|
|
انت في
|
مهما صقلت التجارب الداعية المسلم على مر العصور، فإن هناك قواعد ومبادئ أساسية لمهمته لابد من توافرها مهما اختلفت الأمكنة والعصور، مثل العلم الشرعي، والمعرفة الكافية بالأمور التي يحتاجها ويريد إيصالها للناس، والإلمام بظروف المجتمع ذي العلاقة، والشخصية المناسبة المؤثرة، والالتزام بالتطبيق على النفس قبل غيره، ليكون قدوة لغيره، وهناك قواعد أخرى تتجدد وتتطور باختلاف البلاد، وتبدل الظروف والأزمنة، فالحياة في تجدد وتطور دائمين، والإنسان يتطور وحاجاته تختلف، ونظرته يعتريها الكثير من الاختلافات. والناس حتى في نفس العصر يختلفون من بلد لآخر، ومن مجتمع لآخر، وحتى من مدينة لأخرى، والمستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المخاطبة تختلف، ولكل هذا فإن الداعية الناجح هو الذي يعي هذه الأمور ويستوعبها، وهذا لا يكون إلا مع نضج العقل، وصفاء السلوك، وغزارة العلم، والمعرفة بعلوم الدنيا التي تهم البشر، واستيعاب تقنيات العصر، ففي عصرنا مثلا من الضروري للداعية أن يتعلم فنون الحاسوب (الكومبيوتر)، وأصول الإنترنت، والتعامل مع الفضائيات، وأن يكون لديه المقدرة على خوض غمار وسائل الإعلام على اختلافها، وأن يفهم لغة القوم الذين يخاطبهم، بل وثقافتهم وخلفيتهم الاجتماعية، ونمط تفكيرهم، وطريقة حياتهم، واحتياجاتهم، والمدخل إلى عقولهم، وبهذا يكون الداعية مؤثراً في ظل الظروف المعاصرة، التي يجب ألا ننسى ما تشتمل عليه من هجمات غاشمة على الإسلام وأهله، بحيث ينعت المسلم، وخصوصاً الداعية، بكل صفة سلبية، وبكل وصف إرهابي، وما ذلك إلا للكره الشديد والبغضاء الغاشمة التي يكنها الأعداء لدين الفطرة، لأنهم يدركون جيدا أن خلاص البشرية لا يكون إلا بالإسلام، وأن السعادة الحقة إنما تأتي بالإسلام، وهم لا يريدون السعادة لكل البشر، بل يسعون لتحقيقها لأنفسهم فقط، حسبما يعتقدون. إن احتياجات داعية العصر تتطلب القيام بعملية تأهيل شاملة للدعاة، وإعادة تأهيل كلما استدعى الظرف ذلك للتجديد، والحفاظ على الحصيلة العلمية، وتطويرها، والتفاعل مع المستجدات، وذلك عبر مؤسسات علمية، ووفق مناهج علمية واضحة، ومتطورة يشرف عليها من هم أهل لذلك. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |