Thursday 6th October,200512061العددالخميس 3 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "اليوم الوطني"

اتفاقيات الحدود السعودية مع دول مجلس التعاون الخليجياتفاقيات الحدود السعودية مع دول مجلس التعاون الخليجي

منذ الخطوات الأولى لتأسيس المملكة العربية السعودية حرص القادة السعوديون على بناء علاقات حميمة مع كافة الدول الخليجية التي ما زال السعوديون يقدرون مواقفها النبيلة إزاء مشروعهم الحضاري الكبير.فإلى جانب الجوار الجغرافي هناك علاقة أسرية وقبلية وسياسية واقتصادية متينة. وتعود هذه العلاقات إلى عصر الدولة السعودية الأولى (1744-1818م) ثم الدولة السعودية الثانية (1840-1891م)، فالدولة السعودية الحديثة.
ويقدر آل سعود الموقف النبيل الذي وقفته كل من البحرين وقطر والكويت تجاه الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود وابنه الملك عبد العزيز اللذين ذهبا إلى هناك بعد تعثر جهود الدولة السعودية في السيطرة على نجد، موطن آل سعود.
ويذكر المؤرخون أن الملك عبد العزيز توجه إلى قطر، وهناك قوبل بحفاوة بالغة ثم اتجه إلى البحرين التي استضافته مع جميع أفراد أسرته بشكل منقطع النظير، ومن البحرين اتجه الملك عبد العزيز مع والده وأفراد أسرته إلى الكويت وقد قوبل هناك أيضا بكل حفاوة وإكرام.
ومنذ قيام الملك عبد العزيز بخطواته الأولى لاستعادة ملك آبائه وأجداده في عام 1902م حرص- رحمه الله- على تعزيز علاقاته بدول الجوار واهتم بوضع حدود فاصلة بين مملكته وبقية الدول والإمارات المحيطة به.
وفي الوقت الذي كان الملك عبد العزيز يسعى جاهدا لتوطيد أركان حكمه وإعادة توحيد بلاده كانت بريطانيا تراقب بشكل دقيق تحركات هذا المناضل الشجاع وتأخذ بكل جدية ضرورة وضع حد فاصل بين مملكته ودول الخليج العربية التي كانت تخضع آنذاك للنفوذ البريطاني.
وسنلقي الضوء هنا بشكل مقتضب على انجازات المملكة العربية السعودية ونجاحها بكل اقتدار على التغلب على كل الخلافات الحدودية مع دول الجوار، وتسوية حدودها مع اشقائها من دول الخليج العربي على شكل اتفاقيات استطاعت بموجبها المملكة أن تقوي أواصر العلاقة والتعاون بين دول مجلس التعاون وأن تكسب رضا وود الجميع.
تسوية الحدود السعودية البحرينية
انسجاماً مع توجه القيادة في كل من المملكة العربية السعودية والبحرين لتقوية اواصر المحبة والاخاء بينهما اتجه البلدان لترسيم الحدود المشتركة وأكدا عزمهما على توطيد عرى الصداقة التاريخية التي تجمع بينهما وأعلنا في عام 1958م عن التوصل إلى حل نهائي لقضية الحدود والجرف القاري وبعض القضايا الأخرى المتعلقة بأمور السيادة والاستغلال المشترك للثروات الطبيعية.
ومن المعلوم أن الدولتين تتقابلان على الجانب الغربي للخليج العربي ويمتد خط الحدود بين الدولتين- كأول حدود يتم تعيينها في منطقة الخليج- لمسافة 110 أميال بحرية، تصل بين نقاط تربطها ببعضها البعض خطوط مستقيمة.
وتناول هذا الاتفاق المذكور تعيين حدود منطقة تقع بأكملها في الجانب السعودي من خط الحدود تعرف بمنطقة فشت أبو سعفة، وفيها تقوم حكومة المملكة باستغلال موارد الزيت وتتقاسم حكومتا الدولتين الإيراد الصافي الناتج عن هذا الاستغلال.
وقد أكدت المادة الثانية من هذه الاتفاقية (أن تقاسم الإيراد الصافي بين الحكومتين لا يمس ما للحكومة العربية السعودية من حق السيادة والإدارة على هذه المنطقة المذكورة أعلاه).
ومع أن هذه الاتفاقية التي وقعت في عام 1958م لم تواجه أية صعوبات من قبل الطرفين، إلا أنه يلاحظ أن الدوافع الاقتصادية كانت تقف وراء سرعة المصادقة عليها.
ومهما كانت الأسباب فإن هذه الاتفاقية تمثل تقدماً كبيراً في ترسيم الحدود ببين البلدين وعاملاً مشجعاً يمكن الاحتذاء به في تعيين الحدود بين المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول المجاورة.
والواقع أن الاتفاق السعودي- البحريني، الذي هو أول اتفاق تبرمه المملكة لتحديد حدودها البحرية يمثل نموذجاً رائعاً لما تمت به تسوية الحدود البحرية مع الدول المجاورة.. هذا الاتفاق تناول تنظيم الأوضاع المتعلقة بالمنطقة كجزيرتي لبينة الكبيرة، ولبينة الصغيرة، كما تناول تحديد وضع منطقة فشت أبو سعفه وذلك عبر مفاوضات ثنائية تنازلت خلالها البحرين عن جزيرة لبينة الكبيرة للمملكة في مقابل الاعتراف بسيادة البحرين على جزيرة لبينة الصغيرة بموجب الاتفاق وبهذا الإجراء الذي تم في ظروف ودية وأخوية تكون حكومتا البحرين والمملكة العربية السعودية قد حققتا سبقاً مهماً في مجال ترسيم الحدود ومهدتا الطريق لخلق ظروف صحية في التعامل بين الجارين الشقيقين. فمنذ تلك اللحظة التي تم فيها التوقيع على هذه الاتفاقية والعلاقات السعودية البحرينية تسير من حسن إلى أحسن، وكل المؤشرات تدل على أن هذه العلاقات سوف تتطور لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين.
تسوية الحدود السعودية القطرية
وفي عام 1965م توصلت كل من المملكة العربية السعودية وقطر إلى اتفاقية تم بموجبها تعيين الحدود البرية والبحرية بين البلدين.
وبموجب هذه الاتفاقية قسمت دوحة سلوى مناصفة بينهما وأصبح (جبل نخش لقطر، في مقابل بقاء هجرتي السكك وأنباك للمملكة) التي حصلت على اعتراف قطري بتبعية خور العديد لها.
كانت الخطوة التالية - بحسب هذه الاتفاقية- تثبيت الخط الحدودي الجديد على الأرض، غير أن ذلك لم يحدث آنذاك ومع أن اتفاقية 1965م قد أشارت في المادة (3) منها إلى ضرورة أن يعهد إلى شركة مساحة عالمية بمهمة القيام بمسح وتحديد نقط وخطوط الحدود بين البلدين على الطبيعة وفقاً لما جاء بهذه الاتفاقية وكذلك إعداد خريطة بالحدود البرية والبحرية بين البلدين. إلا أن تجاهل قطر وعدم اهتمامها بالموضوع ومحاولاتها المستمرة لزيادة رقعة أراضيها باتجاه السعودية قد قاد إلى سوء فهم وشجع على حدوث بعض المناوشات الحدودية المؤسفة وساهم في تأزيم العلاقات بين البلدين الشقيقين لفترة من الزمن.
وفي محاولة لتلافي سوء الفهم ووضع حد لهذه المشكلة سارع الطرفان- بوساطة مصرية- إلى عقد قمة ثنائية وقعا خلالها اتفاقاً في المدينة المنورة (1992م). ونص اتفاق المدينة المنورة كذلك على تشكيل لجنة مشتركة للاتفاق مجدداً على إجراءات الترسيم.
لقد واجه عمل اللجنة في البداية بعض الصعوبات وسط تكهنات بأن سوء فهم حصل على مساحة الأرض التي يأمل القطريون بالحصول عليها من المملكة. غير أن ذلك لم يمنع الطرفين من المضي في عملية تثبيت علامات حدودية على طول خط 1965م المعدل وبهذه الخطوة تكون الرياض والدوحة قد أنهيتا خلافاً حدودياً دام لفترة طويلة من الزمن.
ولا شك في أن وجود الدولتين ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي قد ساهم في وضع حد لهذه المشكلة وشجع على تقريب وجهات النظر المتباينة بين البلدين.
تسوية الحدود السعودية العمانية
وانطلاقاً من الرغبة الصادقة لكل من القيادتين في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وقع الطرفان في حفر الباطن أول اتفاقية لرسم خط حدودي مشترك يتفق بصورة عامة مع خط الرياض المعدل، وإن كان قد تردد أنها منحت الرياض ممرا غير سيادي إلى بحر العرب لقاء تنازلها عن مطالبها في ظفار.
وفي أيار-مايو 1991م تبادل الطرفان وثائق التصديق على اتفاقية الحدود الدولية بينهما، وبحلول آذار-مارس 1995م أنهت شركة ألمانية جميع أعمال تخطيط الحدود على الأرض، والتي يربو طولها على 650 ميلا، ووضع العلامات الحدودية بأحدث الطرق الفنية المتوافرة وبالتوقيع على هذه الاتفاقية تكون المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان قد أنهيتا خلافاً حدودياً استمر النقاش والجدل حوله فترة طويلة من الزمن. ولا شك في أن مثل هذا العمل قد ساهم في تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين وساعد على تمهيد الطريق للتوقيع على اتفاقيات مماثلة مع بعض الدول المجاورة.
تسوية الحدود السعودية الإماراتية
وفي عام 1974م اتفقت المملكة العربية السعودية مع الإمارات العربية المتحدة بموجب المعاهدة التي وقعت في جدة على حسم الخلافات الحدودية وإنهاء هذه المشكلة وفتح صفحة جديدة من التعاون المثمر والأخوي بين البلدين.
وبموجب هذه الاتفاقية التي ركزت على تعيين الحدود البحرية والبرية بين البلدين تعترف دولة الإمارات العربية المتحدة بسيادة المملكة العربية السعودية على جزيرة حويصات، وتعترف المملكة العربية السعودية بسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جميع الجزر الأخرى، المقابلة لساحلها في الخليج العربي.
بيد أنه على الرغم من أن جزيرة حويصات هي الجزيرة الوحيدة التي تتبع المملكة العربية السعودية في منطقة حدودها المشتركة مع دولة الإمارات العربية المتحدة فإن المملكة ? طبقا لأحكام المادة (2-5) من الاتفاقية- تتمتع بحق إقامة أية منشآت عامة على جزيرتي القفاي ومكاسب.
أما فيما يتعلق بموضوع السيادة المشتركة وقضايا الوصول إلى البحر العام فقد اتفق الطرفان بموجب ما جاء في المادة (3-5) على أن يتم تعيين الحدود البحرية بين البلدين على أساس العدالة التي تحقق للمياه الإقليمية الخاصة بذلك الجزء من إقليم المملكة العربية السعودية المجاور لإقليم دولة الإمارات العربية المتحدة والمياه الإقليمية الخاصة بجزيرة حويصات اتصالا حرا مباشرا بالبحر العام، وبحيث يراعى في تحقيق ذاك الصلاحية للملاحة العميقة بين البحر العام، وذلك الجزء المشار إليه أعلاه من إقليم المملكة العربية السعودية.
ويكون لكل من الطرفين المتعاقدين الساميين السيادة المشتركة على كامل المنطقة التي توصل- طبقا لحكم هذه الفقرة- بين المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية والبحر العام، مع ملاحظة أن مفهوم السيادة المشتركة على كامل المنطقة المذكورة لا يشمل تملك الثروات الطبيعية الكائنة في قاع البحر وما تحت القاع، حيث تظل تلك الثروات مملوكة لدولة الإمارات العربية المتحدة بصفة منفردة وذلك استثناء من حقوق السيادة المشتركة.
وبهذه الاتفاقية الواضحة المعالم تكون المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قد حققتا نصرا كبيرا في هذا المجال وفتحتا الطريق أمام علاقات أخوية وسلمية دائمة.
تسوية الحدود السعودية اليمنية
بادرت المملكة إلى اتخاذ خطوات إيجابية نحو اليمن، وخاصة فيما يتعلق بقضية الحدود التي كان النظام في اليمن يطالب بإعادة النظر فيها.
ومن هذا المنطلق فقد اتفق الطرفان (السعودية واليمن) في 10-3-1421هـ الموافق 12-6-2000م على التوقيع على معاهدة جدة الدولية التي تعتبر أحدث معاهدة دولية لترسيم الحدود بين البلدين.
وقد ورد في المادة الأولى من هذه الاتفاقية (تأكيد الجانبين المتعاهدين على إلزامية وشرعية معاهدة الطائف وملحقاتها بما في ذلك تقارير الحدود الملحقة بها. كما يؤكدان التزامهما بمذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في 27 رمضان 1415هـ).
نهاية موفقة لترسيم الحدود بين المملكة ودولة الكويت
(إنه يوم سعيد في تاريخ العلاقات بين البلدين الشقيقين)، بهذه الجملة وصف صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل -وزير الخارجية - لحظة توقيع اتفاقية ترسيم الحدود (في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين المملكة والكويت) يوم الأحد 2 يوليو 2000، والتي وقّعها سمو الأمير نيابة عن المملكة، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح نيابة عن الكويت في حفل بقصر (بيان)، وشهده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - ولي العهد آذاك، والأمير جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وأعضاء وفدي البلدين، وكبار المسئولين.
الاتفاقية تضع نهاية سعيدة لترسيم الحدود بين البلدين، وتنهي 80 عاماً من الاتفاقات المتعلقة بمسائل الحدود بينهما، و34 عاماً دار فيها الجدل حول الجرف القاري بين البلدين لتمثل تلك الاتفاقية نموذجاً يحتذى به بين الاشقاء العرب.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved