صبيان في طريق من الطرق يشاهدان صبيا آخر من الوافدين يمر في الطريق ، فيعترضان عليه ويطلبان منه أمراً مستحيلاً لكي يتناوشا معه، فرفض، وإذ بأحدهما يمسك به، والآخر يطعنه طعنات ثلاث في ظهره من الخلف، ثم يهربان ومن دون ان يشاهدهما أحد. ذهب الحدث المضروب إلى ذويه وهو ينزف دماً فذهبوا به إلى المستشفى، وقدموا بلاغاً. والحمد لله جلس شهراً وشفي وبرئت جراحه. واتهم الحدثين وأنكرا إنكاراً شديداً ولم يستطع أن يثبت أنهما من قاما بهذا العمل. وحضر لدى القاضي وأحضر الحدثين وحضر أبويهما، ونافحا عن الموضوع ودافعا عن ذويهما، وأثنيا على ابنيهما خيراً وعارضا على اتهام الحدث لابنيهما، ولم يدعا مجالا للحديث، فأمرتُ بإخراجهما بعد أن قالا إننا جلسنا مع ابنينا وأصدقناهما القول، ولكن نفيا.. فهل بعد هذا شيء! فلما خرج الأبوان وبقي الابنان، ضعفت شوكتهما، وطلبت من العسكري سيارة السجن وعصا، فلبى الطلب، وذهب ولم يرجع، فارتعدت فرائس الحدثين، وأمرتُ بإيداعهما في غرفة مستقلة، وجعلتُ معهما شخصاً لا يعرفانه وكأنه يقوم بتنظيف الأرض، فجعل الحدثان يتحاوران مع بعضهما ويقولان: لماذا لا نقول الحقيقة! وأحدهما يرفض وجعل الآخر يهدد الثاني إن أخبر الحقيقة. فأحضرت الذي لان جانبه وصلني الخبر، ونظرته بنظرات فقال: أنا لا أتحمل سأقول الحقيقة فأخبرنا الخبر وأحضرت الآخر واعترف لما رأى صاحبه قد اعترف، فسألتهما عن سبب التعدي عليه فأجابا: لقد سمعنا أنه قد رمى احدى الحمامات التي لأخينا. وسألتهما هل أخبرتما والداكما بحقيقة الموضوع؟ قالا نعم إلا أن والدينا قالا لنا لا تخبرا القاضي بالحقيقة وانكرا الأمر.. فأدخلت الوالدين وهما يزمجران بالغضب فجلسا واسمعتهما ما ذكره الحدثان من نطقهما فخجلا وطأطأا رأسيهما، وقالا: لقد خشينا على ولدينا، فقلت لهما: إذن كيف تريدان أن يذهب هذا الدم من هذا الحدث هدراً.. وجرى تأديب الجميع بحكم شرعي.
(*)رئيس المحكمة الشرعية بالعلا |