قالوا عنه معسل، وتعجبت وما زلت متعجباً.. العسل فيه شفاء وغذاء وهذا (المعسل) لا دواء فيه ولا غذاء، بل هو الداء كلّه!!!، وبمناسبة ذكر (المعسل) لا يتبادر إلى الذهن إلا ذكر رفقيه الجراك والشيشة وهذه الأدواء الثلاثة ربما يجهل البعض مكوناتها، فالمعسل هو تبغ يضاف إليه الدبس (العسل الأسود، الشيرة). أما الجراك فهو تبغ تضاف إليه مجموعة من الفواكه المتعفنة، أما الشيشة فهي تحتوي على التبغ وأنواع محددة من الفواكه المتعفنة!!! القاسم المشترك لهذه الأدواء الثلاثة هو الفاكهة المتعفنة والتبغ الخبيث، وزاد عجبي أنهم يقولون لمن يدخن هذه الأنواع من التبغ (فلان يُعمّر) وهو في الواقع يدمر كل شيء مبتدئاً بصحته وماله وصحة من حوله!!!، حقاً نحن في زمن تسمى فيه الأشياء بغير اسمها!!. وثمة تساؤل أطرحه بكل شفافية، لماذا تسمح الجهات المختصة لدينا وبالذات الأمانات والبلديات بافتتاح محلات لا تبيع إلا هذا المعسل والجراك والشيشة؟؟!!، سعدنا بنقل المقاهي خارج المدن لكننا في المقابل ساءنا كثيراً تزايد هذه المحال التي لا تبيع إلا ما تعفن من الفوكه والدبس والعسل مخلوطاً بالتبغ أوراق تلكم الشجرة الخبيثة التي ترفضها خضراء طرية الحيوانات في حين يقبل عليها من الناس من يدخنها بشراهة وهي صفراء يابسة قد خلطت بالعفن من فاكهة وعسل ودبس!!!. لا ريب أن انتشار تلك المحال له دلائل مفجعة ومروّعة جداً منها على سبيل المثال لا الحصر أن هذه المحال نظراً لتوفيرها لأدوات ومواد الجراك والشيشة والمعسل سبب رئيس ومباشر لزيادة المدخنين في المنازل والاستراحات وخصوصاً الصغار منهم والشباب وربما النساء خاصة الشابات منهن، ويدعم رواج تدخين المعسل والجراك والشيشة وبالتالي ازدياد هذه المحال ما تعرضه بعض القنوات الفضائية من حسناوات يأخذن الشاشة بطولها وعرضها وهن يدخن الشيشة أو الأرجلية كما تسمى بإغراء وإغواء خبيثين!!، ومن الدلائل على تزايد هذه المحال كثرة المدخنين فلو لم يوجد لها زبائن لأغلقت أبوابها وهذا مؤشر خطير جداً على صحة الفرد والمجتمع، ومن الدلائل أيضاً عدم استشعار البعض من التجار لدورهم وأهمية حرصهم على المشروع النافع للمجتمع والمدر للربح الحلال، فمن التجارة -مع الأسف - ما يحرق القلوب ويسبي الجيوب من خلال بيع هذا الداء الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، بل هو - والله - الجوع والظمأ والهلاك!!!، ومن الدلائل أيضاً أن من ملاك العقار من لا يهمه ماهية نشاط التاجر المستأجر لعقاره ومدى نفع أو ضرر هذا النشاط على الفرد والمجتمع!!، ومن الدلائل أن السماح بانتشار هذه المحال هو في الواقع مغاير للقرار الصائب بنقل المقاهي خارج المدن، لأن هذه المحال لم تنتشر إلا بعد هذا القرار. عموماً هذه المحال المتخصصة في بيع المعسل والشيشة والجراك تحتاج إلى وقفة جادة من الجهات المختصة لدراسة أضرارها وبيان عوارها واتخاذ ما هو كفيل بحماية صحة الفرد والمجتمع، وأتمنى على أقل حال أن تنقل هذه المحال بجوار المقاهي خارج المدن لتكون بعيدة عن المنازل لأن بقاءها في شوارعنا قريبة من منازلنا تشويه لمدننا، كما أنها تشويه لصورتنا أمام السائح القادم من الخارج وخصوصاً ذلك السائح المسلم الذي يرانا - كما يجب أن نكون بالفعل - قدوة للمسلمين ومحط أنظارهم.
|