|
|
انت في
|
من صحراء الظلمات الموحلة بالدم والتماعات رماح القبائل المتناحرة وعلى إيقاع صليل السيوف المشرعة في اقتتال الإخوة الأعداء وحمحمات خيولهم المطهمة وغبار (المغازي) الجاهلة من أجل (احتجار) بقعة من الصحراء لا تنمو فيها سوى أشجار الحمض لرعي الإبل التي كانوا يعتزون بها أكثر من أخواتهم وينتخون بها أكثر من أخوانهم، أو يقتتلون من أجل بئر ناضبة أو مستنقع تعوم فيه الطحالب و(الدغاليب)، وحينما كان المرء في هذه الجزيرة لا يعرف وطناً سوى قبيلته أو مراعيها أو قريته الصغيرة ونخيلاتها الشحيحة وفي زمن يستعلي فيه البدوي على الحضري ويحتقر فيه الحضري البدوي والشمالي لا يعرف شيئاً عن الجنوبي وأهل القرى الآمنة يتعرضون إلى غارات البداة المفاجئة أو رفع (الخوة) من أجل الحماية الجائرة التي يعرضها القوي على الضعيف وفي زمن كان فيه البدوي في الصحراء يمسي غنياً ويصبح فقيراً لا يجد ما يحمل عليه أطفاله الجياع بعد هجوم عاصف من غزو مباغت أو (حنشل) عابرين. وفي زمن الضلالة والجهل والعصبية المقيتة والانتماء الضيق إلى العشيرة أو الجماعة أو القرية النائية، وفي زمن لا يأمن فيه المرء على ماله وحلاله وروحه في صحراء الرعب أو في القرى المعتمة. وفي ذلك العصر تقفر فيه قرى هذه البلاد من ساكنيها في سنوات المجاعة الفقر والأوبئة ويتجهون إلى المدن المضيئة على حدود الجزيرة كالعراق أو الشام أو العمل في السواحل أو في تجارة القوافل التي تعبر الصحراء بحثاً عن لقمة العيش، وفي الوقت الذي كانت فيه هذه البلاد الرائعة مجرد محميات بدوية أو امارات هلامية أو أقاليم ممزقة- أقول في ذلك كله- وحينما أراد الله لهذه البلاد المباركة أن تنعم بالأمن والأمان والوحدة أشرق من سجف الظلمات نجم تلألأ في سماء البيد وعمَّ بنوره الجميع بعد معاناتها الذريعة مع الظلام والرعب والجهل. وأطل عبد العزيز بن عبد الرحمن -طيب الله ثراه- ليوحد البلاد ويلغي الجهالات ويغمد سيوف القبائل ويبسط الأمن ويصبح أهل هذا الوطن الرائع جميعهم بمثابة عائلة كبيرة تنتمي كلها إلى أسرة الوطن الواحد وتلهج دوماً بالدعاء إلى موحدها العظيم الذي نحتفل اليوم بذكراه فما أجملها من ذكرى. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |