تكالبت المصائب من قوى البطش والعدوان على محور عقيدتنا القرآن الكريم، في توافق يندر حدوثه من جهة بشاعته وعدوانيته الموغلة في التّطرف، وبينما لم يفق المسلمون بعد من وطأة فظائع غوانتانامو بما فيها من ألم ممضٍ بسبب التجني على المصحف الشريف، فها هم حلفاء الشيطان يظهرون مرة أخرى وبذات الجريمة المنكرة في فلسطين المحتلة لإعادة تمثيل المشهد المقيت المتمثِّل في تدنيس المصحف في سجن مجدو أمام أنظار أبناء فلسطين المعتقلين في ذلك السجن. إن هذا التوافق المتزامن في العدوان، هو تعبير عن علاقة عضوية تزداد رسوخاً ضمن من وطّدوا أنفسهم على معاداة هذا الدين القويم، وهم الذين اعتادوا العمل معاً للتنكيل بالشعب الفلسطيني مباشرة من خلال عمليات قمع يومية لا تهدأ، وسياسياً من خلال حصاره بالقرارات الدولية التي تحول دون حصوله على حقوقه المشروعة.. مرة من خلال استخدام الفيتو، ومرات عديدة من خلال تغذية الكيان الصهيوني بكل ما يعينه على تنفيذ تلك المهام القمعية، وبما يمكِّنه من تشديد قبضته على الشعب الفلسطيني. ومن المستحيل ابتلاع هذه الإساءات التي يتعرَّض لها ديننا القويم، سواء أتت من الولايات المتحدة أو من قِبل اسرائيل، فذلك أمر مستبعد.. ولن تتحقق بأي حال من الأحوال الأهداف من وراء عمليات التدنيس هذه، فالذين يفعلونها يرمون إلى أن يعتاد المسلم على ذلك، وأن تتلاشى علاقته القوية بدينه، وألا يحرِّك ساكناً، وهو يرى المصحف الشريف يتعرَّض لهذا الإذلال. وتدل هذه الجرائم على حقد متأصِّل في نفوس هؤلاء الذين يرتكبونها، سواء في سجن غوانتانامو الأمريكي، أو في فلسطين المحتلة، فمن الواضح أن المسلك الإسلامي القويم، وتمسُّك المسلمين بمصدر عقيدتهم ومُلهم حياتهم الأول القرآن الكريم، يحرِّك كوامن الحقد والغضب عند أولئك، ويدفعهم إلى محاولة إرباك المسلم من خلال ضربه حيث يُوجع الضرب، لكن في ذات الوقت فإن هذه الأعمال الدنيئة تعمل على تحريك النفس المسلمة، وتوعيتها بالمدى البعيد من الغلو، الذي يمكن أن يصل إليه مثل هؤلاء الرعاع، ومِنْ ثمَّ فإن ذلك يكون أدعى للمسلم لأن يتمسّك بثوابت دينه، وأن يعزز علاقته بهذا الكتاب النوراني. ومن المهم أن يُصار إلى تحويل هذا الغضب الجماهيري العارم إلى فعل سياسي يخاطب العالم بأجمعه، ويبرز بشاعة هذه الجريمة ومدى انعكاساتها الغائرة العمق في النفس المسلمة، وأن تتكاتف القوى والدول الإسلامية لإسماع كلمتها القوية البيّنة على أن هذا الفعل الإجرامي، هو انتهاك فاضح وغير مقبول على الإطلاق لقدسية معتقدات دينية لا يمكن بأي حال من الأحوال التهاون بشأنها، وأن هذا الانتهاك يطال أيضاً الإساءة البالغة لأكثر من مليار مسلم، ولذا فإن الجريمة بهذا الشكل تُعتبر ضد الإنسانية، وأنها تستوجب العقاب.
|