كتيب جديد يوثق لمحاضرة القصيبي
نحو إستراتيجية موحدة لمكافحة البطالة

(.. ولعلنا نعثر هنا على جواب السؤال الذي حيّر البرية، أو - على أقل تقدير - حير عدداً من كتاب الأعمدة الصحفية وكاتباتها، لماذا فشلت قرارات السعودة عبر السنين في القضاء على البطالة؟ الجواب بسيط وأستغرب أن الكثير ممن أحترمهم وأحترم عقولهم لا يزالون يبحثون عن الجواب، والجواب بسيط، هو ببساطة متناهية أن السعودة لم تنجح في القضاء على البطالة لأن الشرط الأساسي لنجاحها وهو خفض الاستقدام لم يتحقق..).!
كانت هذه الفقرة الناقدة النافذة إحدى الفقرات العديدة العميقة التي تضمنها حديث معالي الدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي وزير العمل ضمن محاضرته التي ألقاها في جمعية الاقتصاد السعودية بعنوان: (نحو استراتيجية موحدة لمكافحة البطالة).
المحاضرة لا مست الكثير من الهموم والاستفسارات حول ما يدور في ذهن الناس حول أمور التوظيف والسعودة والاستقدام، كما عكست ما يدور في ذهن د. القصيبي حولها وهو يتسنم منصب وزير العمل بما يحمله من تحديات وما يتطلبه من قدرات، لذلك كان توثيق هذه المحاضرة من خلال كتيب وصدورها عن (دار الحضارة للنشر والتوزيع) عملاً موفقاً، حيث إن هذا التوثيق يتيح الفرصة لقطاعات أوسع كي تستفيد مما جاء في المحاضرة، كما أنها تجعل موضوع البطالة والاستقدام والسعودة ينطلق من مفاهيم محددة وأسس فكرية وواقعية ثم وضع عناوينها من خلال المحاضرة الكتيب.
والقارئ المتصفح للكتيب يلحظ جرأة الطرح في مناقشة القضية، فالدكتور غازي القصيبي كان شفافاً وهو يشير إلى واقع مليء بالصور السلبية المؤلمة، فها هو يقول بصراحة معهودة فيه: (إنني أدرك - ربما أكثر من أي إنسان آخر في المملكة - أن فترة الطفرة أوجدت شريحة كبيرة من المواطنين أكبر مما يتصور أي إنسان آخر في المملكة من المنتفعين بالاستقدام هذه الشريحة قد رتبت أمورها، وسوت أوضاعها على أساس أن الوضع القائم - أي الاستقدام بلا حدود أو قيود - سوف يستمر إلى الأبد، وهذه الشريحة سواء كانت تطلب العمالة الوافدة لغرض مشروع - كإدارة مصنع أو مشروع - أو غرض مشبوه - كالتستر والمتاجرة بالبشر - غير مستعدة على الاطلاق أن تقتنع بمنطق يتعارض مع منطق مصالحها..)!
لكن الكتيب الذي جاء في ثمان وخمسين صفحة لم يكتف بتوثيق محاضرة د. القصيبي، لكنه جمع إلى ذلك حواراً أجراه حاسن البنيان ونشرته (الجزيرة) في عددها رقم 11855 وقد وصف الناشر ذلك الحديث بأنه ترك أثراً بارزاً وردود أفعال متباينة بين العديد من شرائح المجتمع.
وكان من ضمن ما جاء في ذلك الحوار تشريد د. القصيبي على القول إن وزارته تعتبر أن وجود عاطل سعودي واحد سواء كان ذكراً أو أنثى جدير بأن يُبذل من أجله أقصى جهد لكي يحصل (أو تحصل) على عمل. وأضاف: لا أتصور أن تكون هناك مشكلة حقيقية في إيجاد وظيفة في القطاع الخاص لمن يبحث عنها من المواطنين بشكل جاد.
الكتيب حوى قضية هامة بابعاد متعددة بين دفتيه، واستطاع أن يشكل مرجعاً لا يستغني عنه أي باحث في مجال البطالة والسعودة.