نشطت اللجنة الرباعية من أجل البناء على ما ترى أنه أساس طيب لاستئناف جهود السلام، وقد نظرت إلى الانسحاب من قطاع غزة على أنه خطوة تنسجم مع ما نادت به من أجل السلام، أي قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية، على أن تكون الدولة الفلسطينية قابلة للحياة، حسب تعبير اللجنة.. ويفيد اللجنة في مستهل هذه البداية الجديدة لمهمتها الكثير من الدقة والموضوعية، خصوصا تجاه انسحاب إسرائيلي تلزمه العديد من التبعات التي حاولت إسرائيل تجاوزها من أجل المساومة عليها، وذلك على الرغم من أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بخطوة الانسحاب، وذلك مثل مشكلة حرية المعابر وإقامة الميناء الفلسطيني وتشغيل المطار والميناء والمطار، إذ إنه بدون هذه العناصر وفي غياب الإشراف الفلسطيني عليها ستصبح غزة مجرد سجن كبير يتم داخله احتجاز أكثر من المليون ونصف المليون فلسطيني.. ثمة إشارة مهمة وردت في تقرير اللجنة، إذا استكملت كامل جوانبها، عن أهمية المشاركة الفلسطينية الكاملة في الانتخابات التشريعية التي ستجرى في يناير القادم، وذلك في مقابل الإصرار الإسرائيلي على حرمان بعض الفصائل مثل حماس في المشاركة في الانتخابات حيث تزعم إسرائيل أن الحركة إرهابية، والغريب أن يصدر مثل هذا الوصف من أرييل شارون المعروف على نطاق العالم كإرهابي عتيد ارتبط اسمه بواحدة من أفظع مجازر التاريخ وهي تلك التي وقعت قبل أكثر بقليل من عقدين في صبرا وشاتيلا بلبنان.. ومع ذلك فإن بيان اللجنة الرباعية لم يشأ إلا أن يتناغم مع هذا الطرح الإسرائيلي في بعض جوانبه عندما نادى بأن تنبذ الفصائل الفلسطينية السلاح وهي تقدم على عملية سياسية مثل الانتخابات، داعيا السلطة الفلسطينية إلى تجريد الفصائل من سلاحها، وفي ذلك تجاهل تام لحق الشعوب في مقاومة الاحتلال، وإسرائيل هي عين الاحتلال فهي لا تزال تحتل أجزاء واسعة من الضفة الغربية وهي زالت تحيط بغزة وبمياهها الإقليمية وبأجوائها.. وتحاول اللجنة الرباعية أن تظهر بصورة متوازنة وهي تتقدم بحذر نحو استئناف مهمتها، لكن الميل الكثير لإسرائيل يعني أن مهمتها ستكون مشكوكاً فيها من قبل الجانب الآخر، بينما من المهم أن تلتزم بالحيادية إذا كانت تتطلع فعلا إلى إقامة السلام, وإلا فإنها ستعمل فقط لإفساح المجال أمام إسرائيل لتنفيذ مخططاتها التوسعية المحمومة بما في ذلك إقامة المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، التي لن تقوم بدونها دولة فلسطينية، ومع ذلك فإن معظم الضفة هي حاليا محتلة، ويردد شارون ووزراؤه كل يوم أنهم لن يخرجوا من الكيانات الاستيطانية الكبرى فيها..
|