Friday 16th September,200512041العددالجمعة 12 ,شعبان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "أفاق اسلامية"

المسؤول الناجحالمسؤول الناجح
فهد بن سليمان التويجري (*)

يذكر لنا التاريخ عبر عصوره كثيراً من القيادات الناجحة على اختلاف مستوياتها ومسؤولياتها، وإذا بحثنا عن سبب تسجيل هذا أو ذاك في قائمة الناجحين نجد أن العزم والحزم والجد كانت وراء نجاحهم. إن قوة الشخصية ومتانة الرأي والحزم صفات لا تنفك عن الشخصية المسؤولة الناجحة (المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير) الحديث.
يتغنى المسلمون وغيرهم بسيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بل اتخذها المسلمون نبراساً يُحتذى وسيرة تقتدى، كما درسها المستشرقون، وما ذلك إلا لما اتَّصف به عمر بن الخطاب من صفات الشدة والحزم والجدية وقوة الرأي، فأصبح ناجحاً في نظر العارفين وكذا الناظرين في سيرته، مع أنه لم يسلم من النقد عند أقوام، وعدم الرضا عند آخرين، فعندما بُويع بالخلافة أظلمت المدينة، لماذا؟ لأنهم لا يحبون ولايته؛ لما بينه وبين أبي بكر من الفرق! فعمر غليظ شديد، وأبو بكر عطوف رحيم، رضي الله عنهما.
كان من أحرص الناس على العدل، ومع ذلك قُوطع وهو يخطب يوم الجمعة ليُقال: اعدل؛ إنك تلبس ثوبين (وكان طويلاً رضي الله عنه). جلد قدامة بن مظعون (من أهل بدر)، وعزل خالد بن الوليد (سيف الله)، وضرب معاوية (أمير الشام)، وطرد سعد بن عبادة (سيد الخزرج)، ومع هذا كله كان هو المسؤول الناجح بكل المقاييس وعلى ألسنة جميع المفكرين والمنظرين.
لقد ترك العواطف خلف عقله، كان ينظر بعين العقل دون عين العاطفة. قراراته صارمة، وأوامره حازمة في الكبير قبل الصغير، والذكر قبل الأنثى، والقريب قبل البعيد. كان الصحابة يخافونه ويهابونه ويجلونه، مع أن بعضهم مثله في المنزلة والفضل. مات عمر ففرح بعضهم!! ثم سرعان ما ندموا وتمنوا حياة عمر، وليس كل حياته بل ساعة من نهار.
ذهب وجاء الخليفة بعده، وكان الليِّن مع الرعية، العطوف عليهم، يتجاوز عن مسيئهم، قابلهم بالإحسان وواجهوه بالإساءة، وقالوا: نريد عمر! نريد عمر! نريد عمر! ولو ساعةً من نهار. مع شدَّته يريدونه! مع غلظة عمر يطلبونه!! لقد كان كبيراً في نفوسهم لما كان أميرهم، ثم ظهر ما في نفوسهم على ألسنتهم بعد أن ارتحل وانتقل.
إلى كل مسؤول أهدي هذه الكلمات، وأزف هذه العبارات، فالمسؤول الناجح هو الحازم والعازم؛ لأنه الكبير في النفوس حتى وإن أنكرتها، وسوف تعترف ولو بعد حين.

(*) المجمعة

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved