Friday 15th July,200511978العددالجمعة 9 ,جمادى الثانية 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "أفاق اسلامية"

رياض الفكررياض الفكر
الزواج السياحي (1-2)
سلمان بن محمد العُمري

كثيرة هي الرسائل التي تصل إليّ عبر البريد العادي، وعبر البريد الإلكتروني، وتتفاوت هذه الرسائل بين ضعفها وقوتها، وجدها وهزلها، ومنها ما هو يسعد القلب، ويشرح الصدر، ومنها ما هو محزن مُبكٍ، لما يحمله من مآسٍ وأشجان، والرسالة التي أقدمها بين أيديكم لأخت كريمة جمعت بين قوة المعنى، وسلامة المبنى، وعمق المأساة التي تعيشها، وتعيشها أخوات كريمات كلما حل موسم الصيف، والإجازات!
وملخص الرسالة يحكي معاناة امرأة صالحة من رجال انساقوا وراء شهواتهم، وغلبتهم غرائزهم، وقضيتها قضية الأخوات الأخريات، هي في سفر الأزواج للخارج لمأرب واحد، ومقصد محدد، ألا وهو الزواج (المؤقت)، فيتذرعون بالتجارة تارة، وبطلب العلم والدعوة تارات وتارات، مستخدمين أسلوب الغش والتدليس، وإعطاء صورة سيئة عن أهل هذه البلاد المباركة، ورجالها الطيبين.
تقول الأخت الفاضلة في رسالتها: إن هؤلاء الرجال وإن كانت عقودهم في الزواج في ظاهرها صحيحة، مشتملة على شروط النكاح، إلا أن صاحبنا يستغل في كثير من الأحيان حاجة الأُسر للمال، فيتم هذه الصفقة مقابل معلومات غير صحيحة عن نفسه، فيخدع من ذهب للزواج منها، وأهلها، بالإضافة إلى أنه نفسه قد يقع فريسة وضحية لمن قد يستغله، فهو يذهب سليماً، ويعود حاملاً بأمراض له، ولأهله.
وبعد أن استرسلت في عرض مشكلتها، ومشكلات غيرها ممن أصبحن يكرهن الإجازات، طلبت معالجة هذه الظاهرة معالجة موضوعية، تسهم في القضاء عليها، وإنقاذ أزواج مخلصات لأزواجهن، وأطفال يرون في أبيهم أنه القدوة الصالحة.
ولم أعرج على كل ما كتبته الأخت الفاضلة في رسالتها، التي مزجت بين المشكلة العاطفية والشرعية، داعية لوقف المزيد من الضحايا.
وكنت قد تناولت في مقالات متعددة حول موضوع الزواج والأزواج، بل تعدى ذلك إلى الشروع في إعداد بحث ودراسة حول موضوع (الطلاق) إيماناً بتفاقم هذه الظاهرة، وتعديها للأرقام المتوقعة، وأكثرت من تناول موضوع الزواج، لإيماني بأهمية هذا الرباط المقدس، وأن الزواج الناجح هو نواة وأساس لبيت مثالي، مما ينعكس - بإذن الله - على مجتمع مثالي متماسك.
وإزاء هذه القضية، فنحن أمام مشكلة تعدت حدود تعدد الزواج وإشكالاته، وزواج المسيار وتعقيداته، إنها مسألة الزواج (السياحي)، أو الزواج الصيفي، أو الزواج المؤقت، أو الزواج بنية الطلاق، كلها مسميات لزواج بُني على الغش والتدليس، والكذب والخداع، واستغلال حاجة الناس، وفقرهم، متذرعين بفتوى غير مجمع عليها، مع العلم أن الفتوى نصت على من كان سفره طويلاً، وخشي على نفسه، مع أن المشهور في مذهب الحنابلة تحريم هذا الأمر، ويرى الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - أنه ليس شبيهاً بالمتعة، ومع ذلك يرى تحريمه.
وإزاء هذه المواقف البعيدة كل البعد عن أخلاقيات الإسلام، وتعاليمه، وما تحويه من غش وتدليس، وعبث، وفوضوية، وما تفرزه من مشكلات، وتنطوي عليه من مخاطر صحية واجتماعية ودينية، وما سيكون لها من تداعيات مستقبلية، تضر بالمواطنين، وتسيء بالسائح السعودي، وتهز مصداقيته، مع الأضرار النفسية لضحايا مثل هذه الزواجات المنفلتة، أوجه سؤالاً لمن ابتلي بهذه المشكلة: هل ترضى أن تكون ابنتك أو أختك أو إحدى قريباتك في مكان هذه المرأة المسكينة التي استحللتها لنفسك أياماً وأسابيع معدودة، ولم تقبل ذلك إلا من أجل المال؟ بالتأكيد أنني أعرف الجواب، ويعرفه معشر القراء.
لذا أقول لك: أين أنت من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا)، ومن حديثه صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).. ألا هل من معتبر؟! والسؤال الآخر: هل يُترك الحبل على الغارب لمثل هذا الصنف من الناس يعبثون بالأعراض باسم الزواج، ويدمرون أُسرهم وأُسر غيرهم، ويشوهون صورة كل مواطن يسافر سياحة أو عملاً أو دراسة أو استطباباً؟!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved