Friday 17th June,200511950العددالجمعة 10 ,جمادى الاولى 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الريـاضيـة"

في الوقت الأصليفي الوقت الأصلي
الآن يحق لسامي أن يمد رجليه
محمد الشهري

عُرف عن العرب حِدة الذكاء، وسرعة البديهة واللماحية الفائقة.. لذلك كانوا من فرط تلك الصفات يعتمدون الرمزيّة في كثير من أدبياتهم، وفي أساليب اكتشافهم لخوافي الأمور، والتعرّف على معادن وإمكانات الرجال.
** فعلى سبيل المثال.. ومن ضمن تراثيات عرب الجزيرة الموغلة في الحكمة الكامنة خلف اعتماد الرمزية كأسلوب.. هناك رواية تقول:
** كلّف كبير القبيلة أحد الرجال المشهود لهم بالحكمة وحُسن التصرف والشجاعة، بالإشراف على مهمة قتالية مصيرية (مهمة رد شرف).. ولكي يتأكد الشيخ من حُسن اختياره لرجل المهمة، بادره بالسؤال عن أهم متطلبات إنجاز المهمة.. فكان من الطبيعي أن تتركز على العنصر البشري باعتباره الأهم.
** قال له الشيخ كم تريد قال: أريد مئة.
** قال الشيخ: هؤلاء المئة هل تريدهم ثعالب يقودهم (ذئب) أم تريد العكس.. قال: بل أريد العكس.. عندها أدرك الشيخ أنه قد أحسن الاختيار.
** وهنا ستلاحظون أن الحكمة في أساس الرواية، وبالتالي من حرصي على الاستدلال بها.. هو اثبات أهمية القيادة على اختلاف درجاتها ومسمياتها ومواقعها.. سواء على مستوى البلدان والشعوب، أو على مستوى القطاعات والمنشآت، أو على مستوى الفرق الرياضية.. وحتى على المستوى الأُسري.
** ولكم أن تتخيلوا حجم تبعات وتأثيرات سلسلة الاهتزازات والاخفاقات التي أحاطت بمسيرة الكرة السعودية ممثلة بالمنتخب على مدى الثلاث سنوات الماضية، وعلى المدى البعيد.. لو لم يكن هناك قيادة واعية وحكيمة.. قادرة بفضل الله على احتواء مجمل تلك السلبيات، ومن ثم تجاوزها بكل إصرار وعزيمة، وفي زمن قياسي ينم عن قدرة وحنكة متناهية.
** ومادام الشيء بالشيء يذكر.. فإن علينا ونحن في سياق الحديث عن (القيادة) وأهميتها أن نتطرق للدور القيادي والتاريخي الذي جسده القائد الاسطوري للأخضر (سامي الجابر) بشيء من الإنصاف، بعيداً عن تأثيرات الميول والتحزبات.. وما إلى ذلك من ممارسات غاية في الخسّة.. ظلت وما تزال تنهش في الجسد الواحد للكرة الخضراء على مدى عقود عن سابق إصرار وترصد (؟!!).
** وهنا لن أتحدث عن مشواره الطويل جداً مع الإبداع والمواقف الحاسمة.. ولا عن حكايته الأطول مع الغوغاء وأعداء الإبداع.. بما تخلله من المواقف والحملات الصحافية المنظّمة بعناية فائقة.. والتي كانت ومازالت تُدار من مطبخين، أحدهما في الوسطى والآخر على ساحل البحر الأحمر.. ذلك ان الحديث عن إبداعه وعن حكايته مع هؤلاء تحتاج إلى مجلد (؟!!).
** لذلك سأتحدث فقط وبإيجاز عن آخر فصول ذلك المسلسل الطويل في جانبيه الإيجابي والسلبي.
** ذلك أنه عندما تم استدعاء الجابر لقيادة المنتخب في واحد من أهم المنعطفات وأحرجها، بل وأشرسها في الطريق إلى ألمانيا.. وبناء على رؤية فنية فرضتها مستوياته على البساط الأخضر من خلال قيادته للزعيم.. فضلاً عن تأثيراته ولمساته القيادية الفذة داخل وخارج الملعب.. والتي لا يدرك ولا يستشعر أهميتها وقيمتها إلا من كان على درجة عالية من الحس الفني الرفيع.
** عندها قامت القيامة.. ودب الذعر في قلوب طابور التنابلة من منسوبي المطبخين عن طريق نوعية من الصحافة المتنافسة على احتلال الصدارة في نشر البذاءات وتهييج الدهماء، والتطاول على الرموز والشرفاء.. تحت غطاء المصلحة العامة كما يدعون، رغم علمهم بأن الوسط الرياضي يعلم عن بكرة أبيه أنهم يكذبون.. وأن دوافعهم الحقيقية لا تتجاوز كون الجابر ينتمي للهلال.. وهذا السبب في حد ذاته كافٍ حد القناعة العمياء في نظرهم وفي حساباتهم ليكون هدفاً مباحاً لافراغ أحقادهم من خلاله حتى وان كان على حساب مصلحة المنتخب الوطني.. هذه ناحية.. أما الناحية الثانية فهي تتمثل دون شك في حجم الرعب الذي يتملكهم من مجرد ذكر (سامي) وهذا أمر طبيعي إذا أخذنا في الاعتبار الفوارق بين السمو والانحدار، كما بين القمة والقاع.. ثم ليقينهم من أن مجرد حضور هذا العبقري لابد أن يحمل معه كالعادة جملة من الإضافات التي تسبّب لهم الصداع، والتي تخصص في صناعتها كما تخصص ناديه في صناعة التاريخ.
** هذا عدا ان تلك الإضافات التخصصية تعني إهالة المزيد من الأتربة على الهياكل العظمية التي مازالوا يتمسحون بها.. وبالتالي فإنها تعني بكل تأكيد قطع الماء والكهرباء وحتى الهواء عن أسماء ظلت ومازالت تستمد وجودها مما تجود به تلك الأقلام التايوانية من البهرجة الفارغة، والنفخ الكاذب، والتلميع الزائف وهلم جرا.
** ولعلكم لاحظتم ردود الأفعال على نجاح هذا القائد المحنك في مهمة قيادة المنتخب الوطني إلى المحفل العالمي الكبير بكل ثقة واتقان، من قبل هؤلاء.
** فمنهم من اعتذر بشجاعة عن سوء تقديره أمثال الزميل نبيه ساعاتي.. وهو بالمناسبة آخر الناس المحترمين في منظومة ناديه الإعلامية الراهنة، والتي اختلط فيها الحابل بالنابل هذه الأيام.. الكل يبحث عن موطئ قدم عند باب الريس.. أما القيم وما أدراك ما القيم (حُط بالخرج)؟!!
** ومنهم من استحضر قائمة طويلة من الأسماء التي تمتد من أيام الملاعب الترابية وكرة الشراب، أمثال القملة وأبو عصيدة وأبو ريشة وأبو رفسة إلى آخر لاعب تم استقطابه من حواري شارع المنصور.. من أجل أن يقول (ما قصرت يا سامي) ومن تحت الضرس أيضاً.. مع أن سامي لا يتشرف بأي نوع من الثناء الصادر عن تلك النوعية من ال(....) لأنه بكل بساطة يعدها مهانة ومسبّة (؟!).
** وآخرون لم يجدوا من وسائل الحضور لأخذ نصيبهم من كعكعة وهج الجابر، سوى اللجوء إلى الضرب على وتر فوارق التهديف بينه وبين بعض الهياكل.. ولأنهم (بلداء) إلى درجة أن الواحد منهم لا يرى أبعد من أرنبة أنفه.. لذلك لم يلاحظوا أو يتنبهوا إلى حقيقة أن الهدف الواحد في مشوار التأهل لنهائيات كأس العالم.. ناهيك عن الاهداف المسجلة في النهائيات.. يساوي (مئة) فيما عداها من مناسبات أو مباريات محلية (؟!).
** وبذلك يكون الجابر ومن خلال هذه الحسبة العادلة قد حقق (1800) هدف.
** هؤلاء الحثالة المتغلغلة بالتعاقب في وسطنا الرياضي ما انفكت تبحث باستماتة عما يثير الفتن بين فئات مجتمعنا الرياضي من خلال الاعتماد على العديد من الأساليب القذرة مثل: استثارة واستفزاز أنصار الهلال ومحاولة جرهم إلى مستنقعاتهم الآسنة.. والتي تتمثل في اختيار الأوقات الحساسة جداً للتهجم والتطاول على نجوم الهلال.. والتقليل من حجم أدوارهم ومساهماتهم في إنجازات المنتخب كما حدث ويحدث هذه الأيام في أعقاب التأهل لنهائيات مونديال ألمانيا القادم في محاولة خسيسة تضطرهم للرد والتذكير بالأدوار الهامة والحاسمة لهؤلاء النجوم عندما يجد الجد وتكشّر المنافسة عن أنيابها.. وعندما يتطلب الموقف نوعية خاصة من الرجال.. وهذه الأساليب الخبيثة التي دأب هؤلاء الخفافيش على ممارستها بقصد الإيقاع بين فئات المجتمع الواحد والموحد.. ولا تغرنّكم بكائياتهم وتمسكناتهم، فهم كالأفاعي المعروف عنها نعومة الملمس ولكنها تحمل في أنيابها السم الزعاف القاتل (؟!).
** أسألكم بالله أي معنى يقف خلف الإصرار على النيل من قائد المنتخب في مثل هذا الوقت الذي يعيش أوج عطائه وفاعليته.. والذي أشاد به الاتحاد الدولي والاتحاد الآسيوي.. ناهيك عن إشادات العديد من الخبراء وأصحاب الرؤى العالمية المعتبرة والمحترمة (؟!!).
** وما الغرض منه إذا لم تكن الرغبة في إسقاط المنتخب من خلال التركيز على العقل المفكر، وعنصر القيادة والفاعلية فيه بغرض تشتيت أفكاره وصرف اهتمامه عن مهامه الأساسية انتصاراً لأهداف لم تعد خافية إلا على من رضي بدس رأسه في الرمال (؟!!).
** ومن هنا أقول: إذا كان قائد المنتخب على القدر الذي شاهده العالم من العطاء السخي والبراعة النادرة في أداء دوره الكبير.. ومع ذلك يتحول إلى لقمة سائغة لكل تافه وحاقد ممن احتضنتهم الصحافة الصفراء.. وعلى مرأى ومسمع من اتحاد الكرة الذي ظل يتفرج على هذه المهزلة، وكأن المعني بها أحد لاعبي ارتريا.. في موقف يثير ألف علامة استفهام وألف علامة تعجب.. حول المغزى من عدم حماية هذا المواطن الذي يؤدي واجبه الوطني بامتياز مشهود من عبث هؤلاء ال(....).. وهل يسوغ لهم كونهم ينتمون لناديين يحظيان برعاية وعناية خاصة من لدن مقام الاتحاد، حُرّية ممارسة هذا النوع من العبث.. وهل هانت كرامة قائد المنتخب الوطني رغم ما يمثله من رمزية اعتبارية ووطنية على سلطتنا الرياضية إلى حد عدم القدرة على وضع حد لممارسات هؤلاء (الوراعين)؟!!
حقيقة
إذا هان الرجال سادت البغال.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved