يعيش الإنسان في مجتمعه وهو مدفوع لا محالة إلى صور من التعاون تعبر عن ولائه لمجتمعه، وعن ضعفه وعجزه وعدم استغنائه بنفسه عن معونة أفراد مجتمعه، ومن هذا المنطلق فإن أي ناد رياضي يسود التعاون بين أفراده ومحبيه لا تضيع فيه الجهود، ولا تكثر فيه الشكاوي، ويكون النصر والفوز حليفه بإذن الله. وإن تعاون أعضاء مجلس إدارة النادي الرياضي مع بعضهم البعض، ومع جميع العاملين واللاعبين والمحبين لذلك النادي، وتعاون أفراد الفريق الواحد في المباريات الرياضية وعدم طغيان الأنانية بينهم، وقناعة الجميع القناعة التامة بقاعدة (التعاون أساس الفوز) تجعل ذلك النادي ينعم بالفوز بنوعيه المادي والمعنوي، فالمادي هو أن يحقق النادي نتائج رياضية وثقافية واجتماعية متقدمة، والمعنوي هو شعور الجميع في ذلك النادي بالحب والتعاون والعمل المشترك. أخي الرياضي.. وفي المقابل فإن النادي الذي تنعدم فيه قاعدة (التعاون أساس الفوز) أو يكون التعاون محدوداً بين فئات متجانسة فيه فإن ذلك ينتج ثماراً سيئة كثيرة، من أبرزها ما يلي: 1- عدم حصول النادي على نتائج ومراكز متقدمة في جميع الأنشطة. 2- زرع روح الكراهية بين فئات مختلفة في النادي. 3- العناصر الجادة والعاملة لا تجد الجو المناسب للعمل في مثل ذلك النادي. 4- طغيان المصالح الشخصية على مصلحة النادي. 5- نزع ثقة المجتمع ومحبي النادي من ذلك النادي الذي لا يسود فيه التعاون. أخي الرياضي.. كن قدوة- وأنت كذلك إن شاء الله- للجميع بتعاونك مع أعضاء الإدارة والإداريين والمدربين واللاعبين وطبق قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}، وقوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وتذكر أن الإنسان ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، والمثل الشعبي: (قوم تعانوا ما ذلوا)، وتذكر كذلك أن الأعواد الصغيرة إذا كانت متفرقة تكون سهلة الكسر، بينما إذا جمعت مع بعضها فإنه يصعب كسرها، فهلا كان (التعاون أساس الفوز) شعارنا جميعاً في أنديتنا الرياضية؟ ابتسم عند الهزيمة إن للهزيمة وقعها وأثرها على النفس وخصوصاً عندما تكون الهزيمة غير متوقعة، وكان الأمل في الفوز والنجاح، ويكون المهزوم هو الإنسان نفسه أو شخصاً يحبه أو فكرة ينصرها، وفي أنديتنا الرياضية وفي عالم الرياضة عموماً هناك أناس سرى حب النادي في دمائهم وعروقهم وأخذ تفكيرهم، وأصبح مدار حديثهم فله ينتصرون، وعنه ينافحون، ولفوزه يفرحون، ولكنك تعلم أخي الرياضي كما أعلم أن الفوز ليس دائماً، وأن لكل جواد كبوة فقد يخسر النادي وينهزم، وإذا قضى الله أمراً فلا راد لأمره، فبماذا أوصيك؟ أوصيك ب :(ابتسم عند الهزيمة). إن النادي الرياضي الذي تشيع الابتسامة والبشاشة بين أفراده ومحبيه نادٍ راقٍ متماسك، يشعر كل فرد من أفراده ومحبيه بالراحة والطمأنينة النفسية؛ لأنهم يعلمون أن الغضب والتجهم لا يحقق الفوز والانتصار. أخي الرياضي.. غالباً ما تنتهي المباريات الرياضية بفوز فريق وخسارة آخر فماذا تشاهد؟ الحزن والكآبة والغضب على وجوه أفراد الفريق المهزوم، والضحك والتكبر والغطرسة على وجوه أفراد الفريق الفائز، فلماذا كل هذا الحزن والكآبة والغضب؟ هل سيغير أو يبدل نتيجة المباراة؟ وهل هذا التكبر والغطرسة سيحقق الفوز في المباريات القادمة؟ ولكن ما أجمل أن تنتهي مبارياتنا الرياضية بإعلان تحية الإسلام وشعار السلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وذلك بأن يسلم كل لاعب من أعضاء الفريقين على الآخر، ويتبادلون الابتسامات والتهاني والتحايا (مبارك لكم الفوز) و(حظاً أوفر) والأروع من ذلك أن يشارك الإداريون الحاضرون للمباراة والاحتياط والمدربون في ذلك السلام وتلك الابتسامات والتهاني والتحايا ونحن نتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( وتبسمك في وجه أخيك صدقة) عند ذلك تحقق الرياضة أهدافها وغاياتها، فليست الرياضة فقط فوز وهزيمة، كما أنها ليست فقط بناء أجسام وهياكل، لكنها حب وإخاء وتعاون وسلام وبناء لعلاقات طيبة بين أبناء البلد الواحد وبين أبناء الدول والشعوب، ووسيلة لنقل أخلاقنا الإسلامية الرائعة للآخرين. وتواضع عند النصر جبل الإنسان على حب الفوز والنصر والاعتزاز به، ولكن إذا تعدى ذلك الاعتزاز حدوده أصبح إعجاباً بالنفس، واستعلاء على الآخرين وحطاً من شأنهم، وقد حثنا ديننا الإسلامي على التواضع عموماً، فقال صلى الله عليه وسلم: ( وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه)، وعند تحقيق النصر خصوصاً، ولا أدل على ذلك مما حدث في الفتح الأعظم- فتح مكة- وهو من أكبر الانتصارات على مر التاريخ، فقد ضرب لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة في التواضع، حتى كاد رأسه يلامس ناقته -صلى الله عليه وسلم- ويتواضع ثم يعفو عن أعدائه ويقول: (اذهبوا فأنتم الطلقاء). أخي الرياضي.. ألا نتحلى بهذا الخلق الإسلامي النبيل في أنديتنا الرياضية وعند الفوز في مبارياتنا الرياضية؟ ولنتأمل قوله -صلى الله عليه وسلم- :(حق على الله ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه) عند ذلك يرتدع المتعالي منا ويتواضع المتفاخر؛ لأنه لا يدوم شيء في الدنيا على حاله، فقد يهزم المنتصر وينتصر المهزوم، وفي منثور الحكم: (من كثر تواضعه كثر أصدقاؤه)، والعكس أي من كان متكبراً قل أصدقاؤه وكثر أعداؤه، ولتعلم أنه ليس هناك تعارض بين التواضع وإظهارالفرح والسرور بالفوز والاعتزاز والافتخار به. إذن قد تقول وماذا علينا أن نتحلى به عند فوزنا أو فوز فريقنا الذي نحب في مباراة رياضية؟ أقول لك: 1- شكر الله تعالى على هذا الفوز؛ لأنه هو الذي منحنا إياه، وهو قادر كذلك على تبديله وجعله خسارة. 2- إظهار الفرح والسرور في حدود الآداب المرعية. 3- التواضع وعدم التكبر على الآخرين، وخصوصاً الفريق الخاسر. 4- التهنئة بالفوز عن طريق وسائل الإعلام، وإقامة الولائم والمناسبات، وتقديم الهدايا والجوائز التشجيعية. اخيراً: أخي الرياضي.. هلا ترجمنا الكلمات المكتوبة في لوحات جميلة في أماكن بارزة من أنديتنا (التعاون أساس النجاح) و(ابتسم عند الهزيمة) و(تواضع عند النصر) إلى واقع ملموس مشاهد في حياتنا الرياضية؟
* أمين عام نادي الشرق بمحافظة الخرج سابقاً |