* الجزيرة - خاص: أكد الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي أن معرض (كن داعياً)، الذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تجربة جديدة لتفعيل وسائل العمل الدعوي، وقد آتى المعرض ثماره الطيبة خلال الفترة الماضية. وعن ترجمات معاني القرآن الكريم التي يصدرها المجمع، قال د. العوفي: إنه - بحمد الله - يصدر عن المجمع 47 ترجمة لمعاني القرآن الكريم، وأننا بدأنا إصدار برنامج خاص لترجمة معاني القرآن الكريم للغة الإشارة. أما عن مواجهة الغزو الفضائي، والوسائل الحديثة، وإنترنت وغيره، قال الدكتور العوفيك علينا أن نواجه هذا الغزو بتحصين الشباب، والتربية السليمة، وتوفير البدائل. جاء ذلك في حوار ل(الجزيرة) مع الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.. وفيما يلي نصه: ******** * من خلال رسالة المجمع المتمثلة في طباعة المصحف الشريف وترجمة معانيه بمختلف اللغات.. ما الدور الذي يضطلع به المجمع لخدمة الدعوة إلى الله؟ - مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف غرسة مباركة من النبات الحسن الذي تعهده خادم الحرمين الشريفين بالرعاية، ووضع فيه آماله - حفظه الله - لخدمة الإسلام والمسلمين وافتتحه في السادس من شهر صفر سنة 1405هـ. وتأتي الدعوة إلى الله عز وجل في مقدمة المهام المنوطة بالمجمع، وذلك لأن العناية بكتاب الله حفظاً وطباعة وتوزيعاً على المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة يوفر للدعاة أعظم السبل للقيام بدورهم المنشود.. وثمة إجماع من المسلمين في أنحاء العالم على أن مصحف المدينة النبوية الذي يصدره المجمع يمثل أعلى مواصفات الجودة والإتقان العلمي والتقني. ويضاف إلى ذلك عناية المجمع بإصدار تسجيلات صوتية على الأشرطة والأقراص الصوتية لمشاهير القراء، والعمل على توزيعها لتصل إلى المسلمين في كل مكان. ومن أهداف المجمع لخدمة الدعوة إلى الله إيصال ترجمات معاني القرآن لشعوب العالم الإسلامي بعد التأكد من سلامتها شكلاً ومضموناً. وقد بلغ عدد الترجمات الصادرة عن المجمع 47 ترجمة، ولا يخفى على أحد أهمية هذه الترجمات في بيان مقاصد الوحي، ومن الطبيعي أن يعكف الدعاة عليها، ويجتهدوا في طلبها، والحرص عليها. ويأتي بعد ذلك دور المجمع في خدمة علوم القرآن الكريم وتحقيق المراجع العلمية التي يحتاج إليها أهل العلم والدعوة.. وفي المجمع مركز علمي متخصص أنشئ لهذا الغرض، وقد أنهى تحقيق بعض المؤلفات القيمة. ومن خلال تعاوننا مع الجامعة الإسلامية يقوم مركز (خدمة السنة والسيرة النبوية) بخدمة علوم السنة وموسوعاتها، وإعداد الأبحاث التي ترد على الشبهات المثارة حولها. ومتابعة لغرض الدعوة إلى الله قام المجمع بتنظيم أربع ندوات علمية اجتمع فيها أهل التخصص والخبرة لمناقشة بحوث علمية تسعى في ترقية وسائل الدعوة إلى الله ومواجهة العقبات والشبهات. كما يسهم المجمع في الشبكة العالمية - الإنترنت - وله موقع متميز، يجيب فيه عن أسئلة كثير من الزائرين العلمية والدعوية المتصلة بالقرآن الكريم وعلومه. مما تقدم يتبين لنا بجلاء أن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف منشأة علمية ودعوية لا تألوا جهدا في خدمة الدعوة إلى الله، وهو مؤسسة مباركة من مؤسسات هذه الدولة تلقى على الدوام دعم المسؤولين، فجزاهم الله خيراً. * كيف تثمنون نشاط معرض (كن داعياً)؟ وما مقترحاتكم للارتقاء بوسائل الدعوة؟ وما الجوانب التي ترون ضرورة تطويرها ليكون المعرض نموذجاً حقيقياً ومحققاً لمضمون شعاره؟ - لقد أدركت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أهمية العناية بتوعية الدعاة وعرض الوسائل المتنوعة للدعوة عرضاً حياً لسبر مجالات استخدامها وطرق الإفادة منها.. وهذا المعرض الذي يقام في أبها يمثل بعض ما تقوم به الوزارة، فقد حشدت طاقاتها لبيان هذه الوسائل على اختلاف أنماطها التعبيرية بالصوت والصورة والكلمة.. وأعتقد أن الوزارة قد استثمرت التجارب السابقة التي نفذتها في المدن الأخرى، كما استثمرت ما ورد إليها من اقتراحات ورؤى، فأفادت من هذا كله في صياغة تجربتها الجديدة في أبها، لأن هذه الوسائل - كما هو معلوم في علم الدعوة - قابلة للتطوير والصياغة المتجددة. وبما أني أحد منسوبي هذه الوزارة المباركة فاسمحوا لي أن أقترح أمراً وهو ضرورة بذل المزيد من العناية بوسائل التقنية الحديثة، واستثمارها في الدعوة إلى الله؛ وذلك لأن لها حضوراً وانتشاراً واسعاً في حياتنا المعاصرة، وتتسطيع من خلالها أن تصل إلى جمهور عريض ليس من السهل الوصول إليه من قبل. كما أني أدعو الجمهور الكريم إلى زيارة موقع المجمع على الشبكة العالمية - الإنترنت - للاطلاع على جانب من الجهود المبذولة في سبيل نشر القرآن الكريم وعلومه وترجمات معانيه. * الدعوة إلى الله أساسها كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام كيف نستفيد من حفظة القرآن في الدعوة إلى الله ونشر الدين الإسلامي وتبصير الناس بأمور دينهم ودنياهم؟ - لا يخفى على أحد أن الله عز وجل أراد الخير للبشرية بهذا الدين، وأنزل كتابه العزيز ليكون مهيمنا على الكتب السماوية التي أنزلت قبله، وليس هذا الدين مقصوراً على بلد دون بلد أو زمان دون زمان، فهو للناس كافة.. وعالمنا المعاصر ولله الحمد يشهد نشاطاً ملموساً في حفظ كتاب الله عن طريق جمعيات تحفيظ القرآن المنتشرة في مختلف الأمصار.. والمفترض في حافظ كتاب الله أن يكون قد تلقاه قلباً ولساناً، وظاهراً وباطناً.. ويدل على ذلك الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وأحمد، عندما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابت: كان خلقه القرآن فالحافظ أولى الناس بهذا الفضل، وانتشار الإسلام عبر التاريخ كما يؤكد المؤرخون كان بالأسوة الحسنة والمعاملة الحسنة، قبل أن يكون بالجهاد والفتح. ومن هنا فإن المسؤولية كبيرة على حفظة كتاب الله في الدعوة إلى الله بالخلق الحسن والسيرة العطرة وما أجمل أن يدعم الحفظة حفظهم للآيات الكريمة بفهم معناها وتفسيرها وإدراك علومها، حتى يجيبوا عن أسئلة الناس الذين يواجهونهم في ذلك، فيكون تفسيرهم لها تفسيراً مبنياً على فقه وعلم. إن هؤلاء الحفظة سفراء لنا في كل مكان لأنهم تمثلوا توجيهات القرآن الكريم ومقاصده عن علم وبصيرة ودراية.. أما إذا كان بعض هؤلاء لا تجاوز التلاوة حناجرهم - كما ورد في الحديث - وانطلقوا في حفظهم من أجل دنيا يصيبونها، فلن يتحقق شيء من الآمال المعقودة عليهمن بل على العكس سيكونون مدعاة إلى شر كبير يجهلهم وغفلتهم. * ما الوسائل المثلى لتحصين الأبناء والبنات من مخاطر الغزو الفضائي والبث المباشر السلبي الذي يستهدف الأمة الإسلامية في ناشئتها وشبابها من البنين والبنات في أخلاقهم وسلوكهم؟ - ينبغي لنا أن نقر أولاً بأننا نعيش في عالم ذي تقنية عالية في وسائل الاتصالات والمعلوماتية.. وقد تحول هذا العالم على اتساعه إلى قرية صغيرة فعلاً، وهذا العالم مزدحم بالأفكار والعناصر التي تزاحم ما تسعى في توصيله إلى ناشئة الأمة وشبابها من البنين والبنات.. فماذا أعددنا لاستيعاب هذين الجانبين: التقنية العالية المصحوبة ببريق الوسيلة المتجددة، والازدحام الشديد في الفكر المعروض؟.. إن هذا الاستيعاب والتعامل يكونان بعملية واسعة في الدلالة والمضمون، إنها عملية تحصين الفرد والأمة. وتعني إعداد الفرد المسلم إعداداً عالياً لكي يتقبل التربية المنشودة المتوزنة التي تلبي رغباته وطموحاته على ضوء الكتاب والسنة، وتجعله يواجه الطرف الآخر الذي ينفث في جبهات متعددة، حققتها له وسائل الاتصال الحديثة من الإنترنت والقنوات الفضائية والوسائل المسموعة والمرئية والمقروءة.. ولا بد من تضافر الجهود لتحقيق هذه المعادلة الصعبة، فيتعاون في جني ثمراتها كل من البيت والمدرسة وأجهزة الدولة المختلفة.. ولا ننسى أن تقديم الوسائل التربوية التي توفي بالغرض المنشود له دور كبير في عملية التحصين وليست المسألة أماني وطموحات من غير رصيد حقيقي من العمل الدؤوب، وإنما هي عمل شاق يحتاج إلى متابعة وتقويم مستمرين. * لدى المجمع مشروع إفادة الصم والبكم من ترجمات معاني القرآن الكريم.. ما مدى إمكان تفعيل المشروع في الدعوة إلى الله لهذه الفئة من خلال معرض كن داعيا ونحو ذلك؟ - في المجمع - ولله الحمد - قنوات متعددة لخدمة القرآن الكريم ونشره.. وهذه الفئة حرمها الله عز وجل من نعمة السمع والكلام ولكن لدى الكثيرين منهم استعداد لفهم ما يحيط بهم، ولا سيما إن كان أمراً يتعلق بعبادة الله عز وجل والتعامل مع كتابه.. وقد وضع مجمع الملك فهد برنامجاً خاصاً بهذه الفئة، ينشد إفادتهم بواسطة ما يسمى بلغة الإشارة، ولكن المجمع ينطلق دائما في أعماله من مطلق الإفادة والمسؤولية، فقام بوضع خطة زمنية على مراحل متعددة، الغرض منها تيسير فهم معاني القرآن الكريم لدى هؤلاء، وقد بدأنا بالجزء الثلاثين، وتألفت لجنة علمية لكتابة نص مبسط في تفسير الآيات، ثم تبدأ مرحلة التصوير فمرحلة المراقبة، ونحن عازمون بفضل الله على متابعة هذا العمل لإيماننا بجدواه، وتقديم فائدة عملية لشريحة من أفراد المجتمع. أما عن إمكان تفعيل هذا المشروع في الدعوة إلى الله من خلال معرض (كن داعيا) فهذا وارد من منطلق أن دعوة الله ينبغي أن تصل إلى جميع الفئات البشرية في المجتمع.. ومن حقوقها على المجتمع ألا تحرم من نعمة التعرف على كتاب الله والتدبر فيه، ومن الحيف إهمالها.. ونحن في المجمع مدننا يد العون لها للوصول إلى ذلك، ولمسنا نتائج مثمرة، وأتوقع ان يكون هذا المعرض الذي تنظمه الوزارة معنياً بتقديم وسائل دعوية حية لجميع فئات الناس السليمين والمعاقين؛ لأن الدعوة إلى الله طريق الأنبياء والصالحينن وينبغي أن تصل إلى كل فرد في المجتمع، ولا سيما إن كان لديه الحماسة في الوصول إلى آفاتها المتعددة.
|