رُوي عن أبي أُمامة - رضي الله عنه - في قصة الشاب الذي جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ائذن لي في الزنا، فأقبل عليه الناس يزجرونه، وأدنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه ثم قال له: (أتحبه لأمك؟) قال: لا والله - جعلني الله فداك، قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم)، قال: (أتحبه لابنتك؟) قال: لا والله - جعلني الله فداك. قال رسول الله: (ولا الناس يحبونه لبناتهم). ولم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول للفتى: (أتحبه لأختك، أتحبه لعمتك، أتحبه لخالتك) وكل ذلك والفتى يقول: لا والله - جعلني الله فداك؛ فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده عليه وقال: (اللهم اغفر ذنبه، وطهّر قلبه، وحصّن فرجه) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. أخرجه الإمام أحمد - رحمه الله. إنها دعوة للتأمل في هذا الحديث أحملها هذه الأسطر وكيف كان دعاء المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لهذا الشاب، فأين شبابنا اليوم من هذا الحديث والتوجيه النبوي الشريف؟ ما من أحد أغير من الله من أن يزني عبده أو تزني أمته. وإذا ضيّع أمر الله فكيف تستنكر الجرائم من خيانات وشذوذ وجنس وحالات اغتصاب؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: (أتعجبون من غيرة سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) الحديث. وأصله في الصحيحين. ومن حُرم الغيرة حرم طهر الحياة، قال: ابن القيم - رحمه الله -: (إذا رحلت الغيرة من القلب رحلت المحبة بل رحل الدين كله)؛ فلا بد من تعظيم حرمات الله، والله ذكر في كتابه: {وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ{وقال تعالى: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}، والله العادل لا يساوي بين البرّ والفاجر، وبين المحسن والمسيء، والله سبحانه يقول: {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}؛ يسمع كلامك ويرى مكانك ويعلم سرك ونجواك. إن الحياة الطاهرة تحتاج إلى عزائم الأخيار؛ فالرجل المسلم هو صاحب القوامة في الأسرة، وإذا ضعف القوّام فسد الأقوام، وبصيانة العرض وكرامته يتجلى صفاء الدين، وكم للفضيلة من حصن وفي ظلالها عفة وأمان، وفي مهاوي الرذيلة ذل وهوان، قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}.
محكمة التمييز في الرياض |