجهزة واستعادة النظام الديمقراطي إلى ممارساته الصحيحة، كم هو حري بنا أن نشجع كل لبناني على المكوث في الوطن والإيمان به والعمل له ولأولاده ولأحفاده من بعده.
* بدايات الرئيس الشهيد كانت في دار الصياد. غالباً ما كان يستشهد بمقابلاته الصحافية بهذه البدايات مما ينمّ عن ميزة الوفاء لديه. ماذا أخذتم من ميزات الرئيس الشهيد غير ميزة الوفاء؟
- كان للرئيس الشهيد مقولة يكررها دائما عن أهمية الصدق في الحياة والمعاملة. ولا شك أن الوفاء هو شكل من أشكال الصدق. فالوفي هو الصادق في الاعتراف للآخر بحقه وجميله ومكانه، مهما كان كبيراً أو صغيراً. لكن الصدق، هو عنوان يشمل الوفاء والولاء والنزاهة ونظافة الكف وكثيراً من الأخلاق الإنسانية التي تشكل برأيي قاعدة متكاملة وضرورية للعلاقة الناجحة بين مجموعات البشر، في السياسة والاقتصاد والأعمال والاجتماع وغيرها.
* إلغاء التظاهرة في محيط القصر الجمهوري هل كان تراجعاً عن التصعيد لحمل رئيس الجمهورية على الاستقالة، أم لتأجيل هذا التصعيد إلى ما بعد الانتخابات؟
- كما تعلمون وجهت الدعوة للاعتصام من قبل هيئة التنسيق المنبثقة عن مؤتمر البريستول بعد اغتيال الصحافي الشهيد سمير قصير، وليس من قبل جهة محددة ضمن هذا المؤتمر. إلا أن الكلام العاقل الذي صدر عن غبطة البطريرك صفير لفت نظر الكثيرين إلى خطر استغلال هذا الطرف أو ذاك للمناسبة حتى يفتعل حوادث أمنية توقع ضحايا آخرين لا سمح الله بهدف التأثير على الانتخابات أو حتى محاولة وقفها أو تأجيلها. وبناء عليه، عادت هيئة التنسيق إلى تأجيل الاعتصام، فمعنى آخر لكلام غبطته، إن من ابتلع البحر لن يغصّ بالساقية.
* لوحظ أن انطلاقكم في الحياة السياسية بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري جاء في بيان صادر عن العائلة بايعتكم فيه القيادة السياسية. هل ما زالت العائلة تلعب دوراً في قراركم السياسي؟
- بعد استشهاد الرئيس رحمه الله، صدر بيانان عن العائلة. كان الأول بعد أيام معدودة، وبمثابة تأكيد على بقاء العائلة في المضمار الوطني، ورفضها التخلي عن مسؤولياتها تجاه روح الرئيس الشهيد وتجاه شعبنا ووطننا. وجاء الثاني بعد ختام فترة الحداد، ليعلن قرار تسليم مسؤولية متابعة المسيرة الإنسانية والخيرية للرئيس الشهيد إلى السيدة الوالدة نازك، وهي رفيقة درب الرئيس الشهيد وتاج العائلة. كما تضمن البيان نفسه قرار العائلة تسميتي لمتابعة مسيرة الرئيس الشهيد الوطنية والسياسية. وهو قرار يحمّلني مسؤولية كبرى تجاه روح الرئيس الشهيد كما تجاه الثقة التي منحني إياها أشقائي، وعلى رأسهم شقيقي الأكبر بهاء الذي أصبح بعد استشهاد الوالد كبيرنا، وأدين له بهذه الثقة الغالية، كما بالاحترام والولاء الطبيعي تجاه الشقيق الأكبر الذي في تقاليد عائلتنا أقبّل يده كما كنت أقبّل يد الوالد رحمه الله.
* هناك رهان على أن أصدقاء الرئيس رفيق الحريري في العالم سيكونون إلى جانبكم إذا توليتم رئاسة الحكومة، وبالتالي إلى جانب لبنان. ما صحة هذه المعادلة؟
- إن أصدقاء الرئيس الشهيد في العالم لا يربطون وقوفهم إلى جانبنا أو إلى جانب لبنان بتولي هذا الشخص أو ذاك سدة رئاسة الحكومة. فالرئيس شيراك هو مثلا صديق تاريخي للوالد، وقد أظهر وفاء ما بعده وفاء تجاه العائلة بعد استشهاده. أما المملكة العربية السعودية، فحدّث ولا حرج عن وقوفها إلى جانب عائلتنا، إضافة إلى وقوفها الدائم إلى جانب الشعب اللبناني في السرّاء والضرّاء. ونحن آل الحريري نقول بفخر واعتزاز: إن لحم أكتافنا هو من المملكة العربية السعودية ونعتبر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أطال الله عمره بمثابة والدنا بعد استشهاد الوالد، وكذلك الأمير عبدالله ولي العهد، الذي خصّنا بمحبة وعطف عميقين، وهذا ينطبق على سائر القيادة والشعب في المملكة، وهي مشاعر سنحفظها في قلوبنا إلى الأبد.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved