Friday 10th June,200511943العددالجمعة 3 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

لا للحرية الفردية!لا للحرية الفردية!

تعقيباً على مقال الدكتور عبدالرحمن الحبيب بعنوان (مفاهيم إصلاحية للنقاش) المنشور في يوم الاثنين الموافق 8-4-1426هـ أقول: أعتقد أن هذا المقال يؤكد حرص قادتنا على الإصلاح فرفع سقف الحرية الصحفية والنقد الذي أشار إليهما الكاتب ما هو إلا لإدراكهم بأن الفرق بين مجتمع ومجتمع متحضر يساوي الفرق بين صحافة وصحافة، وما ذكره بأن هناك بعض المسؤولين في الأجهزة الحكومية غاضبين لنقدهم فأعتقد أنهم يريدون الصحافة أن تعمل لإرضائهم أو خداعهم، ومن الصعب أن تفهم لماذا يرحبون بأن يمتدحوا أو يثني عليهم؟
هل يرحبون بالمديح لأنه يشعرهم بالأمان ولو خطأ، فالمسؤول الذي يمدح يشعر أن المواطنين أو المتعاملين مع وزارته أو إدارته راضون عنه وهذا يعني في حسابه زيادة الاحتمالات في بقائه، وإذا مدح اقتنع القادة بقيمته! ولكن الحقيقة هي نقيض هذه التفسيرات تماما؛ فالامتداح في الأكثر نوع من التحذير والإنذار بالسقوط وهو في الأغلب ذو دلالة مضادة أن الذي يمدح عليه أن ينتظر مصيرا أكثر تجهما هكذا علمنا التاريخ وأحداثه المتعاقبة. فالإصلاح لن يأتي إلا عن طريق النقد البناء لأي جهة كانت دون استثناء وقادتنا يعون أن النقد هو حليف لمن يعمل فقط.أما التساؤل الذي أثاره الكاتب، ما المقصود بالحرية المسؤولة؟
فهي باعتقادي المعنى المضاد للحرية الفردية حيث إن الحرية الفردية بمعناها القديم تعني حرية التضليل والخيانة والسرقة وتعني أيضا إعطاء كل لئيم وغير كريم النفس أو الفكر الحماية القانونية والظروف المواتية ليكون مفسدا وسارقا وبذيئا كيف شاء وبقدر ما يستطيع أن يكون، أليست هذه هي الحرية القائمة على التغالب الفردي ولا يوجد فرق بين أن يعطى القاتل والمتاجر بالمخدرات الحرية وبين أن يعطى للمخادعين والمحتالين والمنظرين والمتاجرين بالمذاهب والشعارات والنظريات.وكيف يمنع الاحتيال على الأموال وتباح باسم الأفكار والعقائد وباسم الدفاع عن العدل والحق؟ وكيف تحرم سرقة دجاجة ثم تباح سرقتها باسم العقيدة والذكاء، أو كيف تحرم سرقة الدجاجة باسم السرقة ثم تحل سرقتها باسم العقيدة؟
سيدي لو قال لك أحد المسؤولين إننا منحنا لكم سقفا للحرية وفوجئنا أن الاختلاف في الأفكار قد يجر للقذف والسباب بينكم وشدَّد على أنه لابد من وجود حرية مسؤولة فإذا كانت الحرب الأهلية محرمة وفظيعة أفليست الحرية الفردية حربا أهلية بكل مجانينها ومجرميها وشهدائها؟ أليست هذه حرية غير مسؤولة!
وإني لأتذكر ما قاله أحد المفكرين المنادين بالحرية حيث قال:مهما كانت قيمة الحرية وحوافزها والعجز عن تحديدها ومعرفتها فإننا نريدها على كل احتمالاتها ومستوياتها، ومن المملكن أننا لا نريدها في الحقيقة وإنما نريد الدعوة إليها فقط؛ لأننا نستريح بذلك ونعرض أنفسنا، أو لأننا نعاقب قوما بالدعوة إليها فقط لأننا نستريح بذلك ونعرض أنفسنا. كما أن من الممكن أيضا أننا صادقون في دعوتنا إلى الحرية ولكن حوافزنا أنانية، هي أننا نريدها لأنها تلائمنا لا لأنها حاجة إنسانية أو حاجة حضارية.
ويجب التنبيه على أن بعض المنادين بالإصلاح والوعاظ قوم يتحدثون إلى أنفسهم بأعلى الأصوات باسم الحديث إلى المجتمعات، لقد ظلت المجتمعات في كل العصور يضحي بها بحجة التضحية من أجلها ويسبها ويتهمها ويقتات بلحمها المفترسون من البشر بحجة الغيرة عليها والعمل من أجل إنقاذها وهدايتها. فالمعلمون الذين يلومون المجتمعات وينصحونها بتوتر وغضب لا يفعلون ذلك عدلا أو نبلا أو لأنه مفيد بل لأنهم محتاجون أن يصنعوا من أنفسهم قذائف أو رصاصات يطلقونها على الآخرين بلا رحمة أو غيره، أو أنهم محتاجون إلى أن يعرضوا أنفسهم، لقد كان الحوار مع المجتمع والحديث إليه هما أفضل وسائل الحوار مع النفس.
ولذلك أدرك الأمير عبدالله أهمية هذا الحوار للنهوض بمجتمعنا واستحدث مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لحماية مجتمعنا من أمثال هؤلاء وما زلنا نعلق عليه الكثير من الآمال.
كما تطرق الكاتب إلى أنه ليس من المقبول أن يوجد مفكر يقول إنه لا يوجد تيارات فكرية مختلفة وأنا أوافقه، ولكن من وجهة نظري أن المشكلة لا تكمن في مسألة هل هذه التيارات موجودة فهذه مسألة مسلَّم بها. المشكلة تكمن في تصنيف هذه التيارات التي لا أستطيع الخوض فيها وأنا أتركها للمفكرين أمثاله فمثلا الاختلاف في المسائل الفقهية قد يفسرها البعض اختلافات فكرية.

فيصل منصور الدخيل/الرياض

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved