Saturday 22nd October,200512077العددالسبت 19 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

دفق قلمدفق قلم
أنت أيَّام
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

قال الحسن البصري: يا ابن آدم، إنما أنت أيام، كلَّما ذهب يوم ذهب بعضُك.
هكذا بعبارة مختصرة يستطيع هذا الإمام الجليل أن يحدِّد علاقة الإنسان بالزمن، وبالأيام التي يمضيها في هذه الحياة الدنيا، الإنسان أيَّام تمضي، كلَّما مرَّ منها يوم، مرَّ من عمر الإنسان جزء، والغافلون من بني البشر هم الذين لا يفكِّرون في هذه العلاقة بينهم وبين الأيَّام التي يقضونها.
لله درُّ الحسن البصري إمام أهل البصرة، وحبْرُ الأمَّة في زمانه، الفقيه الفصيح الشجاع الناسك الذي عظمت هيبته في قلوب الناس لأنه كان يعرف معنى قيمة الزمن، فلم يكن يحرق وقته في شيء من الباطل، ولهذا كان لا يخاف في الله لومة لائم.
قال الإمام الغزالي: كان الحسن بن يسار البصري أشبه الناس كلاماً بكلام النبوَّة، وأقربهم هدْياً من الصحابة، وكان غاية في الفصاحة، تتصَّبب الحكمة من فيه.
لله درُّ أبي سعيد، الحسن البصري الذي تلقَّى حكمته من مصادرها الصحيحة؛ كتاب الله، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيرة أصحابه الكرام، هكذا فهم الأيام فهماً موافقاً لفهم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهكذا قالها مختصرة مفيدة: (يا ابن آدم، إنما أنت أيَّام)، وهل تثبت الأيَّام على حال؟ وهل تستقر ساعاتها، وتتوقف دقائقها؟ كلا، إنها ذات رحلةٍ لا تتوقف، والإنسان راحل برحيلها لا يتوقف أبداً، ولهذا قالوا: من علامة المَقْت، إضاعة الوقت، ولاشك أنها خسارة هائلة لا يشعر بها الإنسان لأنها ليست ملموسة باليد.
إنَّ الزمن الذي نعيشه يتحدَّث إلينا، ولكننا لا نسمعه، لأننا عنه غافلون، وبصخب الحياة وضجيجها مشغولون.
يقول اليوم الذي نعيشه: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وأنا فيما تعمل عليك شهيد، فاعملْ فيَّ خيراً، أشهدُ لك غداً، فإني لو قد مضيت لم ترني أبداً، ويقول الليلُ مثلَ ذلك.
ما رأيك - أيها الإنسان - في مثل هذه الرسالة؟
ألا تشعر معها أنَّ أيامَكَ ولياليكَ كائناتٌ حيَّةٌ تشعر بك، كما تشعر أنت بها، ألا تستحق هذه الرسالة منك الاهتمام والعناية؟
تأكَّدْ أنَّ لسان الأيام، ينطق بأبلغ الكلام، وإنْ كنت لا تسمعه فلأنَّك لم تُصغِ إليه سَمْعَ قلبك المرهف، ولم توجِّه إليه عقلك توجيه المفكِّر المتأمِّل المتدبِّر.
قال محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو المعروف بمحمد ابن الحنفيَّة: إن الله سبحانه وتعالى جعل الجنَّةَ ثمناً لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها.
إشارة:


مسافرون، وهذا الكون رُبَّانُ
وفي الطريق مفازاتٌ وكُثبان

www.awfaz.com

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved